في أواخر القرن الـ19، حدد الباحثون الطبيون اليوروبيلين باعتباره المركب الكيميائي الذي يعطي البول لونه المميز.
ولكن ما لم يعرفه العلماء وقتها هو كيف يقوم الجسم البشري بإنتاج اليوروبيلين من مركب آخر يسمى "البيليروبين" (Bilirubin)، وهو منتج ثانوي يعني "نفايات" ناتج عن موت خلايا الدم الحمراء.
والآن قال باحثون من الولايات المتحدة إنهم حددوا الإنزيم الذي ينتج اليوروبيلين، وفقا للإندبندنت.
وأجرى الدراسة باحثون بقيادة والأستاذ بجامعة ميريلاند برانتلي هول، ونشرت في مجلة نيتشر مايكروبيولوجي (Nature Microbiology).
ويمكن أن يساعد اكتشاف هذا الإنزيم -واسمه "بيليروبين ردكتيز" (bilirubin reductase)- في فهم كيفية تأثير الميكروبات على الحالات الضارة مثل اليرقان وحصوات المرارة ومرض التهاب الأمعاء.
الميكروبات
وقال هول "من اللافت للنظر أن ظاهرة بيولوجية يومية ظلت دون تفسير لفترة طويلة، وفريقنا متحمس ليكون قادرا على تفسيرها".
وفي حديثه إلى موقع هيلث لاين، أوضح "لسوء الحظ، يمكن أن تشكل الميكروبات في الجسم صعوبة في الدراسة".
لكنه قال إن التطورات الأخيرة في علم الوراثة سمحت للعلماء بمقارنة الحمض النووي لسلالات ميكروبية مختلفة وتحديد الجين المسؤول عن اختزال البيليروبين.
وقال هول "باختصار، لقد كشفنا عن جانب أساسي لكيفية تأثير الميكروبات المعوية لدينا على حياتنا اليومية".
لقد عرف العلماء منذ فترة طويلة أن كمية اليوروبيلين في دم الشخص، وبالتالي لون بوله، تعد مؤشرا حاسما لبعض الأمراض.
على سبيل المثال، ينجم اليرقان عن زيادة كمية البيليروبين في الجسم، ويعود ذلك أحيانا إلى عدم استقلابه بشكل صحيح عن طريق الكبد أو الأعضاء الأخرى.
ووجدت هذه الدراسة الجديدة أيضا أن الأطفال حديثي الولادة، المعرضين للإصابة باليرقان، والأشخاص الذين يعانون من مرض التهاب الأمعاء، لديهم مستويات أقل من إنزيم البيليروبين المختزل، مما يشير إلى أن غيابه قد يسهم في مثل هذه الأمراض.
ما هو البيليروبين؟
عندما تنتهي خلايا الدم الحمراء من دورة حياتها في جسمك، فإنها تتحلل وتمر عبر مجرى الدم إلى الكبد للمعالجة. وعندها يقوم الكبد بإفراز البيليروبين مع النفايات الأخرى إلى سائل يسمى الصفراء. تخرج الصفراء من جسمك عبر الأمعاء. البيليروبين هو الصباغ الذي يعطي الصفراء لونها الأصفر المميز، وفقا لموقع كليفلاند كلينيك.
وغالبا ما يقوم مقدمو الرعاية الصحية بإجراء اختبارات البيليروبين للتحقق من صحة الكبد. يعد اختبار البيليروبين واحدا من مجموعة شاملة من اختبارات وظائف الكبد التي تقيس منتجات الكبد المختلفة في الدم. إذا كانت هذه القيم مرتفعة أو منخفضة، فقد تشير إلى أن كبدك يعاني بطريقة ما. لكن مستويات البيليروبين غير الطبيعية لا تشير دائما إلى وجود مشكلة في الكبد. في بعض الأحيان يكون في مكان آخر.
ما الذي يسبب ارتفاع مستويات البيليروبين؟
قد يتراكم البيليروبين في دمك إذا:
قام جسمك بتكسير عدد كبير جدا من خلايا الدم الحمراء بسرعة كبيرة، مثلا إذا كنت تعاني من اضطراب في الدم، مثل فقر الدم الانحلالي، الذي يدمر خلايا الدم الحمراء.
