يأتي ذلك بعد أن وصلت درجات التقنين في التيار الكهربائي لمستويات قياسية بلغت ساعة وصل و5 ساعات قطع في سنوات 2014 و2015، ثم عادت للتحسن تدريجيا بعد عام 2016 وخاصة بعد العمليات التي نفذها الجيش السوري وتحرير الكثير من المناطق والمحافظات السورية، وكان متوسط الإمداد بالتيار الكهربائي العام الماضي يتراوح بين 3 قطع و3 وصل، وأحيانا 4 وصل و2 قطع، ولكن هذا العام كان المتوسط أفضل من كل الأعوام السابقة.
وبالرغم من الحرب السورية التي دمرت الكثير من البنى التحتية، وأدت لخسارة الكثير من منابع النفط والغاز، والحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة والغرب على سوريا، إلا أن الجهود السورية تمكنت من إعادة التيار الكهربائي إلى مستويات جيدة، وخاصة بعد تمكنها من إمداد محطات توليد الكهرباء والعنفات بمواد الطاقة اللازمة وخاصة الغاز المستخرج محليا.
وتمكنت وزارة الكهرباء من توسيع عدد من الأعمال المتعلقة بإنتاج الكهرباء في عدد من المحطات المنتشرة في بعض المحافظات السورية، وبدأت بإنشاء مشاريع لتوليد الطاقة الكهربائية من مصادر الشمس والرياح وأكملت عددا من المشاريع في هذا الصدد.
وشهد ريف حمص الغربي في سوريا مؤخرا تركيب أول عنفة لتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق الرياح، فيما قالت وزارة الكهرباء السورية أنها أطلقت “خطة طموحة وهادفة” حتى عام 2030 للاستفادة من الطاقة المتجددة.
وبدأت وزارة الكهرباء السورية بدراسة مشاريع توليد الطاقة الكهربائية عن طريق الرياح، يأتي ذلك بعد إطلاقها العمل بتنفيذ مشاريع الطاقة الكهروضوئية (توليد الكهرباء عن طريق الشمس)، وذلك ضمن سعي الحكومة السورية للاعتماد على الطاقة البديلة.
وحول هذا الموضوع علق رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية الدكتور سنان ديب لوكالة “سبوتنيك” قائلا:
“رغما مما تكبد هذا القطاع من تدمير وسرقات للبنى التحتية والشبكات بشكل مدروس وممنهج ولكن نشاط وفاعلية القائمين و تركيز القيادة على هذا القطاع شكل شبه إعجاز لتعود الكهرباء متوفرة لأغلب المناطق وبشكل مستمر مع إعادة تأهيل متدرج للمناطق المحررة، وذلك رغما من الظروف الجوية القاسية ما بين برد قارس وحر شديد وكذلك الضعف بضبط الفاقد وهذا يعني فائض لو تم ضبط الفاقد والذي يقترب من ٥٠ بالمائة.
وأضاف ديب: “هذا الاستقرار يؤدي لاستقرار بالحياة الاقتصادية والتشجيع على الاستثمار ويعطي جوا من الأمان والثقة وخاصة أولوية الإمداد للمناطق الصناعية والسياحية ما ينعكس إيجابا على الموسم السياحي والانطلاق الاقتصادي، بالرغم من المحاولات القوية التي عمل بها الغرب لتفشيلنا وخاصة بمجال الطاقة وكذلك محاولات دائمة لتفجير خطوط الإمداد بالغاز ومحطات التوليد”.
وختم ديب: “يجب التفكير الاستراتيجي لتقليل الفاقد والهدر فالاختناقات المفاجئة يجب تقويضها، ففي بداية الأزمة كانت خياراتنا الحلول الإسعافية عبر مواد قد تكون رديئة المواصفات ولكن التحرير والاستقرار جعل الخيارات أكثر والبحث عن النوعية الجيدة للأدوات و الأجهزة أكبر وهذا هو المطلب”.
بدورها اعتبرت الإعلامية والكاتبة السورية ربى شاهين في تعليق لها لوكالة “سبوتنيك” أن عودة الكهرباء إلى المدن السورية هي:
“من إنجازات الجيش العربي السوري في الميدان وانتصاراته على الإرهاب التي أرخت بكامل ثقلها ونتائجها وارتداداتها على الشعب السوري، واستعاد ما أضاعته يد الإرهاب في مناطق تواجدها من تدمير البُنى التحتية.
وأضافت شاهين: “يستمر عمل الحكومة السورية وفق خطط مدروسة لإعادة الإعمار وتحسين الأوضاع وخاصة الخدمية وأهمها الكهرباء، بعد أن طالتها يد الإرهاب، وتعتبر عودة التيار الكهربائي لكافة المناطق السورية المحررة انتصارا امتزج بسرعة النهوض وإعادة الحياة للشعب السوري الذي تُرجم إصرارا وتحدي للنهوض والاستمرار في تقدم العجلة الاقتصادية السورية.
وأطلقت الحكومة السورية استراتيجية تتضمن عدة مشاريع منها إنشاء محطات باستطاعات مختلفة ولواقط كهروضوئية وعنفات ريحية، ومشاريع على أساس مفتاح باليد تصل استطاعتها لـ 500 ميغاواط كهروضوئية، ومحطات تصل استطاعتها لنحو 400 ميغاواط كهروريحية، كما تضمنت الاستراتيجية، اقتراح مشاريع على القطاع الخاص والالتزام بشراء الكهرباء منها بأسعار تنافسية.
وتتضمن الاستراتيجية أيضاً تركيب (1.2) مليون سخان شمسي منزلي حتى نهاية عام 2030، بالتزامن مع إنجاز مشروع الصك التشريعي لإحداث صندوق لدعم الطاقات المتجددة وتطبيقاتها، حيث يمكن للصندوق منح قروض ميسرة أو بدون فوائد للمواطنين من قبل بعض المصارف العامة لتركيب سخان شمسي بقيمة (250-300) ألف ليرة ، كما يغطي هذا الصندوق قيمة الفوائد المستحقة للمصرف، بفائدة لا تزيد على 7 %، وفترة استرداد لا تقل عن 5 سنوات. ويقدر حجم الدعم المقدم من الصندوق لكل سخان شمسي بحوالي 60 ألف ليرة، وبالتالي يمكن تقديم سخان شمسي مجاني لبعض الشرائح المستهدفة (ذوي الشهداء، جرحى الجيش).
وأنهت وزارة الكهرباء السورية تركيب 17 محطة قياس في مختلف المناطق السورية لتنفيذ مشاريع ريحية لإنتاج الطاقة الكهربائية آخرها محطة لقياس ودراسة سرعة الرياح في الشريط الساحلي في منطقة الحميدية جنوب طرطوس ويتم حاليا جمع البيانات والقياسات التي سيتم بناء عليها إجراء الدراسات الفنية والاقتصادية وتحديد مدى الجدوى الاقتصادية من تركيب هذه العنفات.
سبوتنيك