وأجرى الدراسة باحثون من كلية الطب في جامعة دريكسيل في الولايات المتحدة، ونشرت في مطلع يناير/كانون ثاني الحالي في مجلة جيه إيه إم إيه بيدياتركس JAMA Pediatrics، وكتب عنها موقع "يوريك أليرت "(EurekAlert).
وتعكس مهارات المعالجة الحسية لدى الأطفال قدرة أجسامهم على الاستجابة بشكل فعال ومناسب للمعلومات والمحفزات التي تحيط بهم وتستقبلها أجهزة جسمهم الحسية، كالاستجابة للأصوات واللمس وتذوق الأطعمة ورؤية الأشياء من حولهم.
استخدم الفريق البحثي المعلومات المتوافرة من خلال دراسة الأطفال الوطنية عن مشاهدة الأطفال الرضع (أعمارهم 12و 18 و24 شهرا) للتلفاز والأقراص المدمجة خلال الفترة الممتدة بين 2011 و2014. وقد وفّر هذا المسح الوطني معلومات عن مشاهدة 1471 طفلا للتلفاز وأفلام الفيديو، وقيست المعالجة الحسية لدى هؤلاء الأطفال في عمر 33 شهرا، باستخدام استبانة عبّأها الوالدان أو مقدمو الرعاية للأطفال. هذه الاستبانة مصممة لتقيّم معالجة الأطفال لما يسمعون ويشاهدون ويشمون.
سلوكيات الأطفال
من خلال تعبئة هذه الاستبانة يعطي الوالدان علامة لسلوك الطفل تتراوح بين 1 (دائما) إلى 5 (لا يفعل ذلك أبدا)، وذلك حين بلوغ الطفل لعمر 30 شهرا تقريبا. ومن ثم فإن العلامات المنخفضة تشير إلى أن الطفل يفعل السلوكيات الحسية الموصوفة بشكل مستمر.
الاستبانة تقدم أسئلة حول سلوكيات الأطفال حول ما يتعلق بـ5 مجالات:
الاستجابة السمعية؛ مثل: محاولة صنع صوت من الألعاب، أو تجنب الأماكن المزعجة.
الاستجابة البصرية؛ مثل: النظر للأشياء البراقة.
الاستجابة الحسية؛ مثل: مقاومة أن يحضنه أحد.
الاستجابة الحركية؛ مثل: مقاومة وضع الرأس إلى الوراء عند الاستحمام.
والاستجابة الفموية للأشياء؛ مثل: مضغ الأشياء غير القابلة للأكل.
وتقدم الاستبانة شبكة من 4 أشياء ما يلخص ويساعد على فهم استجابة الأطفال، فتصنّف استجابة الأطفال إلى:
منخفض الاستجابة: وهو الطفل الذي لا يلاحظ المحفزات من حوله، ويستجيب ببطء لذلك.
الأطفال الباحثون عن التحفيز الحسي: وهم الأطفال الذين يهتمون ويستمتعون بأي محفز حسي.
الأطفال الحساسون للمحفزات: وهم الأطفال الذين يدركون أقلّ حافز من حولهم.
الأطفال المتجنبون للمحفزات: وهم الأطفال الذين يحاولون التحكم بالبيئة من حولهم؛ مثل: مقاومة الاستحمام.
كيف تؤثر مشاهدة الرضع والأطفال الصغار للتلفاز؟
وجد الباحثون أن التعرض للشاشات في عمر 12 شهرا يخفض الاستجابة لهؤلاء الأطفال بنسبة 105% عند مقارنتهم بالأطفال الذين لم يتعرضوا للشاشات مطلقا. وكل ساعة إضافية يقضيها الطفل في عمر 18 شهر على الشاشات ارتبطت بزيادة نسبتها 23% في السلوكيات غير النمطية المرتبطة بانخفاض الاستجابة وتجنب المحفزات.
أما التعرض للشاشات بعمر 24 شهرا، فتزيد بما نسبته 20% من احتمالية أن يصبح الطفل أكثر اهتماما وطلبا للمحفزات، وأقل إحساسا بها ومتجنبا لها في عمر 33 شهرا.
هذه النتائج تضاف إلى قائمة طويلة من أمور متعلقة بصحة ومخرجات التطور التي ترتبط بمشاهدة الرضع والأطفال الصغار للشاشات. وتشمل هذه القائمة تأخر تعلم اللغة، وبعض القضايا السلوكية، وصعوبة النوم، ومشكلات في التركيز، وتأخر القدرة على حل المشكلات.
ووفقا للدكتورة كارين هيفلر الطبيبة والأستاذ المشارك في الطب النفسي في كلية الطب في جامعة دريكسل، والباحث الرئيس في هذه الدراسة؛ فإن السلوكيات التي تتسم بالتكرار التي تظهر لدى الأطفال المصابين باضطراب أطياف التوحد، مرتبطة بشكل كبير بالاستجابة الحسية غير النمطية.
جدير بالذكر أن الاكاديمية الأميركية للأطفال لا تشجع على مشاهدة الأطفال دون سن 24 شهرا للشاشات. وتعدّ الأكاديمية أنه لا مشكلة في مكالمات الفيديو الحية، حيث إنها تقدم للطفل فائدة من التفاعل الحاصل من خلالها. وتوصي الأكاديمية بتحديد مشاهدة الطفل للشاشات لوقت لا يزيد عن ساعة في العمر بين سنتين الى 5 سنوات.
تشير الدكتورة هيفلر إلى أنه وعلى الرغم من أن الدراسة قد نظرت في عدد ساعات مشاهدة التلفاز أو أفلام الفيديو، وليس ما يُشاهد من خلال الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية؛ فإنها تعرض معلومات مبكرة عن التعرض المبكر للوسائط الرقمية أثرها اللاحق في سلوك الأطفال، وتضيف أننا نحتاج للبحث أكثر حول العلاقة التي تربط بين التعرض المبكر للشاشات والاضطرابات السلوكية.
المصدر : الجزيرة + يوريك ألرت