المبدع الأول
وقالت مشوّح في تصريح لوسائل الإعلام "يندرج المعرض ضمن التزام الحكومة السورية الترويج لصنعة الزجاج المنفوخ الذي أدرج مؤخراً على قوائم التراث اللامادي الإنساني، وعلى وجه الخصوص لإبراز الدور السوري الحضاري في صناعة الزجاج، وقد اكتشفت مادة الزجاج في سورية في إيبلا في الألف الرابعة قبل الميلاد وربما قبل ذلك، وقد تتالت العصور على صناعتها وتبدل نمط صناعتها بتبدل المواد والطرق".
وأكدت مشوّح أن سورية كانت المبدع الأول لصناعة الزجاج وتلوينه ونقل هذه الصنعة إلى أنحاء العالم كافة، مبينة أن القطع المعروضة تعد ثروة وطنية وثروة للباحثين وثروة لتاريخ صناعة الزجاج علاوة على وجود عدد كبير من القطع النادرة في عهدة المتاحف الوطنية السورية.
كما صرحت بأن المديرية العامة للآثار والمتاحف بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما تقومان بالتحضير لمجموعة من الأفلام الوثائقية تكون حول قصص التراث، وبالطبع سيكون الزجاج المنفوخ من ضمنها.
وختمت "المعرض في منتهى الروعة يحتوي على قطع نادرة من المهم جداً على المشاهد أن يتفحصها عن قرب ويقرأ عنها".
قطع استثنائية
من جانبه مدير الآثار والمتاحف محمد نظير عوض صرّح بأن المعرض على درجة عالية من الأهمية ولاسيما بعد أن أدرجت صنعة الزجاج المنفوخ على لائحة التراث العالمي، مبيناً أن المعرض الذي أقيم للزجاج قبل ذلك ربما كان في عام 1964، وهذا المعرض استمرار لعدد من الأنشطة التي أقامتها وزارة الثقافة بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف.
وأفاد بأن المعرض يتطرق إلى تاريخ صنعة الزجاج وطرقه والتغييرات التي طرأت عليه في سورية بدءاً من إيبلا إلى أوغاريت وباقي العصور مروراً بالفترة الرومانية والإغريقية ووصولاً إلى الفترة الإسلامية التي بلغت فيها صناعة الزجاج أوجها في دمشق وحلب والرقة، وبلغت تطوراً كبيراً بعد أن ابتدع السوريون صناعة الزجاج بوساطة النفخ خلال فترة أقدم من ذلك باستخدام المادة الأولى في تصنيع الزجاج ولاستخدامه أيضاً في عملية صناعة الخزف، وقد عرضنا ما لدينا من قطع استثنائية من مجموعات المتحف الوطني في دمشق، كما لا يمكننا أن ننسى وجود قطع لا تقل أهمية عن القطع المعروضة اليوم من قطع زجاجية مختلفة الألوان والأحجام وأدوات مختلفة مما اكتشف في إيبلا وأوغاريت والفترة الإسلامية.
إرث ثقافي
في كلمة لـ"الوطن" أوضحت أمينة المتحف الوطني ريما خوام أن المعرض يعد من أهم المعارض في عام 2024 وتكملة لاحتفاليات النشاطات الثقافية بمناسبة يوم المتاحف العالمي.
نحن اخترنا عدداً من القطع والمنتجات الزجاجية منذ الألف الثانية وصولاً إلى القرن التاسع عشر وهذه القطع من مقتنيات المتحف الوطني بدمشق لتعرفنا على تطور الزجاج السوري ومراحله كإرث ثقافي منذ القدم، لم تأخذ بعد مسمى الزجاج، وإنما المنتجات الزجاجية، وعليه فهي لا يمكن للمشاهد رؤية البريق المتعارف عليه للزجاج وإنما سطح خشن.
وركزت على أن أقدم التحف المعروضة تعود إلى الألف الثانية قبل الميلاد وبعضها الآخر أصلها ممالك معروفة جداً مثل ماري وأوغاريت.
قطع أثرية
وقد بينت أمينة متحف آثار الشرق القديم ليلى السماك أن المعرض مميز جداً، لأنه يكشف الأصول والجذور الحضارية لعجينة الزجاج، وقد جرى عرض مجموعة من القطع الأثرية اليوم التي تنتمي إلى آثار عصور الشرق القديم وعصور البرونز التي تعود للألف الثانية قبل الميلاد وكذلك مجموعة معروضات للآثار التي تنتمي للفترة الكلاسيكية، وكذلك عدد من المعروضات التي تعود للفترة الإسلامية.
وكشفت السماك أن هناك إحدى عشرة قطعة من آثار الشرق القديم من العجينة الزجاجية القديمة التي كانت تعد القوام الأساسي لصناعة الزجاج، وهي كانت تؤخذ من الأرض السورية مع وجود اختلافات بنسبة الأكاسيد المعدنية وتقنيات التصنيع، وعليه ينتج شكل معين من أشكال الأواني المعروضة.
حرفة أصيلة
كما أشارت أمينة المتحف الإسلامي نيفين سعد الدين إلى أن القطع المعروضة المسؤولة عنها تنتمي إلى الفترة الإسلامية وأن المكتشفات بدأت تظهر منذ الفترة العباسية وانتهت عند الفترة العثمانية منوهة بأن حرفة الزجاج في سورية هي حرفة أصيلة توارثتها الأجيال من الأجداد، وبعد أن أدرجت صناعة الزجاج المنفوخ على لائحة التراث العالمي، فإن ذلك يعد فرصة مواتية لعرض القطع النادرة والاستثنائية التي يحويها المتحف ومعظم المعروضات تمتد من الألف الثانية قبل الميلاد إلى القرن التاسع عشر.
ولفتت سعد الدين إلى أنه خلال الفترة الإسلامية تطورت صناعة الزجاج وازدهرت تقنياتها وأنماطها وطريقة التصنيع والمواد المستخدمة فيها، وكل حقبة زمنية لها مدلولاتها المعينة ومن خلال نمط التصنيع والعجينة والزخرفة يمكننا معرفة الورشة التي تنتمي إليها القطعة سواء حلب أم دمشق أم الرقة.
لمحة خاطفة
كما تعد منطقة بلاد الشام من أعرق المناطق في صناعة الزجاج التي راحت تتطور وتتقدم خلال فترة الفتح العربي والعصر الإسلامي ولاسيما مع امتداد رقعة الدولة الإسلامية من الصين حتى الأندلس وسهولة تنقل الفنان بين هذه المناطق بأريحية، بالإضافة إلى الإقبال العالمي قديماً لاقتناء المنتج الإسلامي ورواج تجارة هذه المادة بين الشرق والغرب وهو ما يؤكد أن سورية ومصر كانت من أبرز الدول المنتجة للتحف الزجاجية، لتبقى سورية محافظة على موقعها الممتاز خلال العهد البيزنطي.
وقد تنوعت الأشكال المنتجة زجاجياً بين أدوات المائدة كالأكواب والكؤوس والصحون وغيرها، وبين أدوات التخزين كالجرار الزجاجية الكبيرة، أو قوارير صغيرة من أجل المستحضرات الطبية العطور والتوابل وغيرها، وأدوات الزينة كالخرز والأساور.
المصدر: الوطن