وأضافت أن القانون أعطى مزايا كبيرة ومميزة للقطاع الزراعي مقارنة بالقطاعات الأخرى على اعتبار أنه مدخل للصناعات الغذائية، ويرتبط بالأمن الغذائي على وجه التحديد، كما أن هناك تكاملاً مع البرامج الأخرى مثل برنامجي إحلال بدائل المستوردات ودعم أسعار الفائدة، لافتة إلى أن هذه الإجراءات كافة تؤمن البيئة اللازمة لنهوض القطاع الخاص في مجال الصناعات الغذائية.
وأشارت أحمد في حديث لها خلال ورشة عمل «متى يكون الاستثمار مفيداً للاقتصاد الوطني- الاستثمار في مشاريع الصناعات الغذائية- اعتبارات الكفاءة والفعالية بين القطاعين العام والخاص» إلى أن وزارة الاقتصاد لحظت تصدير الصناعات الغذائية فأحدثت برامجاً لدعم التصدير وقدمت من خلاله حوافز مستمرة تصل إلى 7 بالمئة، مؤكدة أنه يتم إجراء الكثير من الجلسات الحوارية مع الصناعيين لأن القطاع الغذائي أثبت قدرته على حمل الاقتصاد السوري سواء قبل الحرب أم خلالها.
وتساءلت عن مدى صحة تنافسية العلاقة بين القطاعين العام والخاص، ولاسيما أن الكثير من الرؤى تقول إن القطاع العام يجب أن ينسحب من الكثير من المجالات التي أثبت القطاع الخاص وجوده فيها بكفاءة وفعالية، حيث لم يعد هناك جدوى لوجود القطاع العام فيها لأن القطاع الخاص يستطيع أن يستحوذ على حصص سوقية محلية وخارجية، وأن ينهض بكفاءة وجودة، وأن تذهب الدولة إلى القطاعات التي تحتاج أن تمارس فيها مسؤولياتها تجاه المواطنين، ولاسيما بوجود عبء كبير على الحكومة لتأمين الكثير من الخدمات الأساسية الضرورية كالتعليم والصحة والقمح وغير ذلك، متابعة: «وحسب هذه الرؤى، هناك تساؤلات كثيرة من قبيل ما مدى صحة بقاء الدولة ضمن حيز الصناعات الغذائية، وما مدى ضرورة أن تنسحب جزئياً منها، وكم يجب أن يكون حجم هذا الانسحاب؟».
ومن جهة أخرى، أكدت أحمد ضرورة مقاربة وجهات النظر للوصول إلى دور الدولة وشكل الاقتصاد السوري، فمن غير الضروري أن يكون نسخة عن رأي أو توجه معين بل يجب أن يخضع للخصوصية السورية مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وأفكار الأكاديميين والمختصين، كما هي الحال في الصين على سبيل المثال التي تعتبر أن هوية اقتصادها اشتراكياً ذات خصائص صينية.
إلى ذلك، وحول القرارات التي تصدرها وزارة الاقتصاد بمنع تصدير مواد زراعية معينة، أوضحت أحمد أن القرارات تؤخذ بناء على التشاركية مع القطاع الخاص وجهات القطاع العام، فعندما ترسل جهة ما كتاباً في وقت متأخر إلى وزارة الاقتصاد بوجود مشكلة بتوافر مادة البطاطا على سبيل المثال، تعقد الوزارة اجتماعاً لتأخذ القرار المناسب بالتشاركية، لذا لا يجب القول إن وزارة الاقتصاد أصدرت قراراً مفاجئاً، أو إنها تتردد بقراراتها ما يؤثر في الأسواق، موجهة حديثها لاتحادات غرف التجارة والفلاحين والوزارات المعنية بضرورة قراءة الواقع والتنبؤ قبل فترة من وقوع المشكلة، كي لا تصل الأمور إلى مرحلة القرار المفاجئ.
وقالت: «نحن كوزارة اقتصاد نؤمن أن التصدير هو قاطرة نمو الاقتصاد السوري، كونه يؤدي إلى تأمين القطع الأجنبي وتنمية كل القطاعات المرتبطة به، فعندما يتوقف التصدير يخسر المزارع وخاصة أن جزءاً كبيراً من المزارعين يزرعون من أجل التصدير، لذا فالوزارة لا تكون مسرورة بقرارات منع التصدير لفترات مؤقتة، ولكن هذا الأمر يعد اضطرارياً».
وأكدت أن التصدير ازداد بنسبة مهمة جداً خلال عام 2023 مقارنة عن العام الذي سبقه، حيث وصلت المنتجات السورية إلى نحو 103 دول.
