تريند درامي
يحق لصناع الدراما والناس أيضاً اختيار فكرة العمل التي تناسب الجمهور، بما معنى أنهم خاضعون لمبدأ "ما يطلبه الجمهور"، من هنا انطلق الفنان سيف سبيعي في حديثه عن خيارات العمل الدرامي، الذي لم يخلُ أيضاً من ثقافة التفاهة أحياناً عبر تعميمها بنصوص ورسائل تشبه الاستخفاف بعقل المشاهد، مؤكداً أن الأمر مقصود من جهات غير معروفة الهدف والاتجاه حتى الآن، لتبقى خيارات صناع العمل الدرامي تحمل أفكارهم وقيمهم وبحرية تامة، آخذاً من تجربته دليلاً لذلك، بطرحه تساؤلات هامة عبرها، دون النظر لغرض الوصول للجماهيرية من خلالها.
ما يواجه بيئة العمل الدرامي غياب النقد والنُقاد، ممن لم يدركوا حتى اليوم مبدأ النقد الصحيح، وغياب الكثير من المفاهيم الإخراجية والمدارس التي يتم المزج فيما بينها من قبل المخرج، ما يعرضهم للنقد غير الصحيح أو العجز أمام المشهد المعروض، بدليل عدم التقاطهم أخطاء مقصودة من قبل سبيعي في أعماله المقدمة، التي جاءت نتيجة تراكم العمل والخبرة على يد مخرجين كبار أمثال الراحل هيثم حقي، ضمن تجربتي "رحلة القلوب إلى القلوب" و"خان الحرير"، التي عدها الفنان سبيعي نقطة تحول في حياته وباكورة دخوله للإخراج إلى جانب تميز العملين بامتلاكهم لغة السينما بقالب تلفزيوني.
صناع الدراما والواقع
"دمشق الحزينة التي فقدت ابتسامتها" كانت محور اهتمام الفنان سبيعي، والكثير من صناع الدراما، لكن وبالرغم من ذلك غاب تأثيرهم على الواقع، حقيقة أكدها سبيعي بقوله " الموضوع أكبر منا، ومن يقول أن الفنان بإمكانه أن يحرك الوضع فهو مخطئ، السياسيون هم الأقوى في العالم"، واصفاً ما قدم سابقاً من أعمال درامية اجتماعية مثل "الفصول الأربعة" أنه مرتبط بمجتمع مستقر وعائلة مكتملة الأركان، وهو ما نفتقده اليوم، لا سيما بعد الحرب، مؤكداً أن أي محاولة لإعادة هذه التجربة غير ناجحة، لجنوح الدراما إلى اعتبارات السياسة والأطراف السياسية وخضوعها للرقابة الخارجية قبل الداخلية، وسط مجتمعات منقسمة للأسف.
"مبدأ المقارنة"، أكثر ما يواجه المخرجين الجُدد، وهو ماواجه كلاً من مسلسل "أولاد بديعة"، الذي عده سبيعي غير ناجح فنياً وبعيد عن الجودة الفنية بالرغم من جماهيريته،أمام تجربة "مال القبان" ما جعله رهن هذه المقارنة أيضاً، بالرغم من إنتاجه بوقت مسبق، ما أثار ضجة إعلامية حول المشروعين، آخذاً النتيجة النهائية من حيث القيمة الفنية لكون الكاتب واحد وهي الحَكم والفَصل برأيه.
مخرج وممثل
ليس من السهولة الجمع بين نوعين من الفنون الدرامية، إلا أن الفنان سبيعي استطاع المضي بطريق التمثيل والإخراج بآن معاً، ما جعل منه نموذج مميز في الدراما السورية، إلا أن الأمر ليس بالسهولة التي يظنها البعض، أمام صعوبة تجسيد دور طويل والعكس صحيح، لتبقى النظرة الإخراجية للتفاصيل الصغيرة السبب الحقيقي لجودة أي عمل على حد تعبيره.
"العبثية"، أحد الأساليب الإخراجية المستخدمة من قبل المخرج سيف سبيعي، كنوع من التجديد في العمل، ظهرت جلياً في مسلسل "مال القبان"، الحامل الأكبر لتفاصيل مميزة أخذت منه الوقت الكافي لإنجازها باحترافية، مبيناً أن لكل خطوة إخراجية معنى خاص بها لا يدركها الا مخرج العمل نفسه.
بزنس درامي
"لا يوجد شيء اسمه فن .. كل ما يقدم وان احتوى شيء فكري يقود للربح فقط"، واقع أكده الفنان والمخرج سيف سبيعي في حديثه مع "العالم سورية"، يبرر غياب الفنانين السوريين عن الساحة الفنية المحلية، وانجذابهم لأعمال أكثر ربحاً تضمن لهم حياة أفضل، ما يثبت مقولة "المعيشة اليوم تتقدم على الفن".
كما وصف "الحدوتة الشامية" التي برزت في مسلسل "العربجي" أنها جعلت منه للتسلية برأي سبيعي، نافياً بالوقت ذاته صفة التوثيق الدرامي للشام القديمة التي تم نسبها لمسلسل "تاج"، لاحتوائه أخطاء كبيرة بالرغم من إنتاجه الفني المميز والذي يحتسب للشركة المنتجة برأيه.