وقال لايمكن الحديث عن المسائل المالية والاقتصادية بمعزل عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن بما يعانيه ..
وأضاف : لقد غاب عن ذهن الحكومة أن عليها تحليل الواقع الاقتصادي والاجتماعي بطريقة علمية وعميقة .. و أن تقدم هذا العرض أمام مجلس الشعب وعلى التوازي عليها أن تقدم رؤيا واضحة لخططها للمعالجة
وتساءل نجمة : هل تعرف الحكومة ما هو الوضع الراهن اقتصاديا واجتماعياً , مؤكدا أنّ اسس اي حلل هو أن نكون على معرفة جيدة بمعطيات الوضع الراهن اقتصاديا واجتماعيا لا أن نسمع من بعض المسؤولين تناقضات " كما يحدث الآن " فمنهم من يرى الواقع عظيما ومنهم من يراه مترديا وفقا لكفاءة كل منهم الفكرية والمعرفية
لقد غاب - يقول الدكتور الياس نجمة - عن ذهن الحكومة ان التضخم لايعالج بالكساد والتضييق وتعطيل الاقتصاد لأنّ ذلك يقود الى الركود التضخمي الذي يقود بدورة الى حالة من التخبط الاقتصادي والاجتماعي الذي لاحدود له ..
نأمل يقول الدكتور الياس نجمة : أن لا يغيب عن الحكومة أن التضخم يأكل الموارد المالية للدولة وعدد كبير من مواردها يتضاءل لعدم تمكنها من التكيُّف والتماشي مع ارتفاع الأسعار. علماً أن السلع والخدمات التي تقدمها الدولة فقدت قسم كبير من قيمتها النقدية في السوق، وهي لن تستطيع معالجة هذا الأمر بزيادة أسعار ما تُقدمه من سلع وخدمات إلى ما لا نهاية. ومع الأسف استمرت الحكومة في التعاطي مع ظاهرة التضخم بعقل إداري وبيروقراطي، وعبر إجراءات لا تُطبَّق إلا بقوة السلطة، وليس عبر الآليات الاقتصادية. في حين أن التضخم هو ظاهرة مالية اقتصادية بامتياز، والمطلوب التعامل معها عبر سياسات مالية ونقدية، لا تستند فقط على إجراءات التقييد الكمِّي، وإنما تستخدم أدوات التحليل الاقتصادي والنقدي التي تستجيب للخصوصيات الاقتصادية المحلية، والإقليمية أيضاً. وربما كانت الإجراءات التي عمدت لها الحكومة في الآونة الأخيرة لزيادة إيراداتها من خلال رفع أسعار المواد التي تتحكم بها، سبباً أساسياً في زيادة الكلف والمزيد من صبّ الزيت على النار على صعيد التضخم ككل. كما ساهمت التضييقات المالية والمصرفية والبيروقراطية في رفع الكلف أيضاً، علماً أن فوائدها مؤقتة وأضرارها دائمة، ومن المفيد تجنُّب ذلك حتى في أصعب الظروف، نظراً لإسقاطاتها النفسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي المجمل إن إصرار الحكومة - يتابع نجمة حديثه - على التعاطي مع التضخم على أن مصدره زيادة التدفقات النقدية يهمل جانباً كبيراً من الأسباب الأكثر خطورة، التي جعلت منه تضخماً جامحاً لا تستجيب له إجراءات التهدئة التقليدية.
الدكتور الياس نجمة أضاف قائلا : في حدود ما نعلم ، ان التضخم يجرّ التضخم ، وانه يفتك بالجسم الاقتصادي ، كما يفتك السرطان بالجسد البشري . وأنه يأكل موارد الدولة المالية أكثر مما يأكل موارد الأفراد . وأنه ضريبة ظالمة يدفعها الفقراء إلى الأغنياء . كما أن قيام الدولة باتخاذ الاجراءات ذات الطبيعة التضخمية ، كتمويل عجز موازنتها عبر الاستدانة من المصرف المركزي ، الذي يقوم بدوره بالاصدار النقدي لتلبية حاجات الحكومة ، و قيامها بزيادة أسعار المواد التي تتحكم بها الجهات العامة ، هذا كله يصب الزيت على النار ، ويؤجج التضخم ، ويفجر الاقتصاد من الداخل ، كما يضعف القوة الشرائية للنقد الوطني ويؤدي إلى تراجع سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الاجنبية. كما يخشى أن تضعف القوة الشرائية للموازنة وذلك نتيجة للتضخم الجامح الذي يعاني منه القطر حاليا. في تقديرنا بعد هذا العرض الموجز ، أنه آن الأوان لأن تقوم الجهات المختصة في بلدنا ، بمراجعة عامة لسياساتها وممارساتها المالية والنقدية ، وأن تبادر لاتخاذ اجراءات تصحيحية فاعلة و بنيوية ، تواجه بها الحقائق نفاذاً إلى الجوهر ، و لا تدور حولها حفاظاً على الشكل .
المصدر: سيرياستيبس