ولد دريد محمد حسن اللحام عام 1934 لأبٍ سوريّ وأمٍ لبنانيّة من بلدة مشغرة في قضاءِ البقاع الغربي, درسَ الكيمياء في جامعة دمشق وعمل لاحقًا كمدرسٍ في نفسِ القسم.
بدأ رحلته الفنيّة مع تدشين التلفزيونِ السوريِّ عام 1960، واختاره المخرج صباح قباني ليشاركَ الفنان نهاد قلعي الذي كان مشهورًا آنذاك بطولةَ مسلسلٍ صغيرٍ باسم سهرة دمشق، ابتكرَ الفنانين ثنائيًا يسمى "دريد ونهاد" وحققا نجاحًا مثيرًا في العالم العربيّ منذ عام 1960 حتى تقاعد قلعي من العمل بسبب المرض في عام 1976.
تأثرت أعماله المسرحيّة بالمسرحياتِ الموسيقيّة للفنانِ عاصي الرحباني وزوجته المطربةُ فيروز. ثم تخلّى عن التعليمِ الجامعي ليكرّسَ وقته بالكاملِ لحياته الفنية، على الرغم من معارضةِ الجميع له باعتبارهم أنَّ الفن هو عملٌ لا يستحق أن يَترُك لحّام عمله المحترم كمدرسٍ جامعي من أجله، لكنّه أصرَّ على فعلِ الصواب بنظره وقال لاحقًا أن تكريس حياته للفن كان أكثرَ القرارات حكمةً التي اتخذها في حياته.
مثّل دريد لحام في العديد من المسلسلات وجسّد العديد من الشخصيّات، ومن أكثرها تأثيرًا كانت شخصيّة "غوار الطوشة" التي ظهرت لأوَّل مرة في مسلسل "مقالب غوار" من إخراج خلدون المالح.
لم يَختر هذا الإسم جزافًا، بل كان مأخوذًا من أحدِ الأشخاص الذي كان يعرفهم. أُعجب لحام بهذا الاسم وأضافَ إليه لقبَ الطوشة ليكون الاسمَ المثاليّ لجميعِ ما يقوم به غوار في أعماله السينمائية والتلفزونية والمسرحية.
قفزت شخصية غوار إلى عالم المسرح والسينما لتسيطرَ على أجملِ الأفلام والمسرحيات السوريّة مثل "كاسك يا وطن" و"ضيعة تشرين" و"شقائق النعمان" و"غربة" و"صانع المطر" وغيرها من عشراتِ المسرحيّات الأفلامِ السينمائيّة السوريّة.
لم يكن غوّار الطوشة مجرّدَ لقبٍ لشخصيّةٍ تلفزيونيّة، بل رمزًا للمواطنِ السوريّ العاديّ الذي يكافح من أجل لُقمةِ عيشه ويتحدث عن مشاكله وهمومه. حقّقت له هذه الشخصية شهرةً كبيرةً وواسعة على مستوى الوطن العربي.
مسيرةُ العظيم
دريد لحام الفنية غنيّة بالأعمال التي حملت العديد من الرسائل من الواقع السوري والعربي، ومن أهمِّ الأفلام التي قدمها كان فيلم "الحدود" عام 1984، كتبَ نصّه السينمائي والسيناريو والحوار الكبير محمد الماغوط وأخرَجه ولعب فيه
دريد لحام الدورَ الرئيسيّ وشاركه التمثيل الكثير من الفنانين الموهوبين كالممثلة رغدة، ورشيد عساف وغيرهم من الممثلين السوريين.
سَخِر الفِيلم من ادّعاء الوحدة العربيّة والتعاون العربيّ من خلال سائِقٍ مسافر بين بلدي غربستان وشرقستان. تشاءُ الصدف ويفقد السائق أوراقه الثبوتيّة وجوازَ سفره أثناء مروره بين البلدين، فلَم يستطع العودة إلى بلدِه الأصل ولا دخول البلدِ الآخر، فيضطرُّ للتخييم في منطقةٍ متوسطة بينهما على خط الحدود، ومن خلالِ تعامله مع العديد من الأنماط المختلفة من البشر يتعرّضُ للكثيرِ من المواقف الكوميدية لتقع العديد من المفارقات والمعاكسات حتى تُفرج اموره أخيرًا.
قدّم لحّام مسرحياتٍ كثيرة مثل "كاسك يا وطن" عام 1979، وهي مسرحيةٌ اجتماعية سياسية كوميدية من تأليف الكاتب والشاعر محمد الماغوط ومن إخراجِ خلدون المالح. تعتبر هذه المسرحية عملًا ناقدًا وهادفًا وحقّقت نجاحًا كبيرًا في جميع أرجاء الوطن العربي.
كانت مسيرةُ الفنان
دريد لحام في عالمِ التمثيلِ غنيّةً بالأعمالِ المميّزة، وحققت أعمالُه العديدَ من النجاحات، وترك فنّه بصمةً في المجتمعِ السوري والعربيّ، بعد أن أثبت نفسه كممثلٍ موهوبٍ ومجتهدٍ ليصبح ذو شأنٍ عظيم، فقد مثّل وأخرجَ وكتبَ سيناريوهات جميعَ أعماله، واستمرَّ بذلك حتى وقتنا هذا.