وعلى الرغم من حجمه البالغ الصغر الذي لا يتجاوز نحو مليمتر مكعب واحد، فإنّ النموذج مليء بالتفاصيل الهائلة والدقيقة، إذ يحتوي على 57 ألف خلية، و230 ملم من الأوعية الدموية، و150 مليون مشبك عصبي، والتي تشكل معًا 1400 تيرابايت من البيانات.
واستغرق العمل على هذا الإنجاز الذي نُشِر في مجلة "ساينس" الدورية قرابة 10 سنوات، عن طريق دمج التصوير المجهري الإلكتروني وخوارزميات الذكاء الاصطناعي لتشفير الألوان وإعادة بناء الروابط المعقدة لأدمغة الثدييات.
ويعد الهدف النهائي من المشروع البحثي هو إنشاء خريطة كاملة وعالية الدقة لجميع الروابط العصبية في دماغ الفأر، ومن المقدّر أن يتطلّب الأمر نحو 1000 ضعف كميّة البيانات الحالية التي توصّل إليها العلماء.
ويقول قائد الفريق العلمي الدكتور "جيف ليشتمان": إنّ توصيف النموذج الذي صُنِع بأنّه "جزء صغير" لا يعكس وجه الحقيقة، فَتَحت هذا الجزء يندرج الكثير والكثير من التفاصيل الدقيقة.
وتحتوي الخريطة الحديثة على تفاصيل لم تُعرض من قبل لبنية الدماغ، بما في ذلك مجموعة نادرة من المحاور العصبية (الألياف العصبية) المتصلة بنحو 50 مشبكا عصبيا. ولاحظ الفريق أيضا وجود بعض الشذوذ في الأنسجة، مثل وجود محاور عصبية شكّلت تجاعيد شديدة الانحناء. وبحكم أنّ الدراسة أجريت على عيّنة لمريض مصاب بالصرع، فلا يدرك الباحثون إذا ما كانت هذه الانحناءات نتاجا لحالة مرضية أم أنها طبيعية.
وأتاحت خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتطورة من عملاق التكنولوجيا "غوغل"، إعادة بناء أنسجة الدماغ ورسم خرائط ثلاثية الأبعاد، كما أنّ الفريق طوّر مجموعة من الأدوات وجعلها متاحة لجميع الباحثين لاستخدامها في المستقبل.
وقال أحد المطورين من غوغل وهو "فيرين غاين": إنه بالنظر إلى الاستثمار الهائل الذي خُصص لهذا المشروع، كان ينبغي علينا تقديم النتائج بطريقة يمكن لأي شخص آخر الاستفادة منها.