وقال السفير آلا في بيان أمام مؤتمر الاستعراض الإقليمي الثاني للاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية في المنطقة العربية: هذا المؤتمر يعقد في ظروف بالغة الحساسية والدقة تمر بها منطقتنا والعالم، فمواجهة المسار المتصاعد لموجات النزوح واللجوء والهجرة التي شهدها العالم على مدى عقود تستوجب معالجة العوامل الجذرية المؤدية لها، ودعم الجهود الوطنية الرامية إلى خلق بيئة تمكينية تسهل عودة اللاجئين والنازحين إلى دولهم ومناطقهم الأصلية.
وأعرب آلا عن الأسف لأن عالم اليوم لا يزال محكوماً بسياسات وممارسات تشكل عوامل رئيسية للهجرة غير النظامية والنزوح، من خلال إثارة الحروب والأزمات والاستثمار في المعاناة الإنسانية للنازحين واللاجئين.
وأوضح السفير آلا أن معالجة الأسباب المؤدية للهجرة غير النظامية المتزايدة في المنطقة العربية تكتسي أهمية قصوى، مع الأخذ بالاعتبار الأوضاع السائدة في دولها.
وأشار آلا إلى أن الحرب الإرهابية التي فرضت على سورية منذ عام 2011 إلى جانب الإجراءات القسرية الغربية قوضتا المنجزات التنموية التي تم تحقيقها، الأمر الذي انعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية في سورية ودفع بأعداد كبيرة من السوريين إلى الهجرة واللجوء إلى دول أخرى، بعد أن استضافت سورية على مدى عقود آلاف المهاجرين واللاجئين ووفرت لهم الملاذ الآمن والعيش الكريم.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى جامعة الدول العربية أن عودة المهاجرين والنازحين السوريين إلى وطنهم ومساهمتهم في جهود التعافي من الأزمة وإعادة الإعمار تمثل هدفاً أساسياً لسورية التي بذلت جهوداً كبيرةً في هذا المجال، من خلال العمل على إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، واتباع نهج التسويات والمصالحات المحلية، واتخاذ إجراءات وتسهيلات من شأنها المساهمة في توفير بيئة مواتية للعودة الكريمة للسوريين.
وأشار السفير آلا إلى أنه تم الاتفاق بين سورية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على ورقة عمل تم الإعلان عنها خلال أعمال الدورة الـ 74 للجنة التنفيذية للمفوضية، وتستمر سورية في العمل مع المفوضية بشأن تحقيق وصول إنساني أكبر وأوسع نطاقاً ووجود مرن وقابل للتنبؤ للمفوضية، وتعزيز قناة التواصل والتشاور معها.
وتابع آلا أن الإجراءات المتخذة في هذا المجال تشمل تسهيل وصول المواطنين السوريين المقيمين في الخارج إلى جميع الوثائق الرسمية، والتصديق على الوثائق المدنية والدراسية الممنوحة لهم في الخارج، وتبسيط الأنظمة والإجراءات المتعلقة بالسكن والأراضي والممتلكات.
وشدد السفير آلا على أن توفير بيئة مواتية لعودة السوريين إلى بلدهم يستلزم تعزيز الدعم الدولي للبرامج الإنسانية وبرامج التعافي المبكر وإعادة الإعمار في سورية دون انتقائية أو تسييس، ورفع الإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية المفروضة على شعبها، لكون هذه الإجراءات مسؤولة عن الصعوبات المعيشية والاقتصادية التي تحول دون عودة السوريين إلى بلادهم.
وبين السفير آلا أن الاحتلال الإسرائيلي كان ولا يزال السبب الرئيسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948، والعائق أمام تمكينهم من ممارسة حقهم بالعودة تنفيذاً للقرار 194 وغيره من القرارات ذات الصلة التي اعتمدتها الأمم المتحدة.
وأضاف آلا إلى أن التهجير القسري الممنهج للفلسطينيين يشكل أبرز الأهداف التي يسعى كيان الاحتلال إلى تحقيقها في حرب الإبادة الجماعية التي يشنها منذ تسعة أشهر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعلى امتداد الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي أسفرت عن تدمير ممنهج لمقومات الحياة في قطاع غزة، وتسببت بنزوح مليوني فلسطيني داخل القطاع محرومين من الحماية والرعاية والاحتياجات الإنسانية الأساسية، لدفعهم إلى النزوح القسري عبر الحدود.
ولفت السفير آلا إلى أن خلق مسارات هجرة نظامية آمنة وتنظيمها يحمل أهمية بالغة لمعالجة المعاناة الإنسانية الناجمة عن الهجرة غير النظامية التي تهدد حياة أعداد متزايدة من البشر، وتحولهم إلى ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر، خلال سعيهم للوصول إلى أسواق عمل وأوضاع معيشية أفضل، وهو الأمر الذي ركز عليه الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة، ما يتطلب إيلاء الاهتمام الواجب للخسائر التي تتكبدها الدول المصدرة من كوادرها البشرية المدربة والمؤهلة، وأغلبها من فئة الشباب ذات التعليم العالي والمتقدم، لجهة اتساع الهوة التنموية القائمة أصلاً بين الدول المستقبلة للمهاجرين وتلك المصدرة لهم، وتفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية.
وأعرب السفير آلا عن تطلع سورية إلى خروج مؤتمر الاستعراض الإقليمي الثاني للاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة بنتائج وتوصيات من شأنها المساهمة بانتهاج مقاربات وحلول مستدامة للمشكلات المتعلقة بالنزوح والهجرة في المنطقة العربية.
المصدر: وكالة سانا