بعض الأصوات تحملك للهروب إلى أماكن منسيّة عبر الزمان، إلى حقائق وأحلام غابت عنك طويلًا. لا يسعك سوى الشرود في بعض المحطات لتقف وتستذكر عواطف الحب الكامنة وتعود أدراجك إلى لحظاتٍ طالما كانت من أجمل اللحظات.
أحد هذه الأصوات هو صوت مطربة الجيل
ميادة الحناوي التي طالما غنت الحب بصوتها الدافئ لنعيشه معها. بدأت بتعلم الغناء منذ سنٍ مبكرة وتبناها فنيًا الموسيقار محمد عبد الوهاب، لتبدأ مسيرة إحدى أهم محطات الفن العربي في زمانها وزماننا.
بدايات ميادة الحناوي
وُلدت
ميادة الحناوي في مدينة
حلب السورية عام 1959 لعائلةٍ عاشقة للموسيقى. بدأت تستمع لأغاني أم كلثوم منذ الصغر فعشقتها.
سافرت إلى دمشق لتلتقي بالموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب وتغني أمامه هي وأختها فاتن التي كانت ذات صيتٍ ذائع في ذلك الوقت.
كان الموسيقار عبد الوهاب صديق زوجها الوزير، وفي مصيف بلودان غنت ميادة وأختها فاتن أمام عبد الوهاب، ففتن بصوتها وهي تغني "لسه فاكر" وكانت تبلغ آنذاك حوالي السبعة عشر عامًا فقط.
وفي العام التالي وكما اعتاد عبد الوهاب على زيارة مصيف بلودان ذهب إلى هناك وطلب مقابلة ميادة، ثم طلب منها الذهاب إلى مصر ليتبنى موهبتها. وسافرت إلى مصر بعد وفاة زوجها ورافقها شقيقها عثمان إلى هناك عام 1977.
إنجازات ميادة الحناوي
بعد سفرها إلى مصر أقام محمد عبد الوهاب حفلًا ضخمًا ليعلن تبنيه لها فنيًا. وبدأ بمساعدتها للوصول إلى الشهرة، وساعدها للحصول على عقدٍ مع عالم الفن لمدة خمس سنوات، إلا أنّها كانت تعتبر قاصرًا آنذاك مما اضطرهم إلى طلب الموافقة من والدها في سوريا.
تعاونت ميادة مع أكبر الفنانين العرب والملحنين بمن فيهم محمد الموسوي ومحمد عبد الوهاب، لكن انطلاقتها الكبرى كانت عند تعاونها مع الموسيقار بليغ حمدي في الثمانينيات، فكتب لها "أنا بعشقك" و"الحب اللي كان" و"أنا اعمل ايه" وغيرها العديد.
أما في بدايات مهنتها فقد غنت من كلمات محمد سلطان وحلمي بكر وجمال سلامة. وفي التسعينيات غنت لسامي الحفناوي وصلاح الشرقي ومحمد سلطان وعمار الشربيني وخالد الأمير.
وخلال فترة حكم أنور السادات وبدايات حكم حسني مبارك، مُنعت من زيارة مصر وإحياء الحفلات هناك، إلّا أنّها شاركت بأكبر المهرجانات الموسيقية في سوريا والعالم العربي، وظهرت في عددٍ كبير من العروض التلفزيونية الخاصة.