صعوبة لدى الكبد في معالجة حمولته الطبيعية من البيليروبين. قد يعاني كبدك من زيادة السموم في بعض الأحيان، أو قد يكون مصابا بمرض كبد مزمن يؤثر على أدائه.
نظامك الصفراوي لا يقوم بإزالة الصفراء بكفاءة. قد يكون هناك انسداد في القنوات الصفراوية أو المرارة مما يتسبب في ارتجاع الصفراء وتسربها إلى مجرى الدم.
ما الذي يسبب انخفاض مستويات البيليروبين (نقص بيليروبين الدم)؟
يمكن لبعض الأدوية أن تخفض مستويات البيليروبين، بما في ذلك المضادات الحيوية وحبوب منع الحمل والحبوب المنومة وأدوية النوبات. المستويات المنخفضة ليست عموما مدعاة للقلق.
ماذا يفعل البيليروبين في جسمك؟
البيليروبين هو نتاج نفايات خلايا الدم الحمراء التي انتهى عمرها، عادة، يقوم جسمك بطردها من خلال الأمعاء. ومع ذلك، فإنه في طريقه للخروج، قد يوفر بعض الفوائد.
تشير الدراسات الحالية إلى أن البيليروبين قد يعمل كمضاد للأكسدة يساعد في الحماية من أمراض القلب والأوعية الدموية. ومع ذلك، النسبة الكثيرة يمكن أن تكون سامة. وإذا تراكم في دمك، فقد يجعلك تشعر بالمرض. ويمكن أيضا أن يؤدي إلى تهيج الأعصاب الموجودة تحت الجلد، مما يسبب الحكة.
أعراض ارتفاع البيليروبين
يؤدي ارتفاع البيليروبين إلى اليرقان، وظهور طبقة صفراء على جلدك وبياض عينيك. غالبا ما يكون اليرقان هو العرض الأول الذي يدفع مقدم الرعاية الصحية إلى فحص مستويات البيليروبين لديك. يمكن أيضا أن يتسرب البيليروبين المرتفع في الدم إلى البول، مما يجعله أكثر قتامة. إذا لم يخرج البيليروبين في برازك كما ينبغي، فقد يكون برازك أفتح أو ذا لون طيني. يمكن أن يسبب البيليروبين المرتفع جدا حكة.
فحص البيليروبين في الدم
يقيس اختبار دم البيليروبين مستويات البيليروبين في الدم. يقوم مقدم الرعاية الصحية بسحب عينة صغيرة من دمك من الوريد ويرسلها إلى المختبر لتحليلها. سيقوم المختبر بقياس مستويات البيليروبين لديك لتحديد ما إذا كانت ضمن المعدل الطبيعي. قد تشير مستويات البيليروبين المرتفعة أو المنخفضة إلى أن جزءا من عملية تحطيم خلايا الدم الحمراء القديمة وإزالتها لا يعمل بشكل صحيح.
مستوى البيليروبين الطبيعي
في المتوسط، تعتبر مستويات البيليروبين الإجمالية بين 0.2 و 1.3 مليغرام/ ديسيلتر طبيعية بالنسبة للأطفال والبالغين. إذا كانت مستوياتك أعلى، فقد يرغب مقدم الرعاية الصحية الخاص بك في إجراء مزيد من التحقيق للبحث عن السبب. قد يشير إلى مشكلة تحتاج إلى الاهتمام. لكن البيليروبين المرتفع في حد ذاته لا يحتاج عادة إلى علاج.
الأمر مختلف قليلا بالنسبة لحديثي الولادة. يمكن أن تتراوح المستويات الطبيعية لحديثي الولادة بين 1.0 و12.0 مليغرام/ديسيلتر. في معظم الأحيان، يكون فرط بيليروبين الدم عند الأطفال حديثي الولادة أمرا متوقعا. لكن مقدمي الرعاية الصحية يواصلون مراقبة هذه الحالات للتأكد من أن مستويات البيليروبين لا ترتفع كثيرا أو بسرعة كبيرة. قد يشير هذا إلى حالة أكثر خطورة، وقد يكون أيضا ساما للمولود الجديد.
المصدر : إندبندنت + الجزيرة + وكالات