التعلم والقراءة يطيلان العمر
هناك بعض الأساطير المتداولة من مثل أن الإنسان عندما يتقدم به العمر تقل قدرته على التعلم، وهذا غير صحيح، وذلك لأن الحفاظ على أدمغتنا نشطة في مناطق جديدة له فوائد معرفية عديدة. فوفقًا لإحدى الدراسات العلمية، فإن الذين يقومون بالحياكة أو النجارة أو ممارسة الألعاب أو استخدام أجهزة الحاسوب أو القراءة، يتمتعون بقدرات معرفية أكبر مع تقدمهم في العمر.
كما وجدت أبحاث أخرى، أنه كلما زاد مستوى تعليمك، أو زاد نشاطك المعرفي المحفز، قل خطر إصابتك بأمراض الكبر مثل مرض ألزهايمر.
ووجدت دراسة علمية أخرى أن التعلم يمكن أن يطيل العمر، فالذين يقرؤون الكتب لأكثر من 3.5 ساعات في الأسبوع هم أقل عرضة للوفاة بنسبة 23% مقارنة بغيرهم، وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post).
وفوائد التعلم المستمر كثيرة لا حصر لها، وبالذات في زمن الذكاء الاصطناعي، إذ تحلّ الآلات محل البشر في عدد كبير من الوظائف والمهن. فحسب تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي، سيرتفع معدل الاعتماد على الآلات في جميع أنواع الوظائف إلى 52% بحلول عام 2025، وستقضي الأتمتة والروبوتات والذكاء الاصطناعي على 85 مليون وظيفة على مستوى العالم في الفترة نفسها.
ومن هنا، فإن تعلم مهارات جديدة يصبح أمرا حتميا ولازما للحفاظ على التطور المهني والوظيفي، أو تعلم مهن ومهارات جديدة تنسجم مع روح العصر.
كيف تدعم قدرتك على التعلم؟
هناك عوامل عديدة تدخل في عملية الحفاظ على قدرتنا على التعلم في مختلف مراحل الحياة، بغض النظر عن تقدمنا في السن، ومن أهمها بحسب ما ذكرت مجلة "نيوزويك" (Newsweek):
متطلبات جسدية:
النوم: للنوم آثار مباشرة وفورية على التعلم، فهو بالغ الأهمية لعمليات التعلم والقدرة على التذكر، والحكم الصحيح على الأشياء، وعلينا أن نأخذ عامل النوم في الاعتبار بأي خطة أو مشروع تعليمي أو إبداعي.
التمارين الرياضية: تعمل التمارين الرياضية على تحسين الحالة المزاجية، وتعزز من القدرة على اتخاذ القرار السليم، وتحسن الحالة النفسية حيث تطلق الرياضة "هرمون الإندروفين" (Endorphins)، وهو هرمون السعادة الذي يحسّن من مزاجنا، وكذلك من قدرتنا على التعلم.
نظام غذائي صحي: تظهر مجموعة من الأدلة آثارا مدهشة لنظام غذائي صحي على الأداء الإدراكي، وبالذات في المراحل المتقدمة من العمر.
متطلبات بيئية
أساسيات البيئة الجيدة: إذا كانت بيئة الشخص -بما فيه المجتمع الذي يعيش فيه- لا تدعم رفاهيته، فسوف تتضاءل قدرته على التعلم. وتشمل المتطلبات البيئية الأساسية: الطعام الجيد، وتوفر الرعاية الصحية المناسبة، والمساحة الخاصة بكل شخص، بما في ذلك المنزل الصحي، وأيضا توفر الوقت لممارسة الرياضة والقراءة والنوم. بالإضافة إلى العادات والأعراف الاجتماعية التي تشجع وتدعم الرغبة في التعلم، وتقدم المساعدة العملية عند الحاجة.
السلامة عند الفشل: الفشل غير مسموح به في المجتمعات غير الواعية، ويصبح الشخص الفاشل مدعاة للتندر والسخرية، لكنه ضرورة عند المجتمعات المتحضرة، ذلك لأن الفشل جزء من عملية التعلم، والمجتمعات الواعية تقدم الدعم والأمان لأفرادها عندما يفشلون، وتدعمهم حتى يحاولوا مرات ومرات وصولا للنجاح المنشود.
وتتضمن عملية التعلم قلة الاستيعاب أو الفهم البطيء ونسيان أشياء أساسية واتخاذ خيارات سيئة، فإذا تمت معاقبة هذه التجارب أو جعلها مخزية فسيتم إعاقة التعلم.
وأظهر بحث علمي أجرته الباحثة آمي إدموندسون ونشرته منصة جامعة "ماساشوستش/إم آي تي" (MIT) أن البيئة التي تعزز التعلم هي البيئة التي تزيل "وصمة العار" عن الفشل، بل تحتفل بالأخطاء التي تأتي من عملية التعلم أو التجارب العلمية المثيرة للاهتمام.
نصائح لمن هم فوق الستين
يجب أن يدرك من تجاوزوا سن الستين أنهم ما زالوا في قمة العطاء والقدرة على تعلم أشياء جديدة كل يوم، ومن أفضل طرق التعلم هي الجمع بين التمارين والأنشطة البدنية والعقلية، من خلال ممارسة التمارين الرياضية والألعاب البدنية والإلكترونية والرقص، وممارسة تمارين "تاي تشي" (tai chi) والمشي في الهواء الطلق، وذلك لأن إشراك الجسد والعقل معا له تأثير مضاعف على تحفيز القدرة على التعلم.
وعليكم مقاومة الصورة النمطية السلبية للشيخوخة، سواء كانت معتقدات اجتماعية أو داخلية في أذهانكم، كما ننصحكم بالاستمرار في التخطيط للأنشطة والمشاريع المستقبلية، فهناك حياة كاملة ما زالت أمامكم.
المصدر : مواقع إلكترونية