وتابع فضلية، إن الحديث اليوم عن هذه الخطط يأتي في إطار التحولات السياسية والاقتصادية الإيجابية المتوقعة خلال الفترات القادمة، بعد أن شاركت سورية خلال الأسابيع الأخيرة “بالمؤتمر الاقتصادي الصيني العربي” في “جدة”، وفي منتدى “سانت بطرسبورغ”، وما سبق ولحق هذه الفعاليات من تكثيف للتواصل مع بعض فعاليات الجامعة العربية، وتحاور اللجان الاقتصادية العربية السورية مع نظرائها من لجان العديد من الدول العربية، إضافة لزيارة الرئيس الإيراني والتي تمخضت عن العديد من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات، ومنها النقدية والمالية وعلى رأسها التوافق القديم الحديث مع الجانب الإيراني على تأسيس أفرع للمصارف الإيرانية في سورية، وما تلاه في جدة بإعلان الصين فتح فرع لـ “بنك الصين” في الرياض بالسعودية، وما جاء بعده من توافقات دولية، روسية وإقليمية في “سانت بطرسبورغ”، حول تفعيل “بنك الاستثمار” لتجمع دول البريكس الستة، ومخططات ضم المزيد من الدول لهذا التجمع”.
كل ذلك، وإضافة لمتطلبات وضرورات المرحلة الحالية من عملية البناء وإعادة الاعمار، وضع وسيضع سورية والحكومة السورية أمام العديد من التحديات والمستحقات التي تتطلب وضع العديد من الخطط التنموية ورؤى إعادة هيكلة مؤسسية، قانونية ونوعية وإنتاجية منها ما صدر خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية، كتشكيل المجلس الأعلى للصناعة في سورية، مرسوم إعانة المتضررين من الزلزال وإقراضهم، وتأسيس صندوق دعم إغاثي لهم، ومرسوم تشجيع التحول إلى شركات مساهمة عامة، وغيرها من القرارات ، كل ذلك يبرر اليوم تفعيل مزيد من التشريعات ذات الصلة، منها إمكانية وفرص دمج المصارف العامة ببعضها ضمن الرؤية الكلية والاستراتيجيات الحكومية التنموية المتبعة حالياً.
وعن توقيت الدمج اعتبر فضلية أنّ الحديث عن عملية دمج المصارف اليوم يتم دون ربطها بالطروحات المتعلقة بتغيير شكلها القانوني من مؤسسات حكومية تقليدية الإدارة إلى شركات مساهمة عامة تمتلك الدولة جميع أسهمها أو “كمقترحات تم طرحها بأن تمتلك الدولة حصة من أسهمها، وتشارك فيها جهات من القطاع المصرفي، ليتم طرح الجزء الباقي من الأسهم على الاكتتاب العام بحدود 25%”.
فضلية أكدّ فيما يخص مبرر الدمج المتمثل بأنّ خدمات ومهام المصارف العامة ليست متماثلة، فهو ليس صحيحاً إذا نظرنا إلى تشريعات تأسيسها (عقاري- تجاري- صناعي- زراعي- توفير- تسليف)، بل لأنّ سيرورة عملها على أرض الواقع “وخلافاً لقوانين تأسيسها”، أدت إلى أنّ جميعها أصبحت تخدم “تقريباً” أي نوع من أنواع النشاط، سواء أكان عقارياً أم تجارياً …
وبالنسبة لمسوغات الدمج، قال “لقد أصبحت اليوم مسوغات مصيّبة ليس فقط لأنّ جميع المصارف الحكومية صارت متماثلة بنوع الخدمات وطبيعة الأهداف، بل لأنّ طبيعتها المؤسسية، وضحالة حجم نشاط وخدمات كل منها، والأهم، محدودية صلاحيتها الإدارية، وبيروقراطية التشريعات وضيق وتعقد المفاهيم الرقابية التي تحكم عملها، الأمر الذي يجعل وجودية هذه المصارف “شكلاً وموضوعاً ونشاطاً”، مجلاً للتدخل بخطواتها الأولى وهو الدمج.
وفيما يخص مدى نجاح خطة الدمج خاصةً أنّ الحكومة لم تمهد لإيجاد أرضية ملائمة للقوانين والتشريعات المصرفية والمالية لها، أشار فضلية إلى أنّ عملية الدمج هذه ليست مجرد جمع مؤسسي إداري جبري رقمي، بل هي أعمق وأبعد من ذلك، حيث أنّها تتطلب إيجاد أرضية ملائمة ومنسجمة للقوانين والتشريعات المصرفية الناظمة لعملها المستقبلي بعد الدمج، كما تتطلب تنسيقاً فنياً وإدارياً فعالاً بين إدارات البنوك المندمجة ومصور مسبق وواضح لمراحل وآليات عملية الاندماج، بما في ذلك،
واقترح الشكل المؤسسي القانوني المناسب للمصارف المندمجة وغير المندمجة وتلك التي سيتم دمجها” بحيث تكون على شكل شركات مساهمة عامة مغفلة “تنفصل فيها إلى حدٍ ما الإدارة عن الملكية”، يكون فيها شريك استراتيجي من القطاع الخاص، وحملة أسهم من العاملين والموظفين في هذه المصارف و”ربما” في جهات حكومية أخرى، إضافةً إلى آلاف المساهمين من الأفراد والعائلات الين يكتتبون على الأسهم المطروحة للاكتتاب عند التأسيس، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف ويزيد من مزايا الدمج، ويقلل إلى الحد الأدنى من سلبياته، التي حدثت من التجارب السابقة لعمليات الدمج، لا سيما التجربة غير الناجحة التي تمت من خلال دمج المؤسسات الاستهلاكية.
المصدر: كيو بيزنيس