الاعتراف الدولي بوجود فن تاريخي يعرف بخيال الظل السوري، لم يعطي الأمل للمخايلين الجدد، حيث أننا لم نسمع عن فعالياتٍ لهم كما أن محاولاتهم بالتعاطي مع الفن كمهنة لم تنجح أيضاً، لحين إعلانٌ قبل أيام عن عرضٍ مشترك لمسرح خيال الظل بتوقيع سوريٍّ – صيني على خشبة القباني، جمع بين الحلاق و"تشو تشين شي" مندوب جمعية التراث اللامادي في الصين، تحت عنوان "كركوز نيهاو صين"، ليبدو لنا اليوم أن أصول مسرح خيال الظل صينية، بعد مفاجأة الفنان، الذي بحث كثيراً في تراث بلده المُمتد عبر طريق الحرير القديم، مكتشفاً بأن خيال الظل رغم أصوله الصينيّة، اكتسب ملامح مُختلفة لدينا، بما في ذلك أدوات تحريك الدمى ونوعية المواد المستخدمة في صناعة والألوان أيضاً، بالاضافة إلى المواضيع .
تباينت طرق العمل بين الثقافتين (السورية والصينية)، ففي الوقت الذب اعتمد فيه الحلاق تحريك الدمى بالعصي خلف شاشة عليها بعض الرسومات المُتعلقة ببيئة الحكاية، يستخدم الصينيون دمى مصنوعة من جلد الحمير تتحرك بواسطة أسلاك معدنية وقطع خشبية، عبر شاشةٍ بيضاء بالكامل، لكن وبعد الحوار والنقاش وصل الفنانان لطريقة واحدة، واتفقا على أن تكون كلمة “نيهاو” التي تعني "أهلاً" باللغة الصينية، موضوعاً للعرض، الذي تناول شخصية الرياضي الصيني "جاكي شان" لاعب "الكونغ فو" المُحترف بموقفٍ طريف، مع إضفاء قيم التسامح ومساعدة الآخرفي النتيجة .
عدم الوضوح وعدم أخذ المواضيع بجدية، كانا واضحين ضمن العرض، الذي حاول ارتجال مواقف بدت غبر محببة للجمهور، مع استثمار لوجود الأطفال، واستثارتهم بنداءات أطلقها الحلاق بواسطة الدمى، لكسب تفاعلهم، بسيدو المشهد غير واضح ولا مترابط المعاني وفاقداَ للجدية أيضاَ.
والغريب اليوم، ليس عدم وجود نص مناسب، بل عدم استثمار تلاقي ثقافتين وحضارتين بمكان واحد، حيث كان من الأفضل بمكان ما التراجع عن العرض، لافتقاره من أي مضمون أو رسالة، عوضاً عن التهاون والاستخفاف بالفن نفسه وبالجمهور الذي سيُفكر طويلاً عندما يقرأ مرة ثانية إعلاناً عن مسرحية لخيال الظل، لا سيما بعد الانقطاع الطويل عنه والعودة بتجربة من الممكن وصفها بغير الموفقة.
المصدر: صحيفة تشرين