سرغايا هي بلدة ومصيف يَقع شمال مدينة دمشق، وسطَ منطقة جبلية بالقرب من عدد من المصايف المعروفة مثل الزبداني وبلودان، وهي تابعة إدارياً لمنطقة الزبداني ضمنَ محافظة ريف دمشق.
هناك عدَّة فرضيات حول أصل اسم "سرغايا"، فأهالي البلدة - وخاصةً المُعَمِريِّن في السِّنِ منهم - يَدعُّون أَنَّ اسم "سرغايا" مُشتَقٌ من كلمتين، هما "سِّر الغَوَايا"، والمقصود بـ"الغوايا" هنا "النوايا" أو "الغايات".
كن بعض الروايات الأخرى تقول أن الاسم سرغايا هو تسمية فارسية، وأن سرغايا في اللغة الفهلوية تعني "الثغر"، حيث كانت الثغر بين الفرس واليونان، وقد انتشرت هذه التسمية "سر-" في المناطق التي كانت تحت سيطرة الفرس مثل سرمدا وسرجبلة وسرمين وسراقب، وكلها تسميات لقرى ومناطق سورية تقع في الشمال ووتابعة لمحافظة إدلب التي كانت محل السِجَال بين الفرس واليونان. وتأكيداً لهذه الرواية يوجد موقع أثري في منطقة كفر تخاريم التابعة لمحافظة إدلب، وهذا الموقع يَحمل أيضاَ نفس الاسم "سرغايا".
وفي رواية ثالثة كلمة سرغايا تعني "سرج الفرس"، وذلك تعبيراً عن شكل سهل وقرية سرغايا الذي يشكل منخفض بين جبلين.
تتميز منطقة الزبداني والبلدات والقرى المرافقة لها – ونَخُصُ بِالذكر سرغايا وبلودان اللتان تعتبران أكثر المناطق ارتفاعاً عن سطح البحر (سرغايا 1450 م، بلودان أكثر من 1500 م) - بمناخها الجبلي وطقسها المُعتدل الجاف الجبلي الرائع خصوصاً في فصل الصيف في دمشق حيث درجات الحرارة تصل الأربعين، بينما في سرغايا وخاصةً في سهل سرغايا درجات الحرارة تتراوح بين 18 و25 درجة مئوية في فصل الصيف بينما فصل الشتاء فهو قاس جدا ويتميز ببرده القارس وتراكم الثلوج المتواصل حيث تصل أحياناً درجة الحرارة (15 تحت الصفر) وهذا ما يجعل المنطقة عموماً ذات طبيعة ساحرة ومَقصَد الباحثين عن الراحة والإسِتجمام في ربوع الطبيعة الخَلاَّبة. وتعتبر الزبداني وجارتيِّها سرغايا وبلودان من أجمل مناطق ريف دمشق، كما هو معروف للقاصي والداني أنَّ الزبداني وبلودان تُمثلان أي المكان الأساسي الذي يقصده السُيَّاح .
يَحُّد سرغايا من الشمال والشرق أجزاء من جبل ((سِنيِّر)) وهذا الجبل قديم قِدم التاريخ هذا الجبل الشامخ هو عبارة عن كتلة صخرية هائلة مؤلفة من صَهَوات وهِضاب شاهقة متتالية بشكلٍ متناسقٍ تارةً وعشوائَّي تارةً أُخرى مما لا يَدَعُ شَّك للناظرإليه على عَظَمة الخالق سُبحانه، هذه السلسلة الجبلية تبدأ من وادي حلبون ومنين في الشرق وتنتهي في الجدار الجبلي القائم شرقي سرغايا والمُسَمّى ((الجبل الشرقي)) أو ((جبل شقيف))، وفي هذه الكتلة تبرز عدة قُمم منها في شمالي بلودان وشرقي سرغايا(قمة أبوالحَّف 2360 متر) والمُتعارف عليها بين أهالي سرغايا ب (الحَرف) حيث يوجد في أعلى هذه القمة منحدر صخري قائم كحرف الألف (ا) تماماً يَصعُب تَسلُقه حتى على مُحترفِّي تسلُق الجبال ويوجد مغارة في بطن هذا الحرف تُسمى من قِبَل أهالي سرغايا ب (مغارة أبو زيد) / (مغُارة بو زَايَّدْ باللهجة السرغانية) حيث لهذ المغارة قِصص وحكايات قد تصل لحد الخُرافة والأساطير, وهناك قمم أُخرى لاتقل شأناً عنها مِثل (قمة عين النسور 2316 متر) بينما في شرق مضايا والتكية فهناك (قمة شقيف الحزم 1700متر) حيث تتوضع على ذروتها قلعة صخريِّة تُدعى (قلعة الكرسي) نسبةً لشكلها وعليها مقامان مجهولان وتتواجد هناك أشجار السُنديِّان الضخمة وفي سفح هذه الكتلة الشاهقة وهذا الجدار الشامخ يتوضع منخفض مستطيل الشكل يؤلف سهل سرغايا في الشمال الشرقي والذي يمتد باتجاه الجنوب مروراً بقرية عين حور والحمرات حتى سهل الزبداني الأخضر. يَحُّد سرغايا من الغرب والجنوب الغربي الجبل الغربي الذي يمكن اعتباره امتداد الجبل الشرقي الآنف الذكر وإذا ما تابعنا باتجاه الغرب فنجد الجبل الغربي الذي مقارنةً بقرينه الشرقي يُعتبر هضبة وليس جبل.