عن ترحيلها من مصر الذي دام حوالي 13 عامًا تحدثت ميادة في برنامج العاشرة مساء مع وائل الإبراشي لتبين أن سبب ترحيلها كان ما أطلقت عليه "غيرة ستات"، إذ أن نهلة القدسي زوجة الموسيقار عبد الوهاب طلبت من الوزير نبوي اسماعيل ترحيلها عن مصر ظنًا منها أن زوجها قد وقع بحب تلميذته ميادة، وتم استدعاؤها إلى مبنى الهجرة والجوازات ليخبروها بقرار ترحيلها دون إعلامها بالأسباب حينها. تم نقلها بعدها إلى المطار لتبقى هناك مدةً تزيد عن العشر ساعات وتم منعها حتى من الذهاب إلى منزلها لتوضيب حقائبها، وأخبروها أنهم سيطلبون من إخوتها توضيبها، إلّا أنّهم منعوا شقيقيها من السفر معها أيضًا في نفس الرحلة
حاولت بعد حوالي العشرين يومًا العودة إلى مصر ليتم إيقافها من المطار وإعادتها إلى لبنان، واستمر قرار الترحيل ثلاثة عشر عامًا. وفي تصريحٍ لها فإن أكثر ما أحزنها هو خسارتها لأغنية "في يوم وليلة" التي كانت قد كُتبت لها وتدربت عليه كثيرًا، لتكتشف أن الفنانة وردة قد غنتها بعد ترحيها من مصر.
غنت في مدح دمشق أغنية "يا شام" كما أطلقت أغنية "بيروت" التي تمدح فيها بيروت بكلماتٍ رائعة وتلقبها بعروس الشرق، كما شاركت مع مجموعة من الفنانين مثل هاني شاكر ولطيفة وعاصي الحلاني وغيرهم في الأوبريت الشهير "يسلم ترابك يا شام".
بعد ألبوم "توبة" توقفت ميادة لعدة سنوات باستثناء إطلاق بعض الأغاني القومية العربية في مناسباتٍ معينة في سوريا وفلسطين والجزائر وتونس وغيرها. واستمرت هكذا حتى عام 2007 حيث أطلقت ألبومًا جديدًا تضمن أغنية من كلمات بليغ حمدي كان من المقرر أن تغنيها كوكب الشرق أم كلثوم.
أطلقت ميادة مجموعةً كبيرة من الألبومات على مدار سنوات مسيرتها الفنية نذكر منها: "ثورة الشوق" عام 1986، "الليالي" عام 1990، "الحل الوحيد" عام 1991، "جالك كلامي" عام 1994 و"عرفوا ازاي" عام 2004.
أما عن أكثر اغانيها شهرةً فكانت "أنا بعشقك" و"مهما يحاولوا يطفوا الشمس" و"أنا مخلصة لك".
شاركت في العديد من المهرجانات الموسيقية الكبرى نذكر منها مشاركتها في برنامج أمير الشعراء بالإضافة إلى مهرجان قرطاج 2005 المقام في تونس، والذي غنت فيه لأكثر من ثلاث ساعاتٍ متواصلة.
حياة ميادة الحناوي الشخصية
تزوجت ميادة من وزيرٍ سوري في مرحلة مبكرة من حياتها، وتوفي زوجها وهي تبلغ من العمر حوالي الستة عشر عامًا.
اتفقت والملحن محمد سلطان على الزواج بعد وفاة زوجته المطربة فايزة أحمد، والتي كانت صديقتها، إلّا أنّ ذلك الزواج لم يتم واستمرت صداقتهما بعد ذلك.
تزوجت بعدها من السوري مهند أحمد واستمر زواجهما أكتر من عشر سنوات لينتهي بطلب ميادة الطلاق ورفض زوجها لذلك، مما اضطرها في عام 2009 إلى اللجوء إلى المحاكم وإنهاء زواجها بالخلع.
لم ترزق ميادة في كلا زواجيها بأطفالٍ رغبةً منها بذلك، وأعلنت عدم ندمها على قرارها ذلك.
بعيدًا عن زواجها توضح بعض الروايات قصة حب عاشتها مع الشهير بليغ حمدي إلّا أنّها لم تكتمل.
حقائق سريعة عن ميادة الحناوي
اعتزلت شقيقتها فاتن الفن بعد زواجها بطلب من زوجها، لتنهي مسيرةً كان من المتوقع أن تكون حافلةً بالنجاحات، حتى أنها كانت قد حازت سابقًا على الميدالية الذهبية في الغناء في مسابقةٍ شملت ستة عشر دولة.
يُقال أنّ الموسيقار محمد عبد الوهاب غضب منها لتعاونها مع الملحن محمد الموجي، فسحب منها أغنية "في يوم وليلة".