ومن المهارات الحاسمة للحفاظ على الصحة العقلية والنفسية واتخاذ القرارات الحكيمة؛ معرفة الإشارات التحذيرية للتحليل الزائد وتعليم كيفية إيقاف هذه الحلقة المدمرة.
يقول المختص في الطب النفسي الدكتور وائل المومني: إن الإفراط في التحليل يشير إلى التفكير المفرط في التفاصيل والتحليل الزائد للأمور، ويمكن أن يتسبب بمشاكل نفسية. ويظهر ذلك في التوتر المستمر، والقلق الزائد، وفقدان السيطرة على الأفكار.
أعراض وأسباب
يمكن التوقف عن التحليل الزائد من خلال تطوير الوعي الذاتي وتقبل عدم الكمال أحياناً، وذلك وفقا للمومني الذي يضيف أن الإفراط في التحليل يمكن أن يُعرّف بتفكير مفرط في التفاصيل اليومية، وقد ينجم عن اضطرابات القلق أو التوتر أو الوسواس القهري.
ويتابع: يمكن أن تظهر أعراض التحليل الزائد في تجنب اتخاذ القرارات والشك الدائم، وآثاره تتضمن انخراطا زائدا في التفكير السلبي، مما يؤثر سلبا في الصحة العقلية.
ومن بين الأسباب المحتملة للإفراط في التحليل الضغوط الحياتية والخوف من اتخاذ القرارات، ويتجلى ذلك في الانخراط الزائد في تفاصيل الأمور والتفكير المتكرر حتى في الأمور البسيطة.
وللتغلب على هذه المشكلة، من المفيد التركيز على التدريب العقلي مثل التأمل وتقبل عدم الكمال، ويمكن البحث عن دعم من الأصدقاء أو الاستعانة بمحترفين في الصحة النفسية، إذ إن إدارة الضغوط وتقليل التفكير المفرط في التفاصيل يسهم في تحسين الصحة النفسية.
المبالغة في التفكير
ومن جانبه يقول المستشار الأسري الاجتماعي مفيد سرحان: الأصل أن يفكر الإنسان بكل عمل يريد القيام به ويدرسه من جميع الجوانب، خصوصا إذا أراد أن يتخذ قرارات مهمة. لكن بعض الأشخاص يبالغون في التفكير والتحليل وطرح تساؤلات وإثارة قضايا وتفصيلات وتخوفات مبالغ فيها كثيرا.
ويتابع: غالبا ما يكون مثل هؤلاء الأشخاص لديهم درجة عالية من حساسية الشخصية، ويبحثون عن قرارات مثالية، وقد يكون ذلك عائدا لطبيعة الشخصية، أو لتجارب قرارات سابقة كان الأثر السلبي لها كبيرا على حياته.
ومن أكبر الأخطاء أن يصرف الإنسان وقته في التفكير بأمور بسيطة ليست ذات قيمة أو أهمية، وفق سرحان، أو أن يستغرق جل وقته في التفكير في أمور سابقة لا يفيد التفكير فيها طوال الوقت، بل إن ذلك يسبب القلق وربما الخوف من اتخاذ قرارات.
التضخيم يتحول إلى سلوك
ويرى المستشار سرحان أن المبالغة أو التهويل أو التضخيم أسلوب معتمد ونمط تفكير عند بعض الناس، وسواء أكان مقصودا أم غير مقصود، فإن الأثر السلبي يقع ليس فقط على الشخص متخذ القرار بل على آخرين أيضا.
ويوضح أن التضخيم يؤدي إلى إبعاد الأمر عن حقيقته والتعامل مع شيء مختلف عما هو على أرض الواقع، وربما أن هذا الأمر الجديد لا يرتبط بالقضية الأساسية إلا من حيث المسمى. وقد يتحول ذلك عند البعض إلى أسلوب وسلوك يغلب على جميع تصرفاته وفي جميع الظروف.
ومن الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى تهويل الأمور وعدم القدرة على التشخيص الصحيح ضعف الخبرة أو لنقص المعلومات أو عدم القدرة على التعامل معها، بحسب سرحان.
ويلفت إلى أن تضخيم الأمور يسبب مشكلات كثيرة للشخص، منها زيادة التفكير وقلة التركيز، كما تؤدي إلى ضعف الإنتاج والإنجاز في العمل. والآثار السلبية لا تتوقف على الشخص نفسه بل إلى الأسرة وزملاء العمل والأصدقاء، حيث إن سلوك الإنسان يؤثر على غيره.
التغلب على التحليل المفرط
وللتغلب على التحليل المستمر أو الإفراط فيه نشر موقع "بيفو سنسيت" خطوات عديدة تساهم في التوقف عن هذا السلوك السلبي، ومنها:
إدراك أن الوقت الذي تنتهي فيه من التحليل هو الخطوة الأولى نحو تغيير هذا الاتجاه؛ راقب أفكارك وسلوكياتك عن كثب، خاصة إذا وجدت نفسك تقع في حلقة من التفكير التحليلي المفرط، وتعلم كيفية التعرف على الإشارات والمواقف التي تسبب الإفراط في التفكير، فالوعي الذاتي أمر ضروري لبدء التحول.
اختر المعرفة الضرورية حقا لفهم موقف ما أو لاتخاذ قرار، ثم ركز على ذلك فقط، وابتعد عن جمع الكثير من المعلومات التي قد لا يكون لها تأثير كبير على اختيارك أو فهمك بهدف تحقيق التوازن بين الحفاط على الوعي والابتعاد عن المعلومات الزائدة.
امنح تحليلك وقتا محددا مقدما، فعند النظر في مسألة ما أو التوصل إلى خيار امنح نفسك فترة زمنية معينة، فهذا الحد الزمني يمنعك من التفكير باستمرار ويدفعك إلى أن تكون أكثر إنتاجية، وبعد انتهاء الوقت المخصص اتخذ قرارا والتزم به.
قم بإعادة توجيه انتباهك عمدا إلى أي شيء آخر، فإذا رأيت نفسك تتعمق في التحليل المفرط، اتبع نظاما للتمارين الرياضية، أو ركز على تقنيات التنفس العميق، أو خصص لنفسك قضاء وقت ممتع، فقد تمنحك هذه الأنشطة استراحة ذهنية وتعيد تركيز انتباهك مؤقتا في مكان آخر.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية