وقال سماحته للعشب الايراني في کلمته المتلفزة الليلة: أهنئكم بحلول شهر مهر (حسب التقويم الإيراني الموافق 23 ايلول)، شهر المدارس والجامعات وتحصيل العلم، وهو انطلاقة لمسيرة الملايين من الشباب والناشئين واليافعين في البلاد نحو المعرفة والاقتدار؛ هذه هي خصوصية شهر مهر.
واضاف : أوصي مسؤولينا الأعزاء، وخاصة المسؤولين لدى وزارات التربية والتعليم، والعلوم، والصحة والعلاج، بأن يولوا اهمية مستدامة لقيمة ودور المواهب الشابية.. لقد بلور الشبان الإيرانيون مواهبهم العلمية وفي العديد من القضايا الاخرى للحياة.
وتابع قائد الثورة : أود هنا أن أقرأ هذه الإحصائية : خلال المسابقات العالمية المختلفة للطلاب التي اقيمت مؤخرا، وبالتزامن مع أحداث حرب الـ12 يوما والتحديات القائمة، احرز طلابنا أربعين ميدالية ملونة، من بينها إحدى عشرة ميدالية ذهبية.
ولفت سماحته الى، ان "هذه الأمور ذات أهمية وقيمة كبيرة، لقد حلّ شبابنا بالمرتبة الأولى في أولمبياد علم الفلك على مستوى العالم، بين الدول المشاركة من مختلف البلدان، كما حققوا مراتب جيدة في مجالات أخرى، وفي مجال الرياضة أيضا، كما ترون هذه الأيام، أولًا كانت الكرة الطائرة، والآن المصارعة؛ هذا هو حال الشباب الايراني والحمد لله، لديهم مواهب فريدة من نوعها.
وعلى صعيد اخر لفت اية الله العظمى خامنئي الى اقتراب الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد المجاهد الكبير الشهيد السيد حسن نصر الله (رض)، وقال : أرى من الضروري أن أذكره هذه الأيام، لقد كان السيد حسن نصر الله رصيدا عظيما للعالم الإسلامي، وليس للشيعة، ولا للبنان فحسب؛ مؤكدا بان هذه الثروة لم تذهب بل هي باقية، لقد رحل السيد حسن لكن الرصيد الذي خلفه سيبقى خالدا.
واستطرد قائد الثورة الاسلامية : ان قصة حزب الله في لبنان هي قصة مستدامة، لا ينبغي إهمال هذه الثروة العظيمة التي تعود للبنان ولغيره.
وصرح سماحته خلال كلمته المتلفزة : فيما يتعلق بوحدة الشعب الإيراني، فإن أول ما أكد عليه، هو أن تماسكه هذا الشب خلال حرب الأيام الاثني عشر ادخل الياس في قلب العدو، ليدرك منذ الأيام الأولى وفي وسط الحرب أنه لن يستطيع تحقيق مآربه وغايته.
واوضح : لم يكن هدف العدو ضرب القادة، بل كان ذلك مجرد وسيلة زاعما أنه بضرب القادة العسكريين وبعض الشخصيات المؤثرة في النظام، سيتفعل الفوضى داخل البلاد، وفي طهران على وجه الخصوص، وستبدأ عناصرهم في إثارة الشغب والاضطرابات، وسيحرضون من يستطيعون على الخروج الى الشوارع، لاحداث ضرخ بين الشعب ونظام الجمهورية الإسلامية؛ اذن هذا كان الهدف.
واضاف آية الله الخامنئي، أن هدف العدو كان استهداف النظام وشلّه؛ الامر الذي نوهت اليه في خطاب آخر، هؤلاء حتى وضعوا خططا وفكروا في مرحلة ما بعد القضاء على الجمهورية الإسلامية، حاولوا إثارة الفتن وتاجيج الشوارع، وتشكيل عصابات، واقتلاع جذور الإسلام من البلاد، هذا كان هدف العدو.
وتابع قائلا : حسنا، لقد باء هذا الهدف بالفشل منذ البداية، أما القادة الشهداء وغيرهم، فقد تم استبدالهم على الفور تقريبا، وبقي وضع ونظام وترتيب القوات المسلحة بنفس الصلابة والاقتدار والمعنويات الرفيعة.
وأكد قائد الثورة الإسلامية، بأن الشعب الإيراني، وهو العنصر الأكثر تأثيرا، لم يتأثر اطلاقا بما أراده العدو؛ لقد خرجت المظاهرات، وامتلأت الشوارع، لكنها كانت مناهضة للعدو، وليس النظام الإسلامي؛ مردفا : لقد وصل الأمر إلى درجة أن الاعداء وأولئك الذين هم خارج الحدود، قالوا لعناصرهم : أيها العاجزون!، ما الذي كان يمكن أن نفعله لكم ولم نفعله؟ لقد هيأنا لكم الأجواء، قصفنا، اغتلنا عددا من الأشخاص، لماذا لا تفعلون شيئا؟
وقال آية الله الخامنئي : لقد ردت هذه العناصر في إيران، وفي طهران، التي لديها عناصر بلا شك، وقالوا : كنا نريد أن نفعل الكثير لكن الشعب لم يلتفت إلينا، وأدار ظهره لنا، كما أن المسؤولين والقائمين على نظم الامور لم يسمحوا لنا، بل منعونا، ولم نستطع أن نفعل شيئا؛ وهكذا، أصبحت خطة العدو عقيمة.
وأضاف سماحته : حسنا، هذه الأمور التي ذكرتها، بعضها أو كلها، سبق وان قلناها من قبل، كما صرح بها الآخرون؛ النقطة التي أريد أن أركز عليها هي أن هذا العامل لا يزال قائما، عامل وحدة الشعب الإيراني لا يزال قائما، وفي هناك مجموعة، مصدرها خارج البلاد، كما تظهر لنا الأخبار التي وصلتنا، تحاول أن توحي بأن تلك الوحدة التي تحققت في بداية الحرب الأخيرة وخلال تلك الفترة كانت لتلك الأيام فقط. وأنها ستتراجع تدريجيا بعد بضعة أيام، وستظهر الخلافات، وستسود الاراء المعارضة، وستختفي هذه الوحدةن وأن الشعب الإيراني سيتفرق؛ وعليه يمكن استغلال الانقسامات العرقية، والخلافات السياسية، لإشعال الفتنة بين أبناء الشعب الإيراني، وإثارة الشغب والاضطرابات داخل البلاد؛ هذا ما يروجون له اليوم.
وأكد قائد الثورة الإسلامية : أريد أن أقول بأن هذا الكلام خطأ محض؛ نعم، هناك خلافات في وجهات النظر حيال القضايا السياسيةن ولدينا أيضًا العديد من الأعراق في البلاد، وجميعهم إيرانيون ويفتخرون بكونهم إيرانيين وهذا هو الواقع، لكن في مواجهة العدو، ستتحول تلك المجموعة الى قبضة فولاذية موحدة تسقط على رأس العدو، هذا هو حال البلاد اليوم وبإذن الله سيكون كذلك في المستقبل، كما كان في الماضي.
وأضاف سماحته : إيران اليوم، وإن شاء الله غدا، هي ذاتها خلال يومي 13 و 14 يونيو، عندما خرج الناس وملأوا الشوارع وهتفوا ضد الصهيوني البغيض وأمريكا المجرمة؛ هذه هي النقطة الأولى التي أردت أن أذكرها، اي أن هذه الوحدة الوطنية، وهذا التماسك الشعبي لا يزالان قائمان وبالطبع، نحن جميعا مسؤولون بالحفاظ عليها.
وتابع آية الله الخامنئي : النقطة الثانية هي قضية التخصيب التي تتكرر كثيرا في تصريحات ومحادثات وزارة الخارجية مع الأطراف السياسية؛ هم يقولون شيئا عن التخصيب، ونحن نقول شيئا آخر.
واوضح اية الله خامنئي : ان تخصيب اليورانيوم يعني أن العلماء والخبراء في مجال اليورانيوم يقومون بتحويل اليورانيوم الخام، الذي توجد مناجمه أيضا في إيران، إلى مادة ذات قيمة عالية جدا، من خلال سلسلة جهود تقنية معقدة ومتقدمة، وهذه المادة لها تأثير في مختلف شؤون الحياة.. هذا هو معنى التخصيب، أي أن شيئا يتم الحصول عليه من منجم أرضي، يتم إحضاره وتحويله بتقنيات معقدة، وبجهود كبيرة، وبخبرات عالية، وبمهارات كبيرة، إلى مادة، وهذه المادة هي اليورانيوم المخصب الذي يتم تخصيبه بدرجات مختلفة.
وتابع : الناس يستفيدون من التخصيب، ومن مادة اليورانيوم المخصب، ويستخدمونها في مختلف الجوانب، وهي تؤثر في مختلف المجالات بما في ذلك الزراعة، والصناعة والمواد، وفي قضايا التغذية التي تتعلق بالزراعة.. هذه التقنية لها تأثير في قضية البيئة والموارد الطبيعية كما تؤثر في الأقسام المتعلقة بالبحث والتعليم والتحقيق والمتابعة العلمية. ولها أيضا تأثير واضح في توليد الطاقة الكهربائية.
