نشر المحامي والباحث التاريخي السوري علاء السيد عبر حسابه على موقع “فيسبوك” حكاية الكشف عن صندوق يحتوي كنزاً تراثياً سورياً نجا من الحرب.
وكشف المحامي الحلبي عن وجود صندوق خشبي يحتوي على ما يزيد على المائة وخمسين قطعة سليمة من شخصيات حكايات “
كركوز وعيواظ” التي صنفته “يونيسكو” ضمن التراث اللامادي تعود إلى أكثر من 120 عاماً.
وكتب السيد “عندما حمل الشاب الأرمني “أبكر كناجيان” مواليد 1895م صندوقه الخشبي هاربا من المذابح التي كادت تصل إلى مدينته أورفا في عام 1915م، كان يحلم بأن يتم انقاذ موجودات صندوقه كما يتمنى انقاذ زوجته وأطفاله من الموت ذبحا”.
وتابع “غيره حمل مصاغا ذهبيا ليساعده على المعيشة بعدما فقد كل ما يملك أما أبكر فقد حمل صندوقه الخشبي فقط. كان كنزه الوحيد..الملجأ الوحيد لسكان أورفا التي كانت تابعة ل
حلب وتعد جزءا من سوريا حينها كان مدينة
حلب التي احتضنت الهاربين من المذبحة”.
حافظت أسرة “أبكر” على الصندوق مغلقا في مكان أمين وتوارثته أبا عن جد، قبل أن تعود حفيدة العائلة “سونا تاتويان” بعد اغتراب طويل لتبحث عن صندوق جدها.
عندما طرحت “الأمانة السورية للتنمية” مشروع اعتبار كراكوز وعيواظ جزءا من التراث السوري الانساني واستطاعت البدء بمشروع ادراجه على لائحة اليونسكو للتراث العالمي . تواصلت سونا مع الأمانة التي قدمت لها كل التسهيلات.
الجد “أبكر” كان من أهم صانعي دمى مسرح “كراكوز وعيواظ” في المنطقة ، هذه الدمى التي تصنع من جلد الجمل الذي يعالج حتى يصل لمرحلة الشفافية للضوء ثم يقص على شكل رجال ونساء وحيوانات و يلون بألوان طبيعية يدويا.
وتتميز هذه الدمى بوجود مفاصل حركة لها، تجعلها تتحرك بسهولة بعد تعليقها بعصي خشبية لتقدم عروضا مسرحية شعبية ، كانت في حينها االبديل الوحيد عن السينما ولاحقا التلفزيون اللذين لم يكونا قد اخترعا بعد.
وقال الباحث السوري “لا يوجد في العالم أجمع مجموعات باقية من هذه الدمى تتجاوز عدد الأصابع”.
و توجهت “سونا” عندما وصلت
حلب بعد غياب طويل إلى حارات مدينتها القديمة، وأشعلت شمعة في مقام”مارجرجس الخضر” في باب النصر داعية الله لمساعدتها بالعثور على صندوق جدها الخشبي.
و تكللت عملية البحث بالعثور على الصندوق الخشبي وفيه ما يزيد على المائة وخمسين قطعة سليمة تماما من هذه الدمى الفريدة التي لا تقدر بثمن. وكتب السيد “كانت الدموع تسيل على وجهها وهي تخرج دمى جدها من الصندوق لترى الضوء مجددا، كانت تشعر أن جدها قد عاد للحياة”.
وأوضح السيد “تشكل مجموعة الدمى المتنوعة هذه دليلا دامغا على “سورية مسرح كراكوز وعيواظ” وعلى تنوع شخصيات هذا المسرح مما يؤدي لتنوع قصص مسرحياته”، وأضاف “كانت الفكرة السابقة عن هذا المسرح أنه مؤلف من أربع أو خمس شخصيات فقط وأن عدد مسرحياته محدود باثني عشر نص مسرحي شعبي فقط”.
وختم السيد منشوره بالقول “عندما سألت “سونا” – التي تحمل عدة جنسيات عالمية ( الأرمنية والأمريكية ) وتقيم في الولايات المتحدة حاليا- هل تعتبرين تراث “كراكوز وعيواظ” الذي حفظه جدك “أبكر” أرمنياً؟ أجابت بكل بساطة: نحن سوريين، وأول ما فعلته عند وصولي لسوريا هو تقديم طلب لاستلام هويتي الشخصية السورية”.