الرئيس الشرع في خطابه.. قرار الرئيس الأمريكي تاريخي وشجاع وأرسى أسس الاستقرار

الخميس 15 مايو 2025 - 11:51 بتوقيت غرينتش
الرئيس الشرع في خطابه.. قرار الرئيس الأمريكي تاريخي وشجاع وأرسى أسس الاستقرار

أكد رئيس المرحلة الانتقالية في سورية أحمد الشرع أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سورية قرار تاريخي شجاع، أزال به معاناة الشعب وساعد على نهضته وأرسى أسس الاستقرار في المنطقة.

وأشار الرئيس الشرع إلى أن الطريق لا يزال طويلاً، فاليوم بدأ العمل الجاد، وبدأت معه نهضة سورية الحديثة نحو التقدم والازدهار.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس الشرع التي وجهها اليوم إلى الشعب السوري:
أيها الشعب السوري العظيم، لقد مرت سورية بمرحلة مأساوية في تاريخها الحديث تحت حكم النظام الساقط، قتل فيها الشعب وهجر الناس، وغيبوا في سجون الظلام، وارتفعت أصوات المعاناة عالياً، كما هدمت مقدرات الدولة، ونهبت بأيدي السراق القتلة، وتحولت سورية إلى بيئة طاردة ومنفرة لأهلها ولجيرانها وللمنطقة والعالم، نُبذت سورية للأسف وانزوت بعيداً عن أشقائها وأبنائها وجيرانها.
وباتت سورية الحضارة غريبة عن تاريخها المشرف، وبعيدة عن أصالتها، وتأخرت عن مصاف الدول، وهناك في إدلب العز، وفي ظل الثورة السورية المباركة، كان يُبنى مستقبل لسورية الجديدة.
تحررت البلاد وفرح العباد، وفرح معهم أشقاؤنا في الدول المجاورة، بل والعالم بأسره، وعادت روح الانتماء لشعبنا، وظهر جلياً حرص الشعب على دولته الجديدة.
وحرصت الدول الشقيقة وشعوبها على مشاركة السوريين فرحتهم، وبدأت نافذة الأمل تطل وتشرف على مستقبل واعد، غير أن سورية مكبلة بأعباء الماضي وآهاته.
وخلال الستة أشهر الماضية، وضعنا أولويات العلاج للواقع المرير الذي كانت تعيشه سورية، وواصلنا الليل بالنهار، فمن الحفاظ على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي، وفرض الأمن وحصر السلاح ودمج الفصائل في وزارة الدفاع، وتشكيل الحكومة واللجنة الانتخابية لتشكيل البرلمان والإعلان الدستوري والمؤتمر الوطني، وتشكيل هيئة العدالة الانتقالية وإلغاء القوانين الجائرة، وتحرير السوق، وتقييم الواقع المؤسساتي والخدمي، ووضع اليد على الخلل وطرق علاجه.
وتزامنت مع كل هذا جولات مكوكية للدبلوماسية السورية لمشاركة الدول للتعريف بواقع سورية الجديد، التي قامت بالمشاركة في أهم المنتديات والمؤتمرات الدولية، ورفعت علم سورية الحبيبة في الأمم المتحدة، ونجحت في فتح أبواب مغلقة، ومهدت الطريق لعلاقات إستراتيجية مع الدول العربية والغربية، فرأينا لهفة أشقائنا من الدول واكتشفنا أن العالم بأسره يحب سورية ويهتم لشأنها لما لها من مكانة عظيمة في نفوسهم.
لقد زرت الرياض قبل عدة أشهر، والتقيت ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ووعدني ببذل وسعه للسعي لإزالة العقوبات عن سورية، ورأيت في عينيه وعيون شعبه حبه الكبير لسورية ونظرة ثاقبة لمستقبلها الاقتصادي.
ثم زرت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وقف مع الشعب السوري وتحمل ودولته الكثير خلال أربعة عشر عاماً، استضاف فيها ملايين السوريين مع كل ما تحمله من أعباء.
رأيت أيضاً الحب والود والفرح والاستعداد التام لأن تقف سورية على أقدامها، ثم زارني وزرت الشيخ تميم بن حمد الذي صبر مع الشعب السوري بموقف يسجله التاريخ، ومنذ لحظة التحرير وهو يقف بجوارنا.
ثم زرت الشيخ محمد بن زايد، الذي سارع بفتح أبواب الإمارات العربية المتحدة لإخوانه السوريين، وأبدى استعداده التام لفعل كل ما يلزم لتنهض سوريا من جديد.
