مجدّداً تُثبت مسابقة دوري أبطال أوروبا إنها البطولة الأفضل في العالم على مستوى الأندية وإنها البطولة الأروع بعد كأس العالم. ولعل هذه النسخة من البطولة فاقت كل التوقّعات وارتفع فيها منسوب التشويق إلى أعلى المستويات وكثُرت فيها المفاجآت وتعدّدت فيها "العجائب" و"المعجزات". "لا يمكن وصف ما حصل"، هذا ما قاله الألماني يورغن كلوب مدرّب ليفربول بعد الفوز التاريخي 4-0 في إياب نصف النهائي على برشلونة والتأّهّل. بالفعل لا يمكن وصف ما حصل في هذه النسخة من البطولة التي لم تبخل على متابعيها بأي شي. قدّمت كل شيء. يمكن القول أن هذه النسخة هي نسخة "الريمونتادا" بامتياز، حيث كثر ترداد هذه الكلمة في أكثر من مناسبة.
"العجائب" في هذه النسخة بدأت منذ دور الـ 16 عندما حقّق ريال مدريد الإسباني حامل اللقب في المواسم الثلاثة الأخيرة الفوز على أياكس أمستردام الهولندي في عقر داره بنتيجة 2-1. ظن الجميع أن الأمور حُسِمت نظراً لأن الفائز هو "الميرينغي" صاحب التجربة الغنية في البطولة ومَلِكها من دون منازع ونظراً لصعوبة أن يعوّض أياكس النتيجة في ملعب خصمه التاريخي "سانتياغو برنابيو". لكن كل التوقّعات سقطت وصنع الفريق الهولندي "المستحيل" لا بل أكثر من المستحيل بإلحاقه الهزيمة بنتيجة 4-1 بريال مدريد في عقر داره.
في دور الـ 16 أيضاً كان أتلتيكو مدريد الإسباني يفوز في مباراة الذهاب على ملعبه على يوفنتوس الإيطالي 2-0. اعتقد الجميع أن حلم "اليوفي" انتهى مبكراً خصوصاً أن تسجيل 3 أهداف يبدو أمراً صعباً جداً أمام فريق يعتمد على الدفاع مثل "الروخيبلانكوس". وحده رونالدو وعد الجماهير بالعودة ووفى بوعده عندما سجّل 3 أهداف كانت كفيلة بقيادة "البيانكونيري" إلى ربع النهائي.
أيضاً وأيضاً في دور الـ 16. كان باريس سان جيرمان الفرنسي يعود من ملعب "أولد ترافورد" بفوز 2-0 على مانشستر يونايتد الإنكليزي. لم يتخيّل أحد أن يتمكن بول بوغبا ورفاقه من أن يقلبوا الأمور رأساً على عقب في باريس ويسقطوا سان جيرمان بنتيجة 3-1 في ملعبه، لكن هذا ما فعلوه، علماً أن الهدف الثالث جاء في الدقيقة 94 من ركلة جزاء لماركوس راشفورد، ليتأهّلوا بالتالي إلى ربع النهائي وسط ذهول الجميع.
"العجائب" ستنتقل إلى الدور ربع النهائي. الموعد مجدداً مع أياكس أمستردام وهذه المرة أمام يوفنتوس الذي كان قد حقّق "الريمونتادا" أمام أتلتيكو. إذ كل المؤشرات كانت تقود إلى أن "اليوفي" سيواصل مشواره نحو الحلم باستعادة اللقب عندما عاد بالتعادل 1-1 من أرض أياكس. لكن حصل ما لم يكن في الحسبان إياباً وفاز الفريق الهولندي 2-1 في تورينو ليتأهّل إلى نصف النهائي.
جاء الدور على توتنهام الإنكليزي ليقول كلمته في المفاجآت عندما أطاح مانشستر سيتي المرشّح القوي للقب بتشكيلته التي تعجّ بالنجوم وبوجود مدربه الإسباني جوسيب غوارديولا وذلك عندما فاز على ملعبه 1-0 ذهاباً ثم خسر 3-4 إياباً خارجه حيث أدّى الهدف الثالث الذي سجّله الإسباني فرناندو يورنتي في الدقيقة 73 إلى التأهّل إلى المربع الذهبي علماً أن نهاية المباراة لم تخل من التشويق بإلغاء هدف لاعب سيتي رحيم سترلينغ عبر تقنية الفيديو في الدقيقة 93 والذي كان سيؤهّل فريقه.
ولعل "عجائب" هذه النسخة من "التشامبيونز ليغ" تجلّت أكثر في نصف النهائي عندما حقّق برشلونة الإسباني فوزاً كبيراً على ليفربول الإنكليزي 3-0 في "كامب نو" واتّجه إلى "أنفيلد" محمّلاً بالثقة والترشيحات بتأهّله نظراً لنتيجة الذهاب وللحافز بخوض النهائي في مدريد في ملعب أتلتيكو "واندا ميتروبوليتانو" ونظراً لأن "الريدز" يخوض المباراة من دون أبرز نجومه: المصري محمد صلاح والبرازيلي روبرتو فيرمينو والغيني نابي كيتا ونظراً لوجود ليونيل ميسي، لكن ما لم يتوقّعه أحد تحقّق وأدهش ليفربول الجميع بفوزه 4-0 ليتأهّل إلى النهائي.
وانتهاء أمس بالعودة التاريخية أيضاً لتوتنهام عندما تمكن من تعويض خسارته ذهاباً على ملعبه 0-1 وتأخّره في الشوط الأول إياباً على ملعب أياكس 0-2 وتحقيق الفوز 3-2 عبر ثلاثية البرازيلي لوكاس مورا خصوصاً أن الهدف الثالث جاء في الدقيقة 95. وللتذكير هنا فإن مورا نفسه كان سبباً في تأهل "السبيرز" إلى دور الـ 16 بعد أن سجّل هدف التعادل في مرمى برشلونة في الدقيقة 85 في الجولة الأخيرة من دور المجموعات ليتأهّل فريقه بفارق الأهداف عن إنتر ميلانو الإيطالي.
لكن مهلاً قد لا تكون مباراة توتنهام وأياكس آخر المفاجآت والعجائب في هذه النسخة من "التشامبيونز ليغ"، فمَن يعلم؟ ربما قد يتقدّم ليفربول أو توتنهام في النهائي 2-0 ثم يخسر، أو ربما قد يأتي هدف التتويج في الثواني الأخيرة، أو ربما قد يفوز أحد الفريقَين وهو منقوص من لاعب. باختصار، في هذه النسخة من البطولة لم يعد ممكناً توقّع أي شيء حتى صافرة الحكم النهائية التي ستُعلن المتوَّج باللقب.