كيف تشتعل النار؟
النار مثال على تفاعل كيميائي يسمى الاحتراق، والذي يحدث عندما يصبح الأكسجين شديد السخونة ويلتقي بمادة يمكن أن تحترق مثل الخشب.
ووفقا لموقع "ذا ساينس بي تي" (The Science PT) تتطلب النار 3 أشياء لكي تشتعل؛ وهي: مصدر طاقة (حرارة أو شرارة أو محفز آخر)، ومصدر وقود (شيء يحترق)، ومصدر أكسجين (موجود في الهواء).
والنار هي ببساطة الأكسدة (الجمع مع الأكسجين) السريعة والحيوية لمصدر الوقود. وفي حالة الحريق النموذجي يكون المؤكسد الذي يحمل الأكسجين عادة هو الهواء والشيء الذي يتأكسد هو الوقود، وكلما كان مصدر الوقود أكثر سهولة في قبول الأكسجين ويتأكسد كان أكثر قابلية للاشتعال.
وإذا كانت النار تتطلب الوقود والأكسجين ومصدر الحرارة لاستمرارها، فإن الماء يعمل على عنصر الوقود لإطفاء النار.
يقول مايكل غولنر، خبير الاحتراق في جامعة "كاليفورنيا، بيركلي" لموقع "لايف ساينس" (Live Science) العلمي، إن الماء يجعل من الصعب على الوقود، سواء كان خشبا أو مبنى أو غيره، الاستمرار في الاحتراق. فالماء يطفئ النيران أساسا لأنه يعد بالوعة حرارة؛ أي أنه جيد جدا في امتصاص الحرارة.
ويقول غولنر، إنه عندما يحترق الخشب على سبيل المثال فإن حرارة النار تؤدي في الواقع إلى تبخير المواد الموجودة في الخشب وتحويلها إلى غاز مما يؤدي إلى إشعال النار.
وفي حال غمرتَ الخشب في الماء فإنه يجب أن تكون النار ساخنة بدرجة كافية لتبخير كل من الخشب والماء.
ولكن بسبب السعة الحرارية العالية للمياه فإن تبخير الماء يتطلب الكثير من الطاقة أو الحرارة. وإذا كان اللهب يبدد طاقته لتبخير الماء فسيكون لديه في النهاية طاقة أقل لتسخين الخشب أو الوقود. وعندما يمتص الماء الحرارة يتم تبريد الوقود وإذا لم يستطع اللهب تسخين الوقود بما يكفي لتبخيره فلن يتمكن اللهب من إطعام نفسه ويتبدد في النهاية وينتهي.
كيف يعمل الماء أثناء صبه على الحريق؟
يذكر موقع "تيك ساينس" (Tec-Science)، أنه لتبخير الماء يجب أولا تسخين الماء إلى درجة حرارة الغليان مع العلم أن رفع حرارة كيلوغرام واحد من الماء من 20 درجة مئوية إلى 100 درجة مئوية يتطلب حرارة قدرها 336 كيلوجولا.
ولتبخير الماء المغلي يجب إضافة المزيد من الطاقة الحرارية لكسر الروابط الجزيئية التي تمسك جزيئات الماء معا في المرحلة السائلة. ويتطلب التكسير الكامل لهذه الروابط الهيدروجينية 2257 كيلوجولا أخرى من الحرارة.
وتُعرف هذه الطاقة الحرارية اللازمة للتبخير باسم "حرارة التبخر". أي أن تبخير الماء يتطلب أكثر من 6 أضعاف الحرارة اللازمة لتسخينه إلى درجة حرارة الغليان.
هذا القدر الكبير من الحرارة اللازمة لتبخير الماء هو السبب في أن الماء مناسب بشكل خاص لإطفاء الحريق.
وعند سكب الماء على موقع النار لا يتم تسخين الماء فحسب بل يتبخر أيضا وبالتالي يمتص كمية كبيرة من الحرارة من المواد المحترقة؛ ونتيجة لذلك يبرد موقع الحريق وتنخفض درجة الحرارة. وإذا انخفضت درجة الحرارة أخيرا عن درجة حرارة اشتعال المادة المحترقة فإن النار تنطفئ.
إزاحة الأكسجين
يمكن للماء أيضا أن يطفئ النار عن طريق إنشاء حاجز بين مصدر الوقود ومصدر الأكسجين. حيث إن الماء يتمدد بقوة أثناء التبخر فيصبح لتر واحد من الماء السائل عند ضغط ثابت حوالي 1700 لتر من بخار الماء. وهذه الزيادة الهائلة في الحجم أثناء التبخر تزيح الأكسجين اللازم للاحتراق من موقع الحريق ويختنق الحريق.
وهذا هو السبب في أن الماء لا يستخدم في إخماد حريق الشحوم أو الزيوت التي اشتعلت فيها النيران. حيث إن الماء والزيت لا يختلطان وتطفو الزيوت على الماء وبالتالي لا يمكن للماء أن يمنع الوقود وهو الشحوم من الأكسجين الموجود في الهواء.
كما أن إلقاء الماء على نار الشحوم يؤدي إلى رش الزيت المحترق فيزيد الحريق. لهذا السبب يجب استخدام غطاء لإخماد حريق الموقد بالمنزل على سبيل المثال.
رذاذ الماء
وفي حالات معينة من الحرائق، يتم استخدام إستراتيجية مختلفة لإطفائها تسمى رذاذ الماء، وهي تُستخدم في حالات الحرائق الداخلية مثل مكاتب العمل المليئة بالمعدات لأنه ليس من المنطقي أن يتم إغراق الأجهزة بالمياه على سبيل المثال.
وفي هذه الحالة يتم رش القطرات الصغيرة جدا من الماء بحيث تشبه البخار في الغرفة. وبالتالي يمكن الحصول على الكثير من بخار الماء بحيث يزيح الأكسجين ويبرد اللهب.
ما نراه من مياه يتم إسقاطها على حرائق الغابات لا يكون الهدف منها إخماد الحريق، بل إن الهدف هو إبطاؤه (شترستوك)
ورغم أنه لا يتم إخماد حرائق الزيت والشحوم عادة بالماء السائل لمنع زيادة معدل الحريق، فإنه يمكن استخدام رذاذ الماء ورشه على موقع الحريق فتتبخر قطرات الماء الدقيقة قبل أن تتلامس مع الزيت المحترق فتتم السيطرة على انتشار النيران قبل أن يصل الإطفائيون.
مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يجب استخدام الماء في حرائق المعادن، لأنه يتحلل ويشكل غاز أوكسي هيدروجين شديد الانفجار.
ورغم فعالية الماء كعامل إطفاء فإن هناك حالات لا يكون فيها استخدام الماء مجديا مثل حرائق البراري أو الغابات، لأنه يصعب في ظل هذه الحرائق الهائلة الحصول على ما يكفي من الماء ونقلها في الوقت المناسب.
ولكن ما نراه من مياه يتم إسقاطها على حرائق الغابات لا يكون الهدف منها إخماد الحريق، بل إن الهدف هو إبطاؤه، وذلك حتى تنجح أساليب مكافحة الحرائق الأخرى.
المصدر : لايف ساينس + مواقع إلكترونية