لمشاهدة المنظر الرائع لسهل سرغايا يجب الصعود إلى (جبل الشقيف) إما على طريق وعِرة جداً من شمال شرق قرية سرغايا حيث يبدأ الصعود باتجاه ((الجُرد، مزرعة النهِّير)) أو عن طريق أُخرى أسهل وأقل وَعرةً عن طريق بلودان حيث يتم الصعود إلى جبل الشقيف من فوق (عين أبو زاد) ماشياً أو راكباً وخلال ساعة من الزمن حيث يتم الوصول إلى ارتفاع 1832م يتواجد((دير يونان)) وهو هيكل (معبد) وثني قديم لا تزال بعض أحجاره الضخمة المنحوتة قائمة حتى الآن وقد بنى اليونانيين (الإغريق) هذا المعبد خلال مرور(ألكسندر الكبير المكدوني) بلاد الشام متجهاً إلى الهند وبلاد فارس عبر سورية، بَنَوُّه على سفح قمة وَعِرَة شاهقة في الشمال الشرقي من بلودان وهذه القمة تطل على منظر بانورامي غاية في الروعة لسهل سرغايا وعين حور وطريق السكة الحديدية القادم من دمشق مروراً بالزبداني وسرغايا باتجاه الأراضي اللبنانية (ريَّاق وزَحلة) وصولاً إلى بيروت.
والجَديرٌ بِالذِكر أيضاً أَنَّ سرغايا تقع على فالق زلزالي معروف عالمياً باسم "فالق سرغايا"، وهو فرع لفالق المَشرِق الذي يبدأ من سلسلة الجبال الفاصلة بين لبنان وسورية
تَكثُر الينابيع في سرغايا والمناطق المجاورة والتي تتميز بمائها العذب البارد الصافي كما تتنوع ألأشجار المثمرة بمختلف أنواعها : تفاح بأنواعه(أصفر غولدن، أحمر ستاركن، تفاح سُكَرّي...)، إجاص "كمثرى " بأنواعه(مِسكَاوي، كُّوشي، أبو سطل، قِشطة بعَسَل)،. دراق بأنَواعه (مُخمَلي ,...), كرز بأنواعه، خوخ بأنواعه (أبو خَط، أبو ريّحة، بلدي،...)، مشمش بأنواعه (عَجَمي، بلدي،....)، عنب بأنواعه (زَيّني، كلَابي، بلدي،...). إضافةً إلى أنواع أُخرى من الثمار والفاكهة مثل : السفرجل، التوت، التين، الجوز اللوز، الجَارِنك... كانت سرغايا تشتهر أيضاً بإنتاج العسل الصافي الجُردي الجبلي الأصيل،
سرغايا مصيف جميل وهادئ يتربع في قمم الجبال ويتمتع بجو بارد جميل جدا في الصيف وبارد جدا في فصل الشتاء حيث تتساقط الثلوج لتغطي البلدة وكافة الجبال المحيطها في منظر رائع، رحلات السفاري وتسلق الجبال في سرغايا متعة حقيقية حيث الطبيعة والتشكيلات الصخرية والجبال والوديان والينابيع، وسرغايا على مقربة من مصيف بلودان الشهير ومصيف الزبداني، يوجد في سرغايا عدد من المطاعم والمنتزهات الطبيعية الرائعة، وتحيط بها منطقة سياحية يرتادها عشرات الالاف السياح سنويا.