ألفة الادلبي .. نساء سوريات

الأربعاء 3 أكتوبر 2018 - 09:50 بتوقيت غرينتش
ألفة الادلبي .. نساء سوريات

عن عمر ناهز الخامسة والتسعين رحلت الكاتبة والأديبة الكبيرة ألفة الادلبي احدى رائدات الادب.

العربي الحديث , والتي سطع نجمها في عصر كان يصعب فيه على المرأة ان تشق طريقها الا اذا كانت مبدعة حقيقية ولأن ألفه الادلبي مبدعة حقيقية وطالعة من حارات دمشق العتيقة وازقتها الضيقة فقد استطاعت ان تنقل عبر قصصها ورواياتها عبق المكان الدمشقي بياسمينه ونارنجه وزنبقه , لترش عطره في كل الزوايا والأمكنة أما أبطال قصصها فهم من أبناء الوسط الاجتماعي الذي عاشته وعايشت أحداثه , لهذا استطاعت ان تبرع في نقل صور اجتماعية حقيقية لحياة الناس البسطاء من ذاك الشعب الطيب كما استطاعت ان تنقل نبض الثورة السورية من خلال البطولات التي قام بها الرجال الصناديد ولعل روايتها » دمشق يا بسمة الحزن « خير مثال على ذلك 0‏

ولدت الكاتبة الكبيرة ألفه الادلبي في دمشق عام 1912 وكانت قد تلقت تعليمها في مدرسة تجهيز البنات وتعرفت الى الأدب من خلال مكتبة والدها حيث بدأت بكتابة الخواطر الادبية وكانت تعقد في دارها ندوة يؤمها أبرز أدباء دمشق وأدباء عرب كانوا يزورونها 000 كما انتسبت عام 1940 الى الندوة الادبية وإلى حلقة الزهراء الادبية والتحقت بجمعية الرابطة الثقافية الأدبية في مطلع الاربعينات من القرن العشرين . نشأت الاديبة الفه الادلبي في اسرة تهتم بالأدب والثقافة فوالدها لم يكن أديباً بل كان ذواقة ولديه مكتبة غنية بالكتب التراثية وكان يحث ابنته على المطالعة ويشجعها لأنه وجد لديها الاهتمام والمحبة للأدب والتزود بعالم معرفي جميل وخصب 000 كما تعرفت من خلال خالها الأديب كاظم الداغستاني على الأدب المترجم واطلعت على أدب طه حسين وقرأته بتمحص ورواية إضافة الى ادب توفيق الحكيم ومحمود تيمور 0‏

ورغم قراءاتها المتعددة للأجناس الأدبية المختلفة فقد ظلت متعلقة بالقصة القصيرة التي عشقت كتابتها و تعتبر قصتها » القرار الأخير« القصة الأولى التي تقدمت فيها إلى مسابقة الإذاعة في لندن وفازت فيها بالجائزة الثانية ويتجلى في كتاباتها الجانب الانساني الاجتماعي الذي تقوم من خلاله بتصوير جوانب هامة من الحياة بحيث تعرض المشكلة وتجد لها الحل الأمثل مثل قصة » الستائر الزرقاء « ومن أهم قصصها ورواياتها :‏

- قصص شامية‏

- وداعاً يا دمشق 1963‏

- ويضحك الشيطان 1970‏

- عصي الدمع 1976‏

- دمشق يا بسمة الحزن‏

- حكاية جدي‏

- نظرة في أدبنا الشعبي0‏

- نفحات دمشقية‏

- وداع الأحبة‏

- ما وراء الأشياء الجميلة‏

ففي روايتها » دمشق يا بسمة الحزن « قدمت الأديبة ألفة الأدلبي صورة للثورة السورية وللمقاومة العنيفة ضد الفرنسيين وما تعرض له الشعب آنذاك من خلال تصوير حي وواقعي لحياة أفراد أسرة دمشقية قدمت الشهداء والمقاومين على مذبح الحرية ودعمت الثورة بالمال والسلاح وقد ادارت الأحداث على لسان بطلة الرواية » صبرية « تلك الفتاة الدمشقية التي حولها الحزن والحصار الى حالة غير سوية رغم محاولاتها الكثيرة لكسر هذا الطوق الذي يخنقها وينتهي بها المطاف الى نهاية مأساوية حيث تنتحر مشنوقة بيدها 0‏

اما في رواية » حكاية جدي « فقد برعت هذه الأديبة في تصوير حياة الداغستان وعاداتهم , وحياة ابنائهم ولا غريب في ذلك لأن أصولها تعود إلى الداغستان فأسرتها هاجرت إلى دمشق وسكنت فيها وتطبعت بعاداتها وتقاليدها وقد أكدت الأديبة الراحلة في احدى الحوارات التي اجريت معها أنها زارت بلاد الداغستان قبل ان تشرع في كتابة روايتها هذه لذلك أبدعت في مجال الوصف فيها واستطاعت ان تضيء جوانبه بكل وضوح 0‏

ترجمت اعمالها الى لغات شرقية وغربية كالصينية , والتركية والفرنسية والالمانية والاسبانية كما ترجمت رواية » حكاية جدي « إلى الروسية اما روايتها » دمشق يا بسمة الحزن « فقد تمت ترجمتها إلى الانكليزية 0‏

ويعتبر ما كتبته الاديبة ألفة الادلبي من قصص وروايات وثائق تاريخية حقيقية وتسجيلية هامة لمدينة دمشق وما جرى فيها من احداث سياسية واجتماعية في حقبة معينة من الزمن 0‏

وبرحيل المبدعة الفة الادلبي فقدت الاوسط الادبية والفكرية أديبة لامعة وقلما معطاء وعقلاً متفتحا ترك للمكتبة العربية وللأجيال القادمة زاداً أدبياً ثراً0‏

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019