وكان أول من بارك لنا الملك حمد بن عيسى، ملك مملكة البحرين، وكذلك أشقاؤنا في الكويت وسلطنة عمان، ولا أنسى ملك الأردن عبد الله بن الحسين، وترحيبه الحار وموقف المملكة بالقضايا الساخنة.
كذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر، الذي رأيت حرصه على نهضة سورية واستقرارها وإعمارها، وكذلك ليبيا والجزائر والمغرب والسودان والأشقاء في اليمن السعيد، ودولة الرئيس محمد شياع السوداني، الذي أبدى رغبته بعودة العلاقات السورية العراقية والتبادل التجاري المثمر.
ثم كان لقاؤنا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أبدى استعداده مبكراً لرفع العقوبات عن سورية، ومعه في ذلك أهم دول الاتحاد الأوروبي كألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، كما سارعت بريطانيا مشكورة إلى رفع العقوبات عن سورية الحبيبة.
أيها الشعب، لقد كانت وحدتكم وحبكم لبلدكم وتضحياتكم لأجلها، ومعاناتكم في المخيمات، ودماء الشهداء والمعتقلين، وإظهار فرحتكم بسورية الجديدة، والتفافكم حول قيادتها، كبير الأثر في التأثير بالرأي العالمي تجاه سورية، وإن تفاعل الجاليات السورية في الخارج ومساهمتهم البناءة في المطالبة برفع العقوبات كان له كبير الأثر كذلك.
أيها السوريون، إن تلاحم الشعب ووحدته بين الداخل والخارج، وقربه من أشقائه وحسن جواره، لهو رأس مال قوي لسورية، واليوم نشهد ثمرة ذلك عياناً وواقعاً، فليس هناك أجمل من الأخوة الصادقة والمحبة العفوية بين الدول وشعوبها.
وإنني اليوم لا أحتفل برفع العقوبات عن سورية فحسب، ففرحتنا تكمن في الأخوة الصادقة وعودة المشاعر الجياشة بين شعوب المنطقة وملوكها وأمرائها ورؤسائها، فإن وحدة القرار والتوجه لا يخيبها الله، فقد صدق الأمير محمد بن سلمان بما وعد به، وصدق الرئيس أردوغان بمحبته، وصدق الأمير تميم بوفائه، وصدق الشيخ محمد بن زايد بلهفته، وسائر الحكام صدقوا جميعاً بمشاعرهم، وقد استجاب الرئيس ترامب مشكورا لهذا الحب، فكان قرار رفع العقوبات قرارا تاريخيا شجاعا، أزال به معاناة الشعب وساعد على نهضته وأرسى أسس الاستقرار في المنطقة.
أيها السوريون، إن الطريق لا يزال أمامنا طويلاً، فاليوم قد بدأ العمل الجاد، وبدأت معه نهضة سورية الحديثة، لنبني سورية معاً نحو التقدم والازدهار والعلم والعمل، ومن هذا المنطلق نؤكد أن سورية تلتزم بتعزيز المناخ الاستثماري وتطوير التشريعات الاقتصادية وتقديم التسهيلات الكفيلة بتمكين رأس المال الوطني والأجنبي من الإسهام الفاعل في إعادة الإعمار والتنمية الشاملة.
ونرحب بجميع المستثمرين من أبناء الوطن في الداخل والخارج ومن الأشقاء العرب والأتراك والأصدقاء حول العالم وندعوهم للاستفادة من الفرص المتاحة في مختلف القطاعات.
إن سورية تعاهدكم أن تكون أرض السلام والعمل المشترك وأن تكون وفية لكل يد امتدت إليها بخير، ولن تكون سورية بعد اليوم ساحة لصراع النفوذ، ولا منصة للأطماع الخارجية ولن نسمح بتقسيم سورية، ولن نفسح المجال لإحياء سرديات النظام السابق لتفتيت شعبنا، فسوريا لكل السوريين بكافة طوائفها وأعراقها ولكل من يعيش على هذه الأرض المباركة، التعايش هو إرثنا عبر التاريخ، وإن الانقسامات التي مزقتنا كانت دائما بفعل التدخلات الخارجية واليوم نرفضها جميعا.
لقد علمتنا المحن أن قوتنا في وحدتنا، وأن طريق النهوض لا يٌعبّد إلا بالتكاتف والعمل الجاد، لن ننسى شهداءنا والجرحى، ولن نغفل عن حقوق من فقدوا أحبتهم، بل سيكونون حاضرين في كل خطوة نحو المستقبل، عاشت سورية حرة أبية وعاش شعبها العظيم.

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019