عادةً ما يتركُ الإنسانُ وصيةً قبل وفاته، يحدد فيها مصير ممتلكاته المادية… لكن الآن يجب علينا أن نفكّر أبعد من ذلك قليلًا، ممتلكاتنا لم تعد ماديةً فقط، فأنت تمتلك ثروةَ بيانات على الشبكة من حساب فيسبوك، إلى التخزين السحابي والحسابات البنكية وغيرها، التي سوف تتجمد بعد وفاتك إن كنت الوحيد الذي يعرف كلمات السر المتعلقة بها… هل يعقل أن تكون هذه نهايتها؟
هذه إحدى الأسئلة التي بدأت تطفو على السطح مؤخرًا، فماذا سيحصل بصورنا وحساباتنا البنكية وأعمالنا الرقمية وبريدنا الإلكتروني، وآلاف الرسائل والصور ومقاطع الفيديو، وكم لا يُحصى من الهراء الإلكتروني عند وفاتنا؟
الآن يمكنك كتابة وصية رقمية لتوريث هذه الممتلكات!!
أصبح بإمكانك تسمية وصي رقمي تثق به ليهتم بشؤونك الرقمية بالطريقة التي تريدها، فيمكنه أرشفة ملفاتك الشخصية والصور، أو الاستمرار في بعض الأعمال مثل: عمليات الاستضافة إن كنت تملك مواقعًا إلكترونيةً، وإغلاق بعض الحسابات الرقمية أو إدارتها، ونقل بعض أموالك الرقمية إن وُجِدَت للورثة، ونقل ملكية المدونات لورثتك، والقيام بعملية الإعلان عن وفاتك بالنسبة لأصدقائِك في المجتمعات الرقمية التي أنشأتها، أيّ بعبارة أُخرى هو المسؤول عن حياتك الرقمية في حال وفاتك.
فتأكّد من تسجيل كلمات المرور خاصّتك في مكانٍ آمن ومتفق عليه مع وصيك الرقمي، فتمرير كلمات المرور للوصي هو شيءٌ أساسي ليقوم بالأعمال التي تريدها منه، فبدون كلمات المرور لن يستطيع النفاذ إلى حياتك الرقمية، ولن تسمح له سياسات الخصوصية الخاصة بالمواقع الإلكترونية بالوصول إلى ممتلكاتك الخاصة، وبعد ذلك وضّح تمامًا ماذا تريد من الوصي أن يفعل بحياتك الرقمية بعد وفاتك، وكيف سيتمّ التعامُل معها فاذكر بوصيتك إن كنت تريد تدميرها جميعًا، أو تريد نقل ملكية بعض الصور والفيديوهات إلى أحد الورثة، فلك الحرية المطلقة باختيار ماذا سيحل بحياتك الرقمية بعد وفاتك.
ولأنَّ معظم بياناتنا الرقمية التي نشاركها تعود للشركات التقنية مثل: فيسبوك وغيرها، وفيما مضى لم يكن من الضروري التفكير بمصير بياناتنا، ولكن مع تقدّمنا بالسّنِّ فمن المتوقع بحلول عام 2030، سيكون هناك الكثير والكثير من الحسابات الرقمية العائدة لأشخاص متوفّين!
بدأت هذه الشركات بالتفكير بما يمكن أن تفعله حيال هذه القضية المعقدة، فمن جهة خصوصية المستخدم، ومن جهة أُخرى ذكرياته ولحظاته المميزة التي عاشها وتفاعل معها، فذاك الحساب رافقه لحياة بأسرها، وليس من المعقول أن يتمّ إلغاؤه فجأةً، أي تمامًا وقعوا بين نارين المهنية العالية في جانب، والإنسانية وأحقية العائلة في الوصول لبيانات فقيدهم العزيز على قلوبهم من جانبٍ آخر.
لذا، عليك قراءة شروط كلّ شركة من الشركات على حدة، لتعلم تمامًا بماذا يمكنك أن تتحكّم بعد وفاتك، وسنقوم بذكر مقدار الحرية التي نمتلكها في إدارة حياتنا الرقمية بعد وفاتنا لكلِّ شركة من الشركات الأشهر عالميًا.
بالنسبة لعملاق التواصل الاجتماعي، فقد وفّر لنا العديد من الخدمات التي تتيح لنا إدارة حياتنا الرقمية، حيثُ يوفّر لنا إمكانية حذف حسابنا أو تركه حسابًا للذكرى فقط، حيثُ يستطيع أصدقاؤك مشاركة ذكرياتهم الخاصة معك، ولتنفيذ رغباتك يمكنك تسمية وصي رقمي ليهتم بشؤون صفحتك التذكارية، ويستطيع أصدقاؤك تقديم طلب للشركة لتسمح لهم بإدارة صفحتك التذكارية بعد إثباتهم لعلاقتهم القوية بك.
وإذا كنا تريد مشاركة شيء أو إلقاء كلمة أو نشر فيديو بعد وفاتنا، فإنَّ فيسبوك يوفّر لنا هذه الميزة باستخدام تطبيق IfIDie الذي يتيح لنا بإنشاء بوست أو مقطع فيديو، ومشاركته على الفيسبوك الخاص بنا ونشره بعد وفاتنا.
عبّر تويتر عن سياسات التعامل مع المحتوى الرقمي للمستخدم المتوفي، حيثُ أشاروا بإمكانية التعاون مع الوصي الرقمي أو أحد أفراد العائلة لإبطال حساب تويتر، بينما لن يوفّروا إمكانية الوصول والتحكم بالمحتوى الرقمي الذي أنشأه الشخص المتوفي.
توفّر الشركة إمكانية إغلاق الحساب أو تحويل الحساب إلى حساب تذكاري فقط، وتمنع سياسة الخصوصية الخاصة بالشركة من توفير وصول إلى حسابك الإنستاغرام. لذا، إذا كنت ترغب بوصول أحدهم إلى حسابك، فيجب أن توفّر له آليه الوصول مسبقًا، وتعطيه كلمة المرور الخاصة بك.
أَعْلَنَتْ شركةُ مايكروسوفت مؤخرًا بإمكانية وصول ورثتك إلى محتوى بريدك الإلكتروني، وغيره من الخدمات المقدمة من شركة مايكروسوفت من خلال اجتياز بعض خطوات التحقق للتأكّد من حقوق الملكية، ولكن بتمريرك كلمات المرور الخاصة بك إلى وصيك الرقمي، بإمكانه القيام بكلِّ ما ترغب به بالنسبة لشركة مايكروسوفت.
وفّرت شركةُ جول خدمة الحساب غير النشط، حيثُ بإمكانك تحديد مصير بياناتك الموجودة ضمن حسابات شركة جوجل، فتقرر محوها أو تمريرها لشخص معين، ويتمّ إعلامك بإشعار قبل مدّة معينة من الحذف أو التغيير من قبل الشركة، حيثُ يمكنك إبطال العملية إذا كنت لا تزال حيًا.
من الواضح أنّ إدارة تلك البيانات هي أمرٌ معقدٌ قليلًا، فحياتنا الرقمية تأخذ الحيّز الأكبر من حياتنا، وذلك الحيّز يزداد بمرور الأيام، ويزداد بزيادة البيانات التي نشاركها في تلك المواقع الإلكترونية. لذا، فإنَّ إدارة حياتنا الرقمية بعد وفاتنا يحتاج بعض التخطيط والتفكير الجاد من قبلنا لمعرفة تمامًا كيف سنقوم بإدارة هذه البيانات وما مصيرها، ولك الحرية في تحديد ما ستؤول إليه حياتك الرقمية بوجود مجموعة من الخدمات التي تساعدك على إدارة بياناتك الرقمية بعد وفاتك!
لكن فكّر جيدًا قبل أن تنشر وتشارك معلومات عنك… فهل حقًا تريد لحفنة من الهراء الإلكتروني أن تكون كلّ ما يذكّر محيطك بك؟