معاون وزير الصناعة أيمن خوري، أكد أن القطاع العام أنشأ معامل في الصناعات الغذائية نتيجة الحاجة لذلك خلال فترة معينة من الزمن، لكن نتيجة للظروف الراهنة لم تستطع تطوير هذه المعامل، فيوجد لديها إشكاليات تعاقدية تمنعها من تطوير نفسها، مطالباً القطاع الخاص بمساعدة الحكومة لزيادة إيراداتها من القطاع العام الصناعي من خلال إحداث خطوط إنتاج في هذه المعامل لتنمية منتجاتها وتعظيم واردات الدولة.
وأكد خوري أن الحكومة مستعدة للتشاركية مع القطاع العام في بعض مؤسساتها التي تحتاج ذلك، على اعتبار أن هذا الأمر يرفع إيرادات تلك المؤسسة، ويدفع للتفكير باستثمارات أخرى وتطوير العمل.
رئيس هيئة الاستثمار السورية مدين دياب، أكد أن الموارد السورية محدودة بسبب الحرب، لذا يجب إعادة ترتيب الأولويات لإدارة الموارد بشكل أفضل كقطاع خاص وقطاع عام، فلا بد من توجيه الاستثمارات للاقتصاد الوطني بما يحقق قيمة مضافة مميزة، إذ يجب تحديد الفرص الاستثمارية التي يجب منحها للقطاع الخاص التي تشكل قيمة كبيرة بما يحقق التنافسية، ولاسيما تلك التي تتميز بها سورية والتي يمكن من خلالها تثبيت المكانة التنافسية للصناعات الغذائية السورية، مشيداً بالمزايا التي يمنحها قانون الاستثمار الجديد لهذه الصناعات إلى جانب البرامج الأخرى، معتبراً أن تصدير المنتج الزراعي السوري الخام يعتبر خسارة للاقتصاد السوري.
رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية غزوان المصري، اعتبر أن مشكلة الصناعات الغذائية تكمن في قلة توافر الخامات الزراعية المطلوبة بشكل كبير، لذا يجب دعم الزراعة بشكل أكبر، فكل ما يزرع اليوم يصدر، مؤكداً أنه ليس مع التنافسية بين القطاعين العام والخاص، ولاسيما في قطاع الصناعات الغذائية، لعدة اعتبارات منها أن القطاع الخاص قادر على التصدير في حين القطاع العام لا يقدر على ذلك، لذا يجب أن تكون العلاقة بين هذين القطاعين تشاركية وأن يتم العمل على قرار واحد، مع الحفاظ على مصانع القطاع العام، فالقطاع الخاص قادر على القيام بالمهمة بنفسه، فهو أثبت خلال الظروف أنه قادر على تجاوز العقوبات فخلال 13 عاماً لم تنقطع أي مادة من الأسواق، في حين لا يستطيع القطاع العام إجراء أي مناقصة خارجية.
رئيس اتحاد غرف التجار محمد أبو الهدى لحام، بيّن في معرض مداخلته أن البضائع السورية بدأت بالوصول إلى دول أوروبا وكندا وأميركا، رغم الصعوبات الموجودة والظروف القاهرة، وذلك بسبب جودة المنتجات الغذائية السورية.
مدير اتحاد غرف الزراعة السورية يحيى محمد، بيّن في مداخلة له أن القطاع الزراعي يعد حجر أساس في قطاع الصناعات الغذائية الذي يعتبر ضامناً للمنتِج لكونه أحد المنافذ التسويقية المهمة، كما يعد فرصة مهمة لخلق قيمة مضافة للمنتج الزراعي ما يعطي هامش ربح ومردودية أفضل، وهذا ما يؤمن استمرارية المنتج، كما يجب أن يكون موجهاً وراسماً للخطة الزراعية بما يخص المحاصيل التي تدخل في عملية الإنتاج، متابعاً: «ولكن كل مشاكل القطاع الزراعي اليوم تنعكس بشكل أو بآخر على قطاع الصناعات الغذائية، فأحياناً تخرج صناعة كاملة عن العمل نتيجة وجود خلل في بنية القطاع الزراعي، ويجب الإشارة إلى أن كلف الإنتاج العالية تؤثر بشكل كبير في المنتج الصناعي وقدرته التنافسية في الأسواق الخارجية، كما يوجد هناك عزوف كبير من المزارعين عن الاستمرار بالإنتاج نتيجة الخسارات المتتالية، بسبب الانخفاض الحاد بالقدرة الشرائية على صعيد السوق المحلية، إذ يوجد الكثير من المحاصيل واجهت كساداً بسبب ذلك».
