ووفقاً لتقرير نشرته وكالات، فإن هذه التغييرات تشير إلى تحولات إستراتيجية عميقة تتجاوز قيمتها الإجمالية 2.5 تريليون دولار، ما يجعلها من بين اللاعبين الأكثر تأثيراً على مستوى العالم.
إعادة تشكيل المؤسسات
وصرح سالار قهرماني خبير صناديق الثروة السيادية في جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية بأن "اختيار رؤساء للصناديق يمتلكون خبرة عميقة في السوق الأميركية يشير إلى استعداد دول الخليج لمواءمة إستراتيجياتها مع الديناميكيات السياسية والاقتصادية المتوقعة".
وشمل ذلك توجيه دول الخليج الاستثمارات إلى قطاعات التكنولوجيا والرعاية الصحية والبنية التحتية، ومع التوسع الكبير في صادرات الغاز الطبيعي يُتوقع أن تتضاعف أصول الجهاز في السنوات المقبلة، ما يمنحه مرونة أكبر لتعزيز وجوده الدولي.
وأشار التقرير إلى أن الجهاز بدأ يتحول بعيداً عن الاستثمارات التقليدية مثل العقارات الفاخرة نحو استثمارات تكنولوجية أكثر تطوراً.
ومن المتوقع أن يسهم هذا التحول في إعادة التوازن إلى محفظة الجهاز الاستثمارية، خاصة مع التغيرات الاقتصادية العالمية.
وفي الكويت، شهدت الهيئة العامة للاستثمار تغييراً مشابهاً مع تعيين الشيخ سعود سالم الصباح البالغ من العمر 35 عاماً خلفاً لغانم الغنيمان الذي تقاعد بعد سنوات طويلة في المنصب.
ووصفت بلومبيرغ الشيخ سعود بالرجل الذي يتمتع بخبرة تمتد لأكثر من عقد في إدارة الاستثمارات، بما في ذلك العمل مع شركة بلاك روك الأميركية المتخصصة في إدارة الاستثمارات، ما يشير إلى تحول في توجهات الهيئة نحو جذب استثمارات جديدة وقيادة أكثر شباباً.
تحول إستراتيجي
وتشير بلومبيرغ إلى أن صناديق الثروة السيادية الخليجية تتبنى نهجاً أكثر تقدماً يعتمد على البيانات والتحليل الكمي، فعلى سبيل المثال يعمل جهاز أبو ظبي للاستثمار – الذي يدير أصولاً بقيمة تريليون دولار- على تعزيز فريقه للتحليل الكمي لتسريع اتخاذ القرارات وتحسين العوائد، ويشمل ذلك زيادة الاستثمارات في الائتمان الخاص والأسهم الخاصة، إضافة إلى توسيع شراكاته مع صناديق التحوط.
وصرح قهرماني بأن "صناديق الثروة السيادية اليوم أصبحت أكثر استقلالية وإستراتيجية، إذ تتخذ قرارات استثمارية تتماشى مع أهدافها بعيدة المدى، سواء عبر تحسين شروطها مع مديري الصناديق الخارجية أو عبر إدارة الاستثمارات داخلياً لتحقيق أفضل النتائج".
كما حققت الأسواق المالية في الإمارات إنجازاً تاريخياً بتجاوز القيمة السوقية للأسهم المدرجة حاجز التريليون دولار لأول مرة.
ويشمل ذلك أسواق دبي وأبو ظبي، ما يجعلها تتفوق على أسواق أوروبية كبرى مثل ميلانو ومدريد، وذكرت بلومبيرغ أن هذا النمو كان مدفوعاً بارتفاع تقييمات الشركات الإماراتية.
ووفقاً للتقرير “أصبحت صناديق الثروة السيادية أكثر وعياً بأهمية السياسة والجغرافيا السياسية في إستراتيجياتها، ما يعكس توجهاً جديداً يعزز دورها باعتبارها أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد العالمي”.
السعودية.. سباق لجمع السيولة
ويعد صندوق الاستثمارات العامة السعودي اللاعب الرئيسي في تنفيذ رؤية 2030 السعودية، إذ يدير أصولاً بقيمة تتجاوز 700 مليار دولار.
ومع انخفاض أسعار النفط وتزايد عجز الميزانية كثف الصندوق جهوده لجمع السيولة من خلال بيع حصص في الشركات المملوكة للدولة.
في هذا السياق، باع الصندوق حصصاً من أرامكو بقيمة 12.4 مليار دولار هذا العام، بالإضافة إلى تخفيض حصته في شركات أخرى مثل شركة الاتصالات السعودية بقيمة مليار دولار.
وصرح غوكول ماني المدير الإداري لأسواق رأس المال في “جيه بي مورغان” بأن "الطروحات الثانوية للأسهم تتطور بوتيرة متسارعة في الشرق الأوسط، ما يوفر مرونة أكبر للصناديق في تحقيق أهدافها التمويلية".