الإجرام ليس نصراً !!‌‌‏ .. كتب د. فؤاد شربجي

الأربعاء 9 أكتوبر 2024 - 12:23 بتوقيت غرينتش
الإجرام ليس نصراً !!‌‌‏ .. كتب د. فؤاد شربجي

في الأيام الأخيرة صار يتفاخر نتنياهو بجنونه، معتبراً أن ما يمارسه من إجرام في لبنان بعد ‌‏غزة يعد إنجازاً أو "نصراً لـ "إسرائيل"، متناسياً أو من منكراً حقيقة الواقع الذي تعيشه "إسرائيل" ‏بما ‏تفعله في المنطقة، وإذا كانت أعمال "إسرائيل" من تدمير وقتل وتشريد في لبنان وغزة ‏والضفة "‏إنجازاً" ضد العرب ودول الجوار والمنطقة، فإنها وبقدر أفظع هي تهديد ونسف ‏للأمن في "‏إسرائيل"، وكسر لأي أمان يحلم به "الإسرائيليون"، ببساطة، نتنياهو خلال عام ‏أظهر هوية "إسرائيل" ‏الإجرامية.

وأكسب الكيان "الإسرائيلي" ماركته كمجرم إقليمي ودولي، ‏وفتح على "الإسرائيليين" ‏وشرع ضدهم كل أشكال المقاومة، ما أفقدهم الأمن والأمان، خلال ‏عام كسب نتنياهو عار ‏المجرم، وأفقد كيانه المحتل وشعبه وأهله الأمن والأمان.‌‌‏ ‏

 مع بدء عدوانه الإبادي ضد غزة، قال نتنياهو إن "إسرائيل" تقوم بتغيير المنطقة" وبعد عام ‏من ‏جرائمه ضد غزة ولبنان، فإن الواضح كما قال أحد الكتاب، إن "المنطقة بمقاومتها هي ‏من يغير ‏"إسرائيل"، وبدل أن يحقق نتنياهو لشعبه الأمن والأمان من جراء حربه، حول حياة شعبه ‏إلى رعب ‏وهلع وصار الملجأ حلم كل "إسرائيلي"، وتحولت المخاطر من محيط "إسرائيل" ‏وجوارها، إلى خطر ‏داخلها، وتهديد يعيش بين "الإسرائيليين"، وكل يوم صارت تقصف المناطق ‏"الإسرائيلية" بعشرات إن ‏لم يكن بمئات الصواريخ، والعمليات في الضفة تتجدد وتتمدد وتصل ‏إلى "تل أبيب"، وهكذا بدلاً من ‏أن تقوم حرب نتنياهو وعدوانه بتغيير المنطقة لتحقيق الأمن ‏لـ "إسرائيل"، أنتجت هذه الحرب ‏العدوانية الرعب والهلع والخوف، ليعيش "الإسرائيليون" في ‏كابوس لا ينتهي، كسب نتنياهو وأكسب "‏إسرائيل" عار الجريمة، ودفنها في رعب وخوف ‏وقلق لا ينتهي، حتى لو تفاقمت جرائمه في غزة ‏ولبنان.

‌‌‏ ‏
لا يمكن لـ "إسرائيل" أن تنتصر مهما أوغلت في الدم والتدمير والتشريد سواء في لبنان أم في ‏غزة، ‏والإنجازات التي تحققها من جراء جرائمها ليست إلا إنجازات "تكتيكية" لا تنتج "نصراً ‏إستراتيجياً"، ‏وهذا ما يلاحظه المتابعون والدارسون العرب والأجانب، وعلى سبيل المثال فقد ‏كتب بالأمس ‏الكاتب الأميركي المؤيد لـ "إسرائيل" توماس فريدمان في نيويورك تايمز أن لا ‏يمكن لـ "إسرائيل" أن ‏تنتصر في حربها من دون أن تعلن إقرارها وموافقتها على إقامة دولة ‏فلسطينية ضمن حل الدولتين، ‏كما يقر كثير من محللين وكتاب "إسرائيليين" أن "إسرائيل" لا ‏تنتصر، حتى إن متعصباً ومجرماً كـ ‌‏"غيورا إيلاند" كتب بالأمس لن تحقق "إسرائيل" ‌‏(النصر المطلق في غزة وكذلك في لبنان ‏والمقاومة لن تستسلم وسيكون هناك دائماً من ‏سيواصل إطلاق النار»، ويؤكد أيلاند أن "استمرار ‏القتال على الجبهة لا يخدم مصلحة "‏إسرائيل" لذلك من الصائب أن تنفتح "إسرائيل" أمام ترتيبات ‏سياسية على جهتي غزة ‏ولبنان، آيلاند هذا ليس مناصراً للمقاومة، وليس قومياً عربياً، وليس من ‏محور المقاومة، إنه ‏صهيوني متعصب، وهو لواء احتياط في جيش العدو، ورئيس مجلس الأمن ‏القومي السابق، ‏ورئيس قسم العمليات، أي إنه من أعتى المتطرفين ومع ذلك يقر أن لا جدوى من ‏الحرب، ‏وإنه لا يمكن لـ "إسرائيل" أن تنتصر، ودعوته إلى فتح الأبواب للسياسة اعتراف منه بفشل ‌‏الحرب، والفشل هنا هزيمة من نوع خاص، لاسيما أنه فشل في تحقيق الأمن لـ "الإسرائيليين"، ‏وعدم ‏إكسابهم إلا عار الإجرام والإبادة.‌‌‏ ‏
‌‏بعد عام من حرب الإبادة التي يقوم بها الكيان المحتل، لم يعد أمامه إلا الإقرار بحقوق الشعب ‏الفلسطيني الوطنية، ‏وتمكينه من إقامة دولته ذات السيادة الكاملة على أراضي 67، وعاصمتها ‏القدس الشرقية وليس ‏أمام المنطقة ودولها بعد كل ما تكشف عن طبيعتة الإبادية والمجرمة ‏والنازية إلا أن تتهيأ ‏لمواجهة هذا الإجرام المتمادي والمتجدد، خاصة وهي تستمر في عدوانها ‏الذي يهدد الجميع ‏ويزعزع الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم.‏

المصدر: صحيفة تشرين

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019