وفي السياق، أشار محمد إلى أن القطاع الزراعي يعاني بشكل كبير موضوع التمويل، فالجهة الوحيدة الممولة للنشاطات الزراعية هو المصرف الزراعي الذي لا يغطي كامل احتياجات القطاع ولا يملك المرونة المناسبة لزيادة إنتاج القطاع الزراعي، فكما هو معروف بالقطاعات الاقتصادية يوجد أشكال تمويل غير رسمية تعد أهم من التمويل الرسمي، كالصناعي والتاجر وسوق الهال ومراكز بيع مستلزمات الإنتاج الزراعي، علماً أن هذه المصادر تؤثر بشكل كبير في زيادة الإنتاج وكميته ونوعيته، وقد انخفضت إلى الحد الأدنى بسبب الخسارات الكبيرة للصناعيين والزراعيين والتجار نتيجة تغير سعر الصرف وارتفاع هوامش المخاطرة على اعتبار أن الإنتاج الزراعي لا يعد إنتاجاً فورياً وإنما يحتاج إلى أشهر عديدة لاسترداد مبالغ التمويل.
وتابع: «كما يوجد هناك نقص كبير بتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي، فمثلاً لا يستطيع المزارع تأمين سماد اليوريا بالسعر الحكومي ويحتاج إلى شرائه من السوق السوداء، فيضطر إلى دفع تكاليف إضافية تصل إلى 50 بالمئة عن السعر الرسمي، لافتاً إلى أنه كانت حاجة سورية من هذا السماد 600 ألف طن قبل الأزمة، في حين لا يصل اليوم أكثر من 40 ألف طن إليها»، مشيراً إلى وجود مشكلة أخرى تخص مستلزمات الإنتاج تتعلق بارتفاع أسعار البذور الهجينة، فمثلاً تستورد سورية عادة 17 ألف طن من بذار البطاطا، في حين لم يصل خلال العام الحالي أكثر من 8 آلاف طن، بسبب التمويل ووجود مشاكل بتعامل الشركات الدولية مع سورية، وهذا ينذر بنقص في مادة البطاطا خلال الفترات القادمة.
وأكد محمد وجود مشكلة في البنية التشريعية التي تنظم العلاقة بين المنتج والمصنع، مقترحاً ما يسمى بالزراعة التعاقدية التي تعد أحد الأغطية القانونية للتعاقد بين المنتج والصناعي.
وفيما يخص الأسواق الخارجية، انتقد محمد القرارات الحكومية التي تصدر بمنع تصدير بعض المنتجات الزراعية، لأن هذا يعرقل عملية التصدير ويؤدي إلى خسارة الأسواق الخارجية التي تكون مفتوحة، وتضطر إلى الاستعاضة عن المنتج السوري بمنتجات أخرى، كما أن ذلك يؤدي إلى عزوف المنتج عن الإنتاج.
المستثمر أنطون بيتنجانة، أشار إلى أن السوق السورية فيها الكثير من الميزات ولاسيما بالنسبة لصناعات الأدوية والألبان والأجبان والقمح والمعكرونة والكونسروة، مشيراً إلى ضرورة تقديم الدعم الحكومي للصناعات الغذائية لجلب الاستثمارات، وأن تكون الحكومة كريمة أكثر مع المستثمر أسوة بالدول الأخرى كالسعودية والإمارات.
وعلى هامش الاجتماع، أكد رئيس اتحاد غرف الصناعة غزوان المصري في تصريح خاص لـ«الوطن» أهمية هذا النوع من الحوارات للتوصل إلى قرارات مهمة، وكأن الحكومة تفتح يدها للحوار والتشارك، ما ينعكس بشكل إيجابي وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحتم التشاركية بين القطاعين العام والخاص، مؤكداً أن أي خلل موجود بالمعامل الحكومية ممكن دعمه من قبل القطاع الخاص بالتشاركية، واصفاً المرحلة الحالية بأنها مهمة جداً وتحتاج إلى شفافية بالحوار بسقوف عالية، لذا سيكون هناك جلسات أخرى مقبلة من هذا النوع في حمص وحلب لمناقشة الاستثمار في مجال القطاع النسيجي.
رئيس هيئة الاستثمار مدين دياب، أشار في تصريح خاص لـ«الوطن» إلى أن قطاع الصناعات الغذائية يعد من أكثر القطاعات من ناحية إجازات الاستثمار الممنوحة، إذ يوجد نحو 20 مشروعاً بتكلفة تتجاوز 500 مليار ليرة، وتوزعت هذه المشاريع على أغلب المحافظات وبالأخص محافظة حماة، مؤكداً الدعم الموجه للصناعات الغذائية لأن ذلك ينعكس على تحسين المستوى المعيشي وتوفير السلع للمواطنين بسعر مناسب وجودة عالية، إضافة إلى أن هذه الصناعات تعد مكثفة للعمالة، وخاصة أن سورية بالأساس بلد زراعي.
وأشار إلى أنه تم التنسيق مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة لإحداث كل المناطق الصناعية الموجودة على المخطط التنظيمي التي تلبي كل احتياجات الصناعيين ولجميع القطاعات، وقد تم إصدار قرارات بإحداث عدة مناطق صناعية في محافظة طرطوس لتليها محافظة حمص وعدة محافظات أخرى.