هناك من قال إن "أمريكا كانت على بعد بوصتين عن الحرب الأهلية، لأن الرصاصة كانت على بعد بوصتين من قتل ترامب بإصابة في رأسه، ويضيف متسائل "ترى هل ستبتعد الرصاصة بعيداً عن إشعال الحرب الأهلية" أم إن مسافة البوصتين دليل على خطر اقتراب إشعالها، إذا جاء من يعبر هذه المسافة إلى الحرب الأهلية الكامنة تحت الانقسامات والصراعات؟.
افتتاحية "الواشنطن بوست" عزت كل ذلك إلى "السياسات السامة التي تبعتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة خاصة إدارة ترامب في مرحلته السابقة" والحقيقة أن هذه كلمة حق، لأن السياسات الأمريكية السامة، من تمييز عنصري، وفرض ضرائب على الطبقة الوسطى، ونشر الكراهية والحقد في الداخل، مع سياسات أكثر سمية نشرتها الإدارات المتعاقبة في الخارج، من غزو أفغانستان والعراق وليبيا، إلى كل ما نتج عن الربيع العربي من فوضى، كلها سياسات سامة، تدعو إلى الاحتقان والغضب والكراهية والانفجار في الداخل والخارج، المفارقة في أن محاول اغتيال ترامب أن ماثيو كروكس يعتبر من رعاع ترامب الذين كان يعلن افتخاره بهم في كل خطاب، حيث كان يخاطبهم من المنصة "إنني أفتخر بكم أيها الأولاد الأشقياء" وماثيو كروكس محاول الاغتيال الذي أطلق النار عليه، كان جمهورياً مسجلاً منذ سنتين ويعد من الـ"باد بويز"، وهكذا انطبق على ترامب أنه "طبخ السم فكاد يقضي بسميته".
ما يشير إلى أن الأمر لن يتوقف عند أذن ترامب التي أصيبت، بل سيتطور لما هو مفجع أكثر، أن ابن ترامب الأكبر "إريك" غرد على منصة "إكس" متهما الديمقراطيين بالتحريض على اغتيال أبيه، وهناك من كبار الجمهوريين من اعتبر أن بايدن أعطى الإذن بالاغتيال عندما قال قبل أيام "يجب التركيز على وضع ترامب في عين الثور لأنه خطر على الديمقراطية" وهناك من اتهم الإعلام واليسار بالتحريض على اغتياله، ونسي الجمهوريون أن ترامب بنفسه هو من دفع وحرض على العنف والهمجية باقتحام الكونغرس عبر دفع الأولاد الأشقاء للهجوم على رمز الديمقراطية الأمريكية، ألم يعتبر ترامب أن الـ" باد بويز" جيشه، إنها حالة نموذجية من إشعال النار السياسية تحت حطب الحرب الأهلية، خاصة وأن بعض مؤيدي ترامب استحضر قول رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو بعد نجاته من محاولة اغتيال، حيث قال مخاطباً خصومه وجمهوره "آسف أنني لم أمت وأعتذر منكم لعودتي لإكمال ما أنوي عمله".
المصدر: صحيفة تشرين