وأضاف آية الله الخامنئي : اليوم، في العديد من الدول المتقدمة في العالم، تدار محطات الطاقة باليورانيوم. بينما نحن ندير معظمها بالبنزين والغاز. وهو ما له تكلفة عالية وتلويث للبيئة وتلوث للهواء، لكن الكهرباء التي يتم الحصول عليها من اليورانيوم المخصب والمحطات النووية هي كهرباء خالية من التلوث، وتكلفتها أقل بكثير، وعمرها أطول بكثير، ولها العديد من المزايا الأخرى التي ذكرت أن على المتخصصين أن يأتوا ليشرحوها للناس.
وتابع قائد الثورة الإسلامية : اليوم، نحن على مستوى عال من تخصيب اليورانيوم. وبالطبع، الدول التي تريد صنع أسلحة نووية ترفع هذا التخصيب إلى نقاء يصل إلى 90٪. لكن، بما أننا لا نحتاج إلى أسلحة نووية وقد قررنا عدم امتلاكها لم نصل إلى هذا المستوى، بل رفعناه إلى 60٪، وهو رقم جيد جدًا، وضروري لبعض احتياجاتنا في البلاد.
وصرح سماحته : لقد تمكنا من التقدم إلى هذا الحد، ونحن من بين الدول العشر الأولى في العالم التي لديها هذه القدرة. من بين أكثر من مائتي دولة في العالم، هناك عشر دول فقط قادرة على التخصيب، وإيران الإسلامية هي واحدة منها والدول التسع الأخرى لديها قنابل نووية أيضًا. نحن لا نملك قنبلة نووية ولن نملكها، وليس لدينا نية لامتلاكها، ولكننا نمتلك التخصيب.
وأكد آية الله الخامنئي : نحن واحدة من الدول العشر التي تُعتبر رائدة في هذه الصناعة، وهؤلاء العلماء الذين ذكرتهم، هم الذين أسسوا هذا العمل وحققوا تقدمًا كبيرًا فيه، لكن عملهم الأهم كان في تدريب عدد كبير من الأفراد في هذا المجال؛ مردفا : لدينا اليوم في البلاد عشرات العلماء والأساتذة المرموقين، وهذا تقرير قدمه لنا أصحاب الشأن، أي أنه تقرير موثوق ومتقن، حيث يعمل عشرات العلماء والأساتذة المرموقين، ومئات الباحثين، وآلاف المتدربين في المجموعات النووية في مختلف المجالات المتعلقة بهذا الموضوع.
وقال قائد الثورة الإسلامية : لقد قاموا بقصف منشآتنا النووية، الا ان العلم لا يمكن تدميره. العلم لا يزول بالقنابل والتهديدات. هذا العلم موجود؛ مضيفا : في تصريحات أهل السياسة، تطرح قضية التفاوض مع أمريكا كثيرا، وهناك آراء مختلفة أيضا. قلت إن البعض يعتبره مفيدا وضروريا، والبعض يعتبره ضارا، والبعض الآخر لديه آراء أكثر اعتدالًا، والأقاويل مختلفة.
وقال آية الله الخامنئي: من الممكن أن ينشأ وضع مختلف في المستقبل، على سبيل المثال، بعد 20 أو 30 عامًا، لكن في الوضع الحالي، تُعدّ المفاوضات مع الولايات المتحدة مسعىً عقيمًا لا يخدم المصالح الوطنية إطلاقًا، ولا يمنع أي ضرر عن البلاد، بل يُسفر عن أضرار جسيمة، وأحيانًا لا يمكن إصلاحها.
وشرح عبثية المفاوضات مع الولايات المتحدة، قائلاً: لقد حدد الجانب الأمريكي وأعلن نتائج المفاوضات مسبقًا من وجهة نظره الخاصة، ويريد مفاوضات تُفضي إلى "تعليق الأنشطة النووية والتخصيب داخل إيران".
واعتبر قائد الثورة الإسلامية الجلوس على طاولة المفاوضات دليلاً على قبول إملاءات الطرف الآخر وفرضه واستغلاله، وأضاف: "لقد قال (ترامب) بانه على ايران التخلي عن التخصيب ، لكن نائبه قال قبل أيام إنه لا ينبغي لإيران امتلاك حتى صواريخ متوسطة وقصيرة المدى، مما يعني أن أيدي إيران ستكون مكبلة لدرجة أنها إذا تعرضت لهجوم، فلن تتمكن من الرد حتى على قاعدة أمريكية في العراق أو أي مكان آخر".
