النحات والفنان التشكيلي حسام نزهة يحول بإزميله صمت البازلت إلى أشياء تكاد تنطق وصمم الصخور إلى منحوتات تحكي عذابات الإنسان وعلاقته مع الطبيعة والريف والحياة.
نزهة الذي عشق النحت بالفطرة وأخلص له منذ الطفولة جسد الأمومة في منحوتته الأولى وهي تقوم بأعمالها الريفية وتصنع اللبن في “الخضاضة” كما جسد حكاية الفلاح وعراكه مع الأرض في “لوحة الأرض الفلاح والثورين” وله أكثر من خمسين منحوتة أغلبها تتحدث عن الإنسان والإنسانية شارك بها في عدة معارض في محافظة طرطوس.
النحات نزهة أوضح في مقابلة مع مراسل سانا أنه يجد ذاته في فن النحت ويترجم أفكاره على
البازلت ولاسيما أنه يتعامل مع الحجر وكأنه كائن حي مشيراً إلى الفرق الكبير بين اللوحة المرسومة بالألوان وبين المنحوتة فهو في عالم النحت يتعامل مع كتلة متعددة الأوجه وأكثر شمولية ويمكن أن تحاكي به كل العقول بنحته واحدة.
ولفت نزهة إلى العلاقة الأزلية بين الميثولوجيا والزمن الماضي وبين فن النحت لأن الماضي بالنسبة لنا حاضر يوشم في الذاكرة ولأن النحت أصل الحروف لنقل أفكار الإنسان وتعبير دقيق يتحدث بلغة كل الشعوب لنقل حضارتهم ومعتقداتهم وأفكارهم أما الأوراق والذواكر المكتوبة أو الالكترونية فقد تتلاشى بلمحة عين على حد تعبيره.
والنحت عند نزهة فن شامل في تعبيره فبدل أن تكتب كتاباً أو رواية أو قصة لإيصال فكرة تستطيع أن تجسدها بعمل نحتي يختصر الزمن ويصمد أمام التلف.
وعن المرأة في منحوتاته قال نزهة إن “لها دوراً كبيراً فهي في نحته أم وأخت مضحية وفاعلة ومربية فاضلة لأبنائها ويد رديفة في الحقل والمدرسة والعمل وذلك في رد على توجهات القرن العشرين الذي صورها جسداً وزينة وعارضة أزياء فاجحف بحقها”.
وعن اللوحة الأقرب إلى قلبه قال “لوحة الأم صانعة الرغيف فلم يغادر ذهني ذلك المشهد وأنا عائد من المدرسة مع رفاقي حين نادت أمي تعالوا إلى الطعام فتأخذ خبزاً على عددنا وتطليه بالسمن وتقول كلوا يا أبنائي” مشيراً أيضاً إلى لوحة الفلاح الذي يعانق المحراث.
والريف يعيش بداخل نزهة من سنابل القمح وعيون الماء والأيادي الشقية الندية لتضفي على لوحاته العطاء والخير.
وحول تأثير الحرب الإرهابية على أعماله قال: “أثرت فيّ جرائم الإرهاب المتطرف بحق الآثار حيث تدمر حضارات الشعوب وثقافاتها ورموزها التاريخية الفكرية والوطنية تحت حجج واهية” لافتاً إلى منحوتاته التي جسد فيها جنودنا البواسل وهم يدافعون عن الوطن ضد هؤلاء المخربين.