خاص - الوطن
ينبلج الصبح على دمار وتصدعات وضحايا ومصابين وفارّين من الموت، ومئات آخرين تحت الأنقاض في دولة ليست دولة هزات أو زلازل، بإمكانات وتقنيات متواضعة تجاه هذا النوع من الكوارث، وزِد على ذلك أننا محاصرون معاقبون ظُلماً وجوراً، لكنها حيّةٌ قوية ثابتةٌ بأبنائها ومؤسساتها.
- على الفور، تحركت مؤسسات البلاد بما تملك من كوادر وأدوات نحو مناطق الدمار والمُصيبة، في حلب وحماه واللاذقية في سباق عصيبٍ مع الزمن فأُنقذت مئات عشراتُ الأرواح من بين يديّ الموت الذي كان قريباً منها تحت الأنقاض.
- مع لحظات الصبح الأولى، يجتمع الرئيس بشار الأسد بشكل طارئ مع الفريق الوزاري بمقر مجلس الوزراء، واستثماراً للوقت، لم يطل الاجتماع كثيراً، وضع رئيس البلاد مع وزراء حكومته خطة التحرك الطارئة التي كانت حاضرة بجزءٍ منها لدى الوزراء، كلٌ بحسب اختصاص وزارته ومسار عملها وشكلت غرفة عملياتٍ مركزية فاستنهضت الدولة والمجتمع كل قدراتها اللوجستية والحركية والفنية.
- حوالي 180 بناء سُوّي بالأرض تقريباً وتحتها مئات الأشخاص في حلب (53)، اللاذقية (103) في اللاذقية، 4 في حماه، (18) بطرطوس. إضافة لمئات الأبنية المتصدعة التي فر منها قاطنوها.. أي تحدٍ تواجهه البلاد؟، أية محنة؟، أي ظرف هذا الذي نواجهه الآن؟؟
- على مدار الساعة واللحظة فرق الإنقاذ بما تملكه من إرادة وصدق يفوق كل التقنيات تعمل لإنقاذ المحاصرين. وخلف تلك الفرق مؤسسات ووزاراتٌ وجدت نفسها أمام امتحان لا مثيل لها، فكانت حاضرة تخطيطاً وتنظيماً وتنفيذاً ومتابَعة.. ولا مبالغة في هذا الكلام.. ولو كانت الصورة أو الواقع غير ذلك لكانت الكارثة في نتائجها أضعاف أضعاف ما نحن فيه اليوم. الأجهزة المحلية، الصحة، والخدمات، والشرطة والجيش، ومؤسسات التعليم، والنقل والطاقة، كلُّها تعمل بإيقاع منضبط وديناميكي لنتجاوز كارثتنا. وخلال ساعات كانت مراكز الإيواء جاهزة لاستقبال الفارين من أبنيتهم.
*وأما المجتمع بأفراده وجمعياته ومؤسساته المدنية الأهلية، فلم يكن أقل جدارة في الامتحان من مؤسسات الدولة، الغيرة والاندفاع والعطاء كانت سمة أبناء البلد وقطاعاته الأهلية، يتقاسمون المسؤوليات والأدوار لمواجهة النكبة، يقدمون ومازالوا المساعدات والتبرعات والأدوات والغذاء.
**كارثتنا كبيرة، وألمُنا عظيم.. لكننا أبناء هذا البلد ومؤسساته نجحنا في أخطر اختبار وتحدٍ وقطعنا شوطاً مهماً في مواجهته ومازلنا في عمقه وتبعاته، وبعيداً عن العواطف والتمنيات، جدير بنا أن نثق بمؤسساتها وبأنفسنا كمجتمع.