وغالباً ما كانت الخطوات الاقتصادية العدائية تستكمل بخطوات أخرى أكثر إجراما على الأرض، كتوجيه المجموعات الإرهابية لضرب خطوط نقل النفط أو استهداف محطات الكهرباء أو حرق المحاصيل الزراعية أو نهب المنشآت الصناعية العامة والخاصة، وكانت هذه الجرائم ترتفع وتيرتها كلما توسعت دائرة السلع التي يشملها الحصار الغربي.
ومع ذلك- يقول المهندس خميس – فإن سورية صمدت بفخر وإباء، واستطاعت أن تكسر طوق الحصار وتتغلب على كل الصعوبات والمشاكل، وتؤمن بذلك عبر سنوات الحرب الماضية كل احتياجات المواطن السوري، ودون أن تتخلى عن سياستها الاجتماعية المتمثلة في استمرار العمل بمنظومة الدعم وتوفير فرص العمل والنهوض بالفئات المهمشة والمحتاجة.
وقال : ” اليوم، وبعد الانتصارات الميدانية لرجال قواتنا المسلحة وتحرير معظم المناطق بدعم الحلفاء الأوفياء، تخوض سورية في مواجهة الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حرباً اقتصادية جديدة قوامها إفشال الحصار الأمريكي الهادف إلى محاولة خنق الاقتصاد السوري وتقليب المواطن السوري على دولته ومؤسساتها، لاسيما وأن مؤشرات التعافي الاقتصادي كانت قد بدأت تظهر للعلن، من خلال عودة مئات المعامل والمصانع للعمل والإنتاج، وانتعاش تدريجي للصادرات السورية.
ومواجهة الحصار الأمريكي هو معركة بحد ذاتها، تتطلب إجراءات غير تقليدية على صعيد تأمين احتياجات البلاد المستوردة وغير المستوردة، ومراجعة شاملة لطرق وآليات استثمار واستهلاك الموارد والثروات، وهذا ما تعمل عليه الحكومة منذ عدة أشهر انطلاقاً من إيمانها أن النجاح في التغلب على تداعيات الحصار تبدأ من توحيد جهودنا جميعاً، والثقة بقدرة مؤسساتنا وشعبنا على تجاوز هذه المرحلة، وما قد تشهده من بعض الاختناقات والمعاناة.
ورغم شدة الحصار الذي سخرت له الإدارة الامريكية كل جهودها وقواها، فإن الحكومة حافظت على سياستها التي تبنتها منذ تشريفها بمهامها مع تغير في آليات وطرق تنفيذها. هذه السياسة القائمة على توفير كل مقومات تنشيط العجلة الإنتاجية للبلاد لتوسيع مظلة السلع المنتجة محليا كما ونوعا، وتطوير البيئة التشريعية والإدارية والفنية لمختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، وإطلاق عملية تنموية واسعة لتحسين بيئة العمل والخدمات في معظم المحافظات، لاسيما المناطق المحررة حديثاً من براثن الإرهاب.
ولم تكتف الحكومة بالعمل على المشروعات والقضايا ذات البعد التنموي الوطني العام، وإنما سعت إلى الدخول في تفاصيل حياة المواطن من خلال تفعيل عمل وأداء الوحدات الإدارية، والزيارات الميدانية المباشرة إلى مختلف المناطق والتجمعات السكنية، وتطوير خدمات المؤسسات العامة وعلاقتها بالمواطن. ونعتقد أن الفترة الماضية شهدت تطوراً ملحوظاً في هذه العلاقة، لاسيما وأن رئاسة مجلس الوزراء فتحت أبوابها أمام المراجعين من الأخوة المواطنين لتقديم شكواهم وعرض معاناتهم، وبالفعل فقد تم استقبال آلاف الطلبات التي حولت إلى مراجعها المختصة للمعالجة وفق مهل زمنية وآليات متابعة تحرص على عدم إهمال أو التأخر في معالجة شكوى لأي مواطن.
رئيس مجلس الوزراء قال في كلمته : ” ندرك أن طموحات المواطنين بعد أن زاح عن صدورهم كابوس الإرهاب، هي طموحات كبيرة ومحقة في آن معاً، إلا أننا في الحكومة نعمل وفق استراتيجية واضحة ومحددة وبإمكانيات مادية وفنية خاصة فرضتها سنوات الحرب القاسية، ولذلك فإن قناعتنا في الحكومة تقوم على مبدأين أساسيين، المبدأ الأول يتمثل في العمل والعمل لتحقيق طموحات شعبنا في كل المجالات، مسخرين لذلك كل الإمكانيات والجهود المتاحة، والمبدأ الثاني يتعلق بالحرص على كل مكسب وإنجاز ميداني تحقق على الأرض، ودُفع لأجله دماء زكية طاهرة من أبناء شعبنا وحلفائنا الصادقين.
