استنساخ سيناريو غزة المتوحش في لبنان.. كتب منذر عيد

الأربعاء 23 أكتوبر 2024 - 07:37 بتوقيت غرينتش
استنساخ سيناريو غزة المتوحش في لبنان.. كتب منذر عيد

قرابة الشهر من العدوان "الإسرائيلي" على لبنان بشكل مباشر، بعد أكثر من سنة على عدوانه على قطاع غزة، تبرز حقيقة جلية لمن يريد أن يرى الأمور على حقيقتها، وهي أن العدو "الإسرائيلي" سارع إلى استنساخ ما قام به في القطاع بحذافيره في لبنان وخاصة في الضاحية الجنوبية، لجهة الذهاب بشكل مباشر وجنوني إلى تدمير مساكن المدنيين واستهداف المؤسسات الاجتماعية والمنظومة الطبية والدفاع المدني، خاصة التابعة لحزب اللـه أو المقربة منه، استنساخ يثير الكثير من الأسئلة، خاصة بعد إخفاق المخطط الصهيوني في القطاع.

ليكون السؤال الأبرز ماذا أنجز جيش الاحتلال "الإسرائيلي" من نتائج؟ وماذا حقق من أهداف خلال شهر العدوان إذا ما استبعدنا "إنجاز" قتل المدنيين وتدمير البنى التحتية في لبنان؟

في مقارنة متأنية وموضوعية بين ما حققته المقاومة اللبنانية - حزب اللـه، طوال عام من الإسناد لغزة، وشهر من الدفاع عن لبنان، نجد الفارق الكبير في نوعية الأهداف وحجم الإنجاز، حيث أن كل ضربات وإنجازات الحزب كانت لأهداف عسكرية، تخص بشكل مباشر قوات الاحتلال، من قواعد ومطارات وتموضعات جنود، حيث كان أبرزها استهداف قاعدة لواء جولاني في نتانيا، ومنزل رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو في "قيسارية"، أو مصادر دعمه اللوجستية، في حين اقتصرت أهداف و"إنجازات" العدو، باستثناء استهداف قادة المقاومة، على ضرب منازل المدنيين والمشافي، بزعم أنها تحوي مقار أو أسلحة للحزب.

السيناريو ذاته الذي اتبعه في تدمير غزة، وتهجير سكانها طوال سنة من العدوان، يعمل الاحتلال "الإسرائيلي" على قصف الضاحية الجنوبية، واستهداف المستشفيات بزعم أنها تحوي مقار للحزب، حيث زعم الناطق باسم جيش العدو مثلاً أن "حزب اللـه يحتفظ بمئات ملايين الدولارات بالعملات الورقية والذهب تحت مستشفى الساحل في حارة حريك"، في خطوة تهدف إلى تدمير المشفى، بعد أن استهدف العدو محيط "مستشفى رفيق الحريري الجامعي" في منطقة الجناح، في خطوة يسعى من ورائها إلى حصاد إنجاز تكتيكي، يكون بعيداً كل البعد عن كسب أي نصر أو إنجاز إستراتيجي، والبدء بعملية توسيع استهداف كل ما يخص حزب اللـه بعيداً عن الجانب العسكري، وصولاً إلى نشر حالة من الذعر، وتكثيف الضغط على المقاومة وحاضنتها والدفع بالأخيرة إلى النزوح والتخلي عن الحزب.

على ما يبدو فقد أدرك العدو "الإسرائيلي" أن سياسة الاغتيالات التي طالت قادة المقاومة في لبنان وفلسطين، لم تأت أكلها في القضاء على حزب اللـه أو حماس كما يمني نتنياهو نفسه، فذهب إلى حرب مجنونة ضد الحاضنة الشعبية هنا وهناك، على أمل انقلابها على المقاومة، الأمر الذي شاهدناه بإعادة الاحتلال ضرب شمال قطاع غزة وتحديداً مخيم جباليا وارتكاب أفظع المجازر فيه بحق الأطفال والمدنيين، والدفع بهم إلى رحلة تهجير جديدة، وهو الذي أخفق سابقاً في فك الوثاق الذي يربط المقاومة بحاضنتها الشعبية، سواء في لبنان أو غزة، وعليه فإن نتنياهو يعمل إلى إنهاء كل مظاهر الحياة والاستمرارية، خصوصاً في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، من خلال حرب التدمير والنار، بعيداً عن أي هدف عسكري للمقاومة.

ويراهن العدو "الإسرائيلي" وأعداء حركات التحرر مع كل ارتقاء قائد شهيد في لبنان أو غزة، على يوم تال بلا حزب اللـه في الأول، وبلا "حماس" أو المقاومة في الثاني، ولكن بين الرهان والواقع ثمة وقائع تؤكد أن نجاح العدو في مسألة التكتيك، لا يعني النجاح في الإستراتيجيا، وأن أكبر المعارك التي كبدت المقاومة الفلسطينية فيها الجيش "الإسرائيلي" كانت في جباليا وبعد أيام من استشهاد رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" القائد يحيى السنوار، وأن العمليات النوعية التي هز بها حزب اللـه الكيان الصهيوني كانت بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت قادة الحزب وعلى رأسهم الأمين العام الشهيد حسن نصر اللـه.

لم يسجل في تاريخ المقاومتين اللبنانية والفلسطينية خلال صراعهما مع الاحتلال "الإسرائيلي"، أن رفعا الراية البيضاء يوماً، بل إن الأيام سرعان ما كانت تكشف عقب أي مواجهة بين المقاومتين والاحتلال، كم لحق بالأخير من خسائر تكتم عنها طوال فترة المواجهة، وهو ما يجري حالياً، حيث إن الاحتلال يتكتم عن حجم خسائره الكبيرة بعدد القتلى من جنوده والتدمير الذي يلحق ببنيته العسكرية، ليكشف عن الجزء اليسير منها وبـ "القطارة"، خشية من انهيار معنويات جنوده ومجتمعه الداخلي، وتجنباً لإعطاء المقاومة حافزاً ودفعاً معنوياً وشعوراً بالنصر، بل إن الاحتلال يذهب إلى الكذب فيما يخص خسائر حزب اللـه لتدعي مؤخراً تقديرات جيش الاحتلال أن حزب اللـه خسر نحو 70 بالمئة من قدراته النارية لاستهداف مواقع داخل الكيان، وإذا كان ما يدعيه الاحتلال صحيحاً، إذاً من يقوم بقصف مواقع جيش الاحتلال يومياً، ومن أين تأتي مئات الصواريخ التي تشل شمال فلسطين المحتلة، وتدك حيفا وصفد و"تل أبيب" يومياً.. إنها يد الـله.

المصدر: الوطن

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019