يصعب تصنيفه أو حصره في خط بياني مشترك، وهو ما يحدث عادة مع كل جديد وخارج عن المألوف، وإن جاء في البداية على شكل محاولة أو تجربة، كالتي أقدم عليها المشاركون من الهواة ودارسو الفن في معرض «حوار الأجيال.. فوضى مستقيمة»، والمقام حالياً في المركز الثقافي العربي في العدوي.
يضم ال
معرض حوالي خمسين عملاً بين التصوير والنحت، بعضها لأسماء خاضت مشواراً طويلاً في عالم التشكيل، ومعظمها لمبتدئين وجدوا في المشاركة الجماعية فرصة لتقديم ما لديهم إلى الجمهور والاستماع إلى آراء ووجهات نظر مختلفة، من هؤلاء كانت خولة المغربي التي اختارت أن تعيد تشكيل «زقاق النواعير» الممتد في حي الصالحية الدمشقي، بأحجاره القديمة وشبابيكه المنخفضة، حيث يضطر السائرون أحياناً إلى خفض رؤوسهم حين يمرون بين أبنيته، في حين قدمت همسة شلهوب نموذجاً باذخاً في الروحانية، لشخص غارق في تأمل يشبه الصلاة، حتى إن ألوانها الهادئة توحي بخشوع مهيب بعيداً عن هذيان السنوات الأخيرة وتسارع الأحداث فيها، وهو ما لجأت إليه منى ظاظا في رقصة ثنائية وسط وجوه معذبة ذات أفواه مفتوحة وأيدٍ ملوثة بالدماء، والكثير من لطخات حمراء كبيرة في خلفية العمل، انتصاراً للإنسان المحب أينما كان.
وعن الإنسان أيضاً رسمت راما درخباني رؤوساً تتزاحم فوق عنق واحد، كما لو كانت أفكاراً نعيشها بتناقضاتها وآراء نبديها على هوانا، من دون أن يكون لنا رأي واضح أو حقيقة واحدة، نؤمن بها ونرفض أن تخضع للتبريرات التي يلجأ إليه الناس عندما تتناقض مصالحهم ومبادئهم، تماماً كما بدت منحوتة باسل تركية بإنسانها المنحني الخاضع، ربما كان ذلك اعترافاً بضآلة قدرته أمام الجبروت العام أو لعله انتظار لفرصة ينهض فيها أقوى وأكثر صلابة.
العدد الكبير للفنانين المشاركين أتاح للمتفرج الاطلاع على مستويات وخيارات منوعة، ومن هنا جاءت كلمة «فوضى مستقيمة»، حسبما يشرح الفنان محمد يونس في حديثه لـ «تشرين»، فكل ما يمتلكه الفنان من رغبات وأفكار وهواجس يمكن عدّها فوضى ينقصها الترتيب والتنسيق، وهو ما يحصل حين تجد لنفسها طريقاً إلى بياض اللوحة، هكذا سيكون لها معنى وقيمة حقيقية.
ومن الفنانين المشاركين في المعرض: أديب مخزوم، جورج عشي، محمد هدلا، رأفت الساعاتي، إيمان الحسن وغيرهم.