واعتبر أن مثل هذه المطالب والتصريحات الصادرة عن المسؤولين الأمريكيين ناتجة عن جهل بالشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية، وعدم إدراك لفلسفة وأسس ونهج إيران الإسلامية، وقال: "نحن، نرى أن هذه الكلمات أكبر من فم المتكلم ولا تستحق الاهتمام".
وبعد شرحه لعبثية المفاوضات مع الولايات المتحدة، تطرق آية الله الخامنئي إلى أهم عيوبها، قائلاً: "لقد هدد الطرف الآخر بأنه إذا لم تتفاوضوا، فسيحدث كذا وكذا. لذا، فإن قبول مثل هذه المفاوضات دليل على الشعور بالتهديد والخوف والارتجاف والاستسلام لتهديد الأمة والبلد".
ووصف الاستسلام للتهديد الأمريكي بأنه سيؤدي الى استمرار مطالبها الجائرة التي لا تنتهي، مضيفًا: "اليوم يقولون: إذا خصبتم، فسنفعل كذا وكذا، وغدًا سيستخدمون امتلاك الصواريخ أو إقامة أو عدم إقامة علاقات مع الدولة الفلانية مبررًا للتهديد والإجبار على التراجع".
وأكد آية الله الخامنئي: "ما من شعب شريف يقبل المفاوضات المصحوبة بالتهديدات، وما من سياسي عاقل يعترف بذلك".
ووصف قائد الثورة وعد الطرف الآخر بالتنازلات مقابل قبول مطالبه بأنه كذب، مستشهدًا بتجربة الاتفاق النووي، قائلاً: "قبل عشر سنوات، وقّعنا اتفاقًا مع الأمريكيين، يقضي بإغلاق مركز إنتاج نووي ونقل المواد المخصبة الى الخارج أو ترقيقها، مقابل رفع العقوبات وعودة ملف إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى وضعه الطبيعي".
وأضاف آية الله الخامنئي: بالطبع، قلتُ للمسؤولين آنذاك إن عشر سنوات مدة طويلة، وهي بمثابة عُمر؛ لماذا تقبلونها؟ كان من المفترض أن يرفضوها، لكنهم قبلوا، ولكن على أي حال، اليوم، وبعد انقضاء تلك السنوات العشر، ليس لم يعد ملفنا النووي طبيعيًا فحسب، بل ازدادت مشاكله في مجلس الأمن والوكالة.
وفي إشارة إلى نكث أمريكا لوعودها برفع العقوبات، وانسحابها من الاتفاق النووي، وما يعبر عنه بتمزيقها الاتفاق رغم وفاء إيران بالتزاماتها، قال: هكذا هو الطرف الآخر، فإذا تفاوضتم معه وقبلتم بمطالبه، سيؤدي ذلك إلى استسلام البلاد وضعفها وهدم شرف الأمة. وإذا لم تقبلوا، فستعود نفس الصراعات والتهديدات الحالية.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية أنه من الضروري عدم إغفال تجارب البلاد، بما في ذلك تجربة السنوات العشر الماضية، وأضاف: "في الوقت الحالي، لا أنوي إثارة أي قضية مع أوروبا، لكن الطرف الآخر، أمريكا، يخلف وعوده ويكذب في كل شيء، ويطلق تهديدات عسكرية بين الحين والآخر، وإذا سنحت له الفرصة، سيغتال شخصياتنا، كالقائد العزيز سليماني، أو يقصف مراكزنا. هل يُمكن التفاوض والتوصل إلى اتفاق مع مثل هذا الطرف بثقة واطمئنان؟".
وأكد آية الله الخامنئي: "المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي، وربما قضايا أخرى، طريق مسدود تمامًا".
ووصف المفاوضات مع الولايات المتحدة بأنها مفيدة لرئيسها الحالي، ووسيلة لإظهار فعالية تهديداته، وجلب إيران إلى طاولة المفاوضات، وقال: "لكن هذه المفاوضات ضارة بنا تمامًا ولا تعود بأي فائدة".
وفي ختام كلمته، أكد قائد الثورة الإسلامية أن السبيل الوحيد لتعافي البلاد وتقدمها هو تعزيزها في جميع المجالات العسكرية والعلمية والحكومية والهيكلية والتنظيمية، وأضاف: على الأذكياء والخبراء المتفانين إيجاد سبل تقوية البلاد والسعي إليها، لأنه إذا قويت البلاد، فلن يهددها الطرف الآخر.
وأكد آية الله الخامنئي ضرورة التوكل على الله والاستعانة بالأئمة الطاهرين (ع) لنيل العون الإلهي، وأضاف: يجب أن نتقدم بالأمور ببذل الجهد الوطني، وهذا سيتم بتوفيق الله.