هل اغتالت الحرب شيطان الإبداع؟!

الأحد 10 نوفمبر 2024 - 11:53 بتوقيت غرينتش
هل اغتالت الحرب شيطان الإبداع؟!

كان القلم والورقة رفيقين مُلازمين، كما هو حال رائحة الحبر والورق.. أما اليوم، وبسبب الأزمة الاقتصادية، باتت الكتابة إلكترونية - على "اللابتوب" - هي الغالبة، لكن عندما أكتب على الكيبورد أشعر أن ثمة مسافة باردة بيني وبين النص الذي أكتبه، لذلك غالباً ما أكتب نصوصي الأثيرة على الورق قبل أن أنقلها إلى الحاسب، هي العادة التي ربما يتشارك فيها مع معظم أبناء جيلي.

والسؤال اليوم.. هل توجد طقوسٌ خاصة عند الكتّاب يتخذونها كعادةٍ لهم مهما تقلّبت الظروف؟ وكيف أثرت الحرب وأخبار النزوح على “آلية الكتابة” لديهم؟!

الشاعرة سعاد محمد تلفت الانتباه بدايةً إلى أن الروح الشاعرة لا تأخذ عطلة، بل هي متأهبة دائماً لتلقي الإلهام. فيما يختلف أسلوب خلق نص عن آخر بحسب محمولاته واللحظة الشعورية التي ينبثق فيها، ولا تؤتى النصوصُ كلها بذات الطريقة، في أيٍّ مِن عُمْرِ الشعر، ومهما اختلفت الأمكنة التي يعيشُ فيها والظروفُ التي ولد في ظلالها”.

من هذه الفكرة التي ترجّح غلبةَ مضامينِ النصوص على مفاعيلِ الواقع وآثاره ترى الشاعرة سعاد أن “بعضَ النصوص انفعاليةٌ؛ يتحركُ جيشٌ من العواطف، لا يحتملُ التأجيل، يحمل عدّته الأدبية لينقضّ على اللحظة الملهمة ويحقق نصره الشعري. هذه النصوص تأتي خاطفةً، هينةً، كأنْ تمدَّ يدَكَ خلفَ السياج وتقرصَ خدَّ وردةٍ، وربما تدميك شوكة، لا بأس، فلنصوصنا أثمان ندفعها من أرواحنا عن طيبِ خاطر (الألم حبيبنا اللزم/تبتسم!).

و "أحياناً – تستمر الشاعرة في حديثها - يجيءُ النَصُّ على هيئةِ زفرةٍ تُخرِجُ مِن داخلك كل ما فاقَ طاقةَ تحملك من مشاعر وهواجس، فترتاح؛ إنه النصُّ العلاج! هذا النوع لا يحتاج إلى الكثير من الترتيبات النفسية لولادته، يتسرب منك كقطرة عرق، وثمة نصوص تعذبك، تنتظرها كصيادٍ في مكمنه، يرى طريدته ولا يستعجلها… للانتظار لذته الفاخرة أيضاً، وكلما تمنعت الطريدة؛ كلما كان الصيد أغلى، حتى لو هربت الطريدة، أو كبا سهمُ الشاعر لن يقلق، فبراري الروح ترهج بالأفكار الحية والمشوقة".!

لكن ألا يوجد طقس خاص لاصطياد الطرائدَ؟

تجيب سعاد محمد: أحتاجُ سقفاً وليلاً، وأيضاً عزلةً وغربة. أحتاجُ مغادرة لحظاتي العادية، ومسح الوجوه المألوفة، ثم الانفلات في غابة ذاتي حتى أتغرب عن مألوفاتي المملة، أتتبع أثرَ الفكرة ما شاء لها الطراد، وأتنشقُ الوجوه الغنية بالإلهام، ففي المناطق البكر يحلو صيد الشعر.

المصدر: صحيفة تشرين

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019