من جديد .. "اللاشمانيا" تغزو حلب والسبب قلة الوعي الصحي وتراكم القمامة

الأربعاء 8 مايو 2024 - 08:22 بتوقيت غرينتش
من جديد .. "اللاشمانيا" تغزو حلب والسبب قلة الوعي الصحي وتراكم القمامة

تعتبر محافظة حلب أقدم بؤرة للإصابة بداء اللاشمانيا، وهو داء جلدي ومرض مستوطن مرتبط بعوامل بيئية ومناخية واجتماعية تجعل السيطرة عليه تحدياً كبيراً ويستلزم بذل جهود كبيرة وتعاون من مختلف الجهات المعنية بالواقع البيئي.

والخطير بهذا المرض الذي ينتشر عن طريق "ذبابة الرمل" التي تلدغ أجزاء الجسم المكشوفة، أنه يمر دون اكتشافه خلال المراحل الأولى من العدوى به، إذ لا يشعر المرضى سوى بآثار تشبه تلك التي تُخلِّفها لدغة البعوضة المعتادة وبعد مرور بضعة أشهر، تبدأ الآفة في التورُّم على نحو غير مألوف، وتنتقل العدوى من إنسان مصاب إلى إنسان سليم بواسطة العامل الناقل "أنثى ذبابة الرمل" التي تختبئ نهاراً في الأماكن ذات الحرارة المعتدلة والبعيدة عن التيارات الهوائية وتنشط ليلاً في الأماكن المعتدلة أيام الربيع والصيف منذ الغروب حتى ساعات الصباح الأولى.

وتؤكد وزارة الصحة أن المرض ينتشر في المناطق التي تعاني شروطاً بيئية سيئة مثل تراكم القمامة ووجود مستنقعات مياه راكدة وعدم مكافحة القوارض والكلاب الشاردة.

ارتفاع عدد الإصابات في بعض قرى المحافظة:

وبحسب "أثر برس"، يؤكد رئيس مركز معالجة اللاشمانيا في مديرية صحة حلب الدكتور سامر عدل أن معدل الإصابات باللاشمانيا في محافظة حلب في العام 2023 انخفض عن عامي 2022 و2021، حيث بلغ 25077 إصابة عام 2023 مقابل 36500 عام 2022، و36900 عام 2021 في حين سجل عام 2020 أقل عدد إصابات خلال السنوات الأربع الماضية بـ 24900 إصابة، مرجعاً أسباب انخفاض الإصابات إلى الوعي الصحي وحملات الرش التي تنفذها المديرية.

ويشير الدكتور عدل إلى أن بعض المناطق الصحية "الأحياء" والقرى شهدت انخفاضاً بعدد الإصابات في حين سجل بعضها الآخر ارتفاعاً بعدد الإصابات مقارنة بين عامي 2022 -2023، ومنها على سبيل المثال قرية تل شعير في منطقة إعزاز الصحية التي سجلت ارتفاعاً ووصل عدد الإصابات فيها إلى 114 إصابة خلال 2023 مقابل 70 في العام الذي سبقه، وقرية تلرفعت التي ارتفعت الإصابات فيها من 142 إصابة إلى 226 إصابة، وكذلك قرية حليصة في منطقة سمعان الصحية التي ارتفعت إصاباتها من 41 إلى 246 إصابة، وعسان من 16 إلى 119 إصابة وصقلايا من 27 إلى 109 إصابات، في حين شهدت أحياء المدينة انخفاضاً طفيفاً في الإصابات بمقارنة العامين نفسهما.

العلاج يهدف لكسر حلقة سراية المرض:

ويضيف الدكتور عدل بأن مديرية صحة حلب تقدم خدماتها العلاجية عبر 49 مركزاً صحياً 25 منها في المدينة و24 في الريف بالإضافة إلى 3 فرق طبية جوالة للوصول إلى المناطق البعيدة وصعبة الوصول، لافتاً إلى أن المعالجة تنقسم إلى الحقن الموضعي للآفات القليلة والصغيرة، والحقن الموضعي للآفات العديدة والمشوهة، والعلاج بالآزوت السائل للآفات الحديثة وفي أماكن محددة، مؤكداً أن المعالجة تهدف للشفاء والتخفيف من الندبات المشوهة التي تخلفها الإصابة، والأهم كسر حلقة سراية الداء.

أما عن المكافحة المتكاملة فإنها وبحسب الدكتور عدل، تقوم على إجراءات عدة منها الإصحاح البيئي من خلال عمل فرق التقصي البيئي التي تقوم بإجراء مسح بيئي للأماكن الموبوءة وتنظيم التقارير وإرسالها للجهات المعنية، إضافة إلى مكافحة العامل الناقل “ذبابة الرمل” من خلال حملات رش منظمة ودورية خلال فترة نشاط الحشرة، مشيراً إلى أن مديرية صحة حلب نفذت خلال صيف العام الماضي حملة رش لمدة 40 يوماً شملت 39 حياً في المدينة و58 قرية إضافة إلى القيام بحملات توعية وتثقيف صحي للأهالي لتغيير السلوكيات الصحية والبيئية الخاطئة.

مجلس المدينة يرمي الكرة في ملعب الإمكانات وعدم تعاون الأهالي:

وبالانتقال إلى دور الجهات المعنية بالشأن الخدمي فكان الحصول على المعلومات والتصريحات صعباً جداً واستغرق التصريح من عضو المكتب التنفيذي المختص في مجلس مدينة حلب حوالي أسبوع ما بين أخذ موافقة رئيس المجلس وتأمين المعلومات اللازمة حول واقع النظافة وترحيل القمامة في الأحياء، حيث بيّن عضو المكتب التنفيذي للمجلس رفيق رزوق أن مديرية الشؤون الصحية بالمجلس بدأت موسم رش المبديات الحشرية "الرذاذي والضبابي" بداية الشهر الحالي وتغطي كافة أحياء المدينة بمعدل ثلاث جولات يومية متتالية إضافة للحدائق وسرير نهر قويق وحول حاويات القمامة والمستنقعات بإشراف المخاتير ولجان الأحياء.

وفيما يتعلق بترحيل القمامة، أوضح رزوق أن أعمال النظافة متابعة من المجلس بشكل يومي وضمن الإمكانات المتاحة حيث يبلغ الناتج اليومي للقمامة في حلب بين 1200-1400 طن، معتبراً الرقم كبير ويحتاج لجهود وآليات وعمالة كبيرة، إضافة على ترحيل الأنقاض الناتجة عن هدم الأبنية سواء المخالفة منها أن بسبب الزلزال، مؤكداً أن المجلس يعاني من النقص الشديد في اليد العاملة والآليات اللازمة، وهو ما يتم تلافيه بالتعاون مع المنظمات الدولية لتأمين عمال نظافة وترحيل الأنقاض خاصة في الأماكن التي صعب دخول الآليات إليها كالمدينة القديمة.

أما عن المعوقات، فمن وجهة نظر رزوق هناك عدم تعاون من قبل الأهالي من ناحية الالتزام بمواعيد وأماكن رمي القمامة إضافة لنقص اليد العامة واهتلاك الآليات وقدمها.

المحافظة تتنصل من المسؤولية:

في حين اعتبر عضو المكتب التنفيذي لقطاع مجالس المدن والبلدات والبلديات في محافظة حلب عبد القادر دواليبي أن هذا الموضوع ليس من اختصاص مكتبه وأنه من اختصاص المكتب المعني بالصحة، ولم يجب عن الإجراءات المتعلقة بواقع النظافة والمستنقعات في الوحدات الإدارية بالريف.

حملات رش بالطيران الزراعي

مدير الزراعة في حلب المهندس رضوان حرصوني بيّن لـ “أثر” أن الوحدة الجوية التابعة لوحدة وقاية النبات في وزارة الزراعة نفذت من خلال الطيران الزراعي طلعات على مجرى نهر قويق للقضاء على ناقل مرض اللاشمانيا والبعوض والحشرات الزاحفة في الريف الجنوبي لمحافظة حلب حيث شملت جميع القرى على مجرى نهر قويق إضافة إلى السيحة الغربية والشرقية واستمرت الطلعات الجوية لمدة أسبوع وبلغت المساحة التي تم مكافحة الحشرات فيها 2800 هكتار.

وتبقى اللاشمانيا داء يهدد الأهالي في محافظة حلب والتي تعتبر أقدم بؤرة للمرض وخاصة في ظل الواقع الخدمي الراهن.

المصدر: أثر برس

 

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019