وكان المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء قدم في كلمته أمام مجلس الشعب في دوره التشريعي الجديد عرضا سياسيا بكثير من الدقة والوضح
يقول المهندس عماد خميس : ” يعيش العالم، ومعه منطقتنا العربية، حالة من الفوضى وتنازع المصالح نتيجة السياسة العدوانية التي تتبعها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تعاطيها مع العلاقات الدولية، وهي سياسة ليست مختلفة في أهدافها ومصالحها عن سابقاتها من سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة، إلا أنها كانت الأوضح في التعبير عن غاياتها ومراميها عبر تدخلها المباشر بمختلف أشكاله في شؤون الدول، ونهبها العلني لثروات الشعوب ومواردها، وتشجيعها ودعمها اللامتناهي للإرهاب وإشعالها للحروب والنزاعات على امتداد قارات العالم.”
وقال : “لعل السياسة الامريكية المتبعة حيال سورية تفضح النوايا العدوانية لإدارة ترامب المبيتة تجاه شعوب المنطقة، فعلى مدار السنوات الأخيرة عملت الإدارة الأمريكية السابقة والحالية على مشروع إسقاط الدولة السورية، فدعمت المجموعات الإرهابية وسهلت تزويدها بالمال والسلاح والمسلحين، وحاربت كل مبادرة وحل سياسي، وحاصرت المواطن السوري في لقمة عيشه ومصدر دخله، مستعينة لتحقيق ذلك ببعض أدواتها الإقليمية وعملائها ومأجوريها، فضلاً عن تشجيع حليفتها إسرائيل للعدوان على الأراضي السورية تحت ستار من الأكاذيب الرامية لتضليل الرأي العام العالمي وحرف أنظاره عن الجرائم الأمريكية اليومية التي ترتكب بحق أبناء قرى ومناطق المحافظات الشرقية، والتي تتشابه وتتطابق مع جرائم الاحتلال الصهيوني ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني.”
وكان من الطبيعي يتابع المهندس خميس كلامه : ” أن يعلو الصراخ الأمريكي والصهيوني مع تمكن سورية، وبدعم من حلفائها وأصدقائها الأوفياء، من تحرير مناطق ومدن عول عليها الغرب كثيراً في مشروع تفتيت وحدة التراب السوري. وسرعان ما تجسد هذا الصراخ في محاولة عرقلة أي عملية عسكرية محتملة لتحرير محافظة إدلب، وفي توفير التغطية السياسية والعسكرية للاحتلال التركي لبعص المناطق السورية، وفي تشديد إجراءات الحصار الاقتصادي على سورية، المعمول به فعلياً منذ العام 2011. ومن ثم جاء اعتراف إدارة ترامب بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان العربي السوري المحتل من قبل الكيان الغاصب منذ العام 1967، ليشير بوضوح إلى أن أولوية الأمن الإسرائيلي هي المبتغى من كل ما تفعله الولايات المتحدة وجيوشها وأجهزة استخباراتها في المنطقة.”
وأضاف : ” في المقابل، فإن سورية، وانطلاقاً من يقينها الثابت والراسخ بحتمية انتصار الشعوب الحرة، فقد استمرت في تنفيذ سياستها القائمة على عدم التنازل عن أي حق من حقوق السوريين وقضاياهم العادلة، ورفض الانصياع لتنفيذ أي مطلب من جملة المطالب التي كانت ترد إلى دمشق من جهات مختلفة، من قطع علاقاتها مع الدول الحليفة والصديقة، إلى الرضوخ للمطالب الصهيونية والأمريكية المشبوهة، فالابتعاد عن القضية الفلسطينية وعدم معارضة مشاريع تصفيتها.
من ذلك كله يمكننا القول إن معركة تحرير محافظة إدلب قادمة بهمة أبناء قواتنا المسلحة، ولن يحول بينها وتلك المعركة المنتظرة أي جدار أو ستار، مهما تنوعت ألاعيب الغرب وأدواته من المجموعات التكفيرية المسيطرة على تلك المحافظة بشكل شبه كامل، فالنور في النهاية سيجد طريقه إلى إدلب. كذلك الحال مع المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة في المنطقة الشرقية للبلاد