ويعود قدم حمام النحاسين المجاور للجامع الأموي الكبير إلى أكثر من 950 عاماً، حسب قول صاحبه ابراهيم قطان الذي أوضح إن من أمر ببنائه هي عائشة بنت صلاح الدين الأيوبي، وكان مقسماً إلى جزأين: حمام الست وحمام النخاسين، أي للعبيد الذين كانوا يتواجدون في خان النخاسين المخصص لهم وسمي فيما بعد بحمام النحاسين.
وأضاف قطان: إن الحمام يتميز بطراز عمراني قديم وفريد تزينه القباب التي لها فتحات صغيرة للإضاءة، وهو منخفض عن سطح الارض نزولاً بعدة درجات ليحافظ على الحرارة ويوفر الدفئ للمرتادين.
وأشار إلى الأضرار التي لحقت بالحمام والخراب الذي طال بعضاً من أجزائه جراء الإرهاب في عام 2012 ، ومع تحرر حلب من الإرهاب تمت العودة إلى المكان، وفي عام 2020 تم البدء بإعادة التأهيل والترميم وفق الشروط المعتمدة من المديرية العامة للآثار والمتاحف ومديرية مدينة حلب القديمة ليعود إلى طرازه العمراني القديم ويستقبل الأهالي، وهو مؤلف من ثلاثة أقسام : البراني وهو في مدخل الحمام يتم خلاله استبدال الثياب والقسم الوسطاني وحرارته معتدلة ومن ثم القسم الجواني وحرارته مرتفعة وفيه نسبة بخار كبيرة.
بدوره تحدث صالح أبو مهير الذي أمضى سنوات في العمل بالحمام عن مراحل الاستحمام حيث يدخل من يريد الاستحمام، ويتم إعطاؤه قطعة قماش تسمى الميزر ويقوم بالاستحمام في القسم الوسطاني ثم ينتقل إلى غرفة البخار ليأتي دور عامل يدعى المكيس بمساعدته في الحمام باستخدام كيس القماش الخاص بحمامات السوق، وبعد الانتهاء يذهب للقسم البراني لتناول المشروبات الساخنة، لافتاً إلى أن الحمام يشهد مناسبات الفرح ومنها حمام العريس الذي يأتي مع أصدقائه ويقوم بالاستحمام على أغاني الفرح الفلكلورية القديمة.
كما بين إحسان محمد علبي وهو مختار حي بزة المجاور للحمام أن أهالي الحي اعتادوا ولفترات طويلة ارتياد الحمام الذي شكل ملتقى لهم وخاصة في مناسبات الأفراح، غير أن يد الإرهاب عاثت فساداً في المكان وأدت لخراب قسم كبير منه، واليوم تعود الفرحة لأهالي الحي على أمل إعادة لمات المحبة والفرح معربا عن امله بعودة كل تجار الأسواق القديمة وأهالي حارات حلب القديمة لمنازلهم ومحلاتهم وترميمها كما عاد اليوم حمام النحاسين لألقه.
أبو عبدو الصعب أحد أهالي المدينة القديمة وقد اعتاد ارتداء اللبس الحلبي الفلكلوري الذي يزينه الطربوش الأحمر والشروال الأسود أشار إلى المناسبات الاجتماعية وأهمها الافراح التي كان للحمام دور كبير في استضافتها من سهرات وصباحيات التي يتخللها الغناء والطرب وتناول الحلويات والمشروبات الساخنة، متمنياً أن تعود هذه العادات من جديد بعد عودة الأمن والأمان للمدينة وترميم أسواقها ومبانيها.
يذكر أن مدينة حلب اشتهرت بحماماتها الأثرية القديمة وتمت إعادة ترميم وتأهيل عدد منها وأهمها حمامات الباب الأحمر مقابل قلعة حلب والجديد في باب الحديد والقواص في باب النصر.