ذكرى عزيزة على قلوب كل السوريين، ممن عاصروا هذا الحدث العظيم عام 1960، التي تزامنت مع بداية إرسال التلفزيون المصري الشقيق، حاملين معهما اسماً واحداً هو "التلفزيون العربي" لكون انطلاقتهما أتت في ظل دولة الوحدة التي كانت تجمع البلدين آنذاك.
كانت البداية بالأبيض والأسود من قمة جبل قاسيون في دمشق، حيث أقيمت أول محطة إرسال بقوة منخفضة لا تزيد على 10 كيلوواط، واستمر إرساله ساعة ونصف الساعة فقط في اليوم الأول، كما لم يتجاوز مدى إرساله مدينة دمشق، وبعد أقل من عام على انطلاقته انتقل إلى مبناه الجديد في ساحة الأمويين.
تعود فكرة إقامة استوديو الإرسال التلفزيوني في جبل قاسيون لكونه خياراً هندسياً، يضمن تغطية شارة البث التلفزيوني أكبر مساحة ممكنة من دمشق وضواحيها، لكن الصعود إلى الجبل في طريق شاهقة ووعرة وغير ممهدة جيداً، كان يمثل معاناة يومية شاقة للعاملين فيه وتحدياً مربكاً للعمل الإعلامي.
مع ولادة هذا الجهاز السحري، أصبحت لاقتنائه من قبل أي عائلة دافعاً للجيران والأقارب لزيارتها، لا سيما عند بث التمثيليات والمباريات الرياضية، كما كانت أمانة العاصمة دمشق تقوم بوضع أجهزة التلفزيون أمام الحدائق العامة في المناسبات الوطنية، لضمان مشاهدتها من قبل أكبر عدد من الناس.
استحوذ هذا الاختراع على عقول السوريين ببرامجه وتمثيلياته المشغولة بعناية ودقة، كما شكل تحدٍ كبير لضعف الإمكانات المتاحة للعاملين آنذاك، الأمر الذي استدعى الصحافة العربية لتتحدث بفخر واعتزاز عن المستوى الراقي لأول تلفزيون على مستوى المنطقة العربية يدار بخبرات وطنية.
تطور التلفزيون السوري بشكل كبير، كما صور وسجل وأنتج مئات الأعمال والأفلام التسجيلية التي توثق لمسيرة الفن والثقافة والأدب في سورية في المراحل منذ افتتاحه، إضافة إلى أرشيف لكبار الفنانين والفنانات السوريين والعرب وأهم حفلات الفنانين في سورية والاحتفالات المختلفة.
المصدر: الوطن