أصل الحكاية
بحسب المتداول، كان هناك رجل فقير في الولايات المتحدة يبحث عن طريقة ليصبح بها ثرياً في أسبوع دون أن يعمل أو يبذل أي جهد، فقام بنشر إعلان في إحدى الصحف يقول فيه "إن كنت تريد أن تصبح ثرياً فأرسل دولاراً واحداً على العنوان التالي".
ولاقى الإعلان رواجاً كبيراً في صفوف الناس لعزفه على وتر الطمع والحلم بالثراء السريع فقام الملايين بإرسال دولاراً واحداً على العنوان المنشور بالصحيفة، وغدا الرجل مليونيراً بمجرد إعلان من سطرين.
وردّ صاحب الإعلان في زاوية ضمن ذات الجريدة على المُرسلين تحت عنوان "هكذا تصبح ثرياً"، وكتب فيها قصته وكيف تحوّل في أسبوع من الفقر إلى الثراء، فاكتشف الأشخاص الذين أرسلوا له الدولارات أنهم وقعوا ضحية عملية نصب ورفعوا الأمر إلى القضاء.
وناقش القاضي تفاصيل القضية، لكنه لم يجد بحسب المتداول ما يدين به الرجل، فهو لم يستغل إلا سذاجة من أرسل له الأموال عدا عن تحوّل الرجل إلى ثري بالفعل، فقال العبارة التي صارت من أشهر العبارات في التاريخ "القانون لا يحمي المُغفلين".
كيف يرى القانون السوري هذه المقولة؟
وبحسب تلفزيون "الخبر"، أوضح المحامي "رامي جلبوط"، أن "المقولة غير صحيحة أبداً، لأن القانون يحمي جميع المواطنين وأعطى حماية إضافية من خلال المادة 200 من قانون الأحوال الشخصية للأشخاص الذين يعانون من خلل بالأهلية وهما السفيه والمغفل، والأحكام الخاصة بهذين الشخصين مختلفة عن عوارض الأهلية الأُخرى مثل الجنون والعته أو الإكراه وغيرها".
وتابع "جلبوط"، أن "المادة 200 عرفت السفيه بأنه الذي يبذر أمواله ويضعها في غير مواضعها بإنفاقه ما يعد من مثله تبذيراً أما المغفل فهو الذي تغلب عليه الغفلة في أخذه وعطائه ولا يعرف أن يحتاط في معاملته لبلاهته".
وأكمل "جلبوط"، أن "القانون اعتبر تصرفات السفيه والمغفل صحيحة إلى حين صدور قرار القاضي بالحجر عليهما، وتعيين قيم على تصرفاتهما القانونية، فيما عدا ذلك فإن تعرض السفيه والمغفل إلى عمليات التدليس والاحتيال أو غيرها من العوارض التي تشوب التعاملات القانونية وغيرها فيطبّق عليها القواعد القانونية الخاصة بكل منها كما تطبق على أي شخص آخر".
وبيّن "جلبوط"، أن "المتضررين بحادثة الرجل الأمريكي ليسوا مغفلين وفق القانون السوري وتخضع هذه الحادثة لأحكام المادة 163 من القانون المدني السوري".
وتنص المادة 163 على أنه "من وجّه للجمهور وعداً بجائزة يعطيها عن عمل معيّن التزم بإعطاء الجائزة لمن قام بها ولو قام به دون نظر إلى الوعد بالجائزة أو دون علم بها".
وسواء حدثت هذه الواقعة أم لم تحدث فهي تشكّل جريمة احتيال بغض النظر عن حقيقة أن المتضررين سلّموا أموالهم لصاحب الإعلان بإرادتهم، ذلك أن إرادتهم كانت معيبة لأنهم كانوا واقعين تحت تأثير الخداع.
وربما تكون هذه المقولة سبباً من أسباب انتشار ما يسمّى بـ"الفهلوة" بين الناس، اعتقاداً منهم أنها مهارة وقدرة، وأن الشخص "الفهلوي" يستغل قدراته وهو غير مسؤول عن سذاجة المتعاملين معه، بينما في الواقع هو محتال بنظر القانون.
المصدر: تلفزيون الخبر