هذا ما قاله البيان الغربي بوضوح، أما ما سكت عنه وتجاهله، فهو طبيعة المسلحين، الذين غزوا حلب، وبسكوته عن كون "جبهة النصرة" أو مايعرف بـ "تحرير الشام" الإرهابية تشكل أساس الإرهابيين المهاجمين، ينكر الطبيعة الإرهابية للهجوم، ويتعامى عن كون هذا الفصيل "منظمة إرهابية" حسب التصنيف الأممي، وحسب التصنيف الغربي أيضاً، كذلك فإن البيان الغربي بعدم إدانته أو استنكاره للهجوم على مدينة آمنة كحلب، يحمل شكلاً من التأييد الضمني لهذا الهجوم، الذي تشكل النصرة "المصنفة إرهابية" رأس الحربة فيه، فهل بات الغرب مستثمراً للإرهاب؟؟! وكيف تستهين الدول الغربية بخطورة سيطرة منظمة إرهابية على مدينة أساسية في سورية؟؟! وكيف ترضى أوروبا بوجود كيان إرهابي على حدودها الجنوبية في حلب؟؟! أم إنها مطمئنة إلى قدرتها على التحكم بها؟؟!!
الغريب، أن وزير الخارجية التركي، في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الإيراني بالأمس، طالب بنفس مطلب البيان الغربي "تطبيق القرار2254"، وكأنه يردد أمراً متفقاً عليه، مع إضافة فاضحة منه، جاء فيها أن "ما جرى في حلب ليس مؤامرة خارجية"، وجاء الرد عليه من صحيفة "الإيكونوميست" الشهيرة، التي أوضحت أن "ما جرى في حلب ما هو إلا بدفع تركي"، ومن راقب وتابع مجريات غزو حلب، يشعر بأن المهاجمين منظمون مدربون مسلحون بشكل يشير إلى وجود دولة وراء هذه العملية، لأنه من المستحيل على فصائل متناحرة أن تنظم نفسها بهذا الشكل، علاوة على التسليح والتمويل والمعلومات الاستخباراتية، ويبدو أن تركيا منذ سنين تعمل على تأهيل "جبهة النصرة" الإرهابية لتصبح تحرير الشام "المعارضة" بنظر الغرب، وذكرت "نيويورك تايمز" منذ يومين، أن الخارجية الأمريكية باتت تعتبر أن «تحرير الشام» كيان مثير للقلق، يعني لم تعد تعتبرها إرهابية