دمشق – “تفضلي يا خانم… تفضلي يا ست” هي العبارات اللافتة التي يرددها التجار في سوق الحرير التي يقع مدخلها في آخر سوق الحميدية بالقرب من الجامع الأموي، وسميت بتسميات عديدة منها سوق “تفضلي يا ست” أو “سوق النسوان”. كناية عما يحتويه من كل ما تحتاجه النساء من لباس وماكياج وعطور وأدوات لهن ولمنازلهن، فهي تضم كافة أنواع الأقمشة الدمشقية العريقة.
سوق النسوان تسمى أيضا سوق الجمرك، حيث كانت في الماضي خانا لجمركة البضائع التي تدخلها القوافل التجارية إلى دمشق وتحوّلت فيما بعد إلى سوق تجارية تميزت باحتوائها الأقمشة النسائية وأدوات الخياطة إلى جانب أقمشة الداماسكينو والأغباني والبروكار الفاخرة التي ذاعت شهرتها الواسعة في أرجاء العالم.
وتعتبر هذه السوق من أقدم الأسواق في مدينة دمشق القديمة، حيث يعود تاريخها إلى العهد الروماني.
والسوق هو عبارة عن سوق ضيقة مسقوفة بساتر هرمي، جدد بناء السقف من التوتياء، ويمتد من الطرف الشرقي إلى سوق الحميدية عند أعمدة جوبيتر إلى سوق القلبقجية المؤدية إلى سوق الخياطين باتجاه شمالي جنوبي، فيما كانت التسمية القديمة للموقع باب بريد، وله تسمية أخرى هي الطواقين.
أما السوق الموجودة اليوم فقد تم تجديدها من قبل ما سمي والي دمشق العثماني درويش باشا في النصف الثاني من القرن السادس عشر، فهدم المحال التجارية القديمة، وجدد بناءها ووسع الطريق ورفع السقف، لكن لا يزال من الممكن رؤية الحجارة الرومانية التي استخدمت في بناء هذه السوق الأثرية.
وبقيت السوق محافظة على طابعها القديم، إلا أن بعض التجار حرصوا على مواكبة الموضة من خلال افتتاح محال للألبسة الجاهزة ومحال لأحدث الإكسسوارات وأدوات الزينة والمستحضرات التجميلية ومستلزماتها.
وهناك أيضا محلات مختصة في بيع التمائم مثل تعويذة أصابع الكف المفتوحة التي يعلقها سكان دمشق في بيوتهم وتُكتب فيها عبارات مثل “عين الحاسد تبلى بالعمى” أو “الحسود لا يسود”، كما تباع الخرزة الزرقاء التي تطرد الحسد.
وأخذت بعض هذه الأسواق القديمة في دمشق اسمها من المهنة التي يمتهنها الناس فيها، مثل سوق الحدادين وسوق الخياطين، أو المنتج الذي يباع فيها كسوق الحرير، أو من ولاة دمشق كسوق مدحت باشا وسوق مردم بك، لتبقى شاهدة على تاريخ كبير يذخر بالعراقة والحضارة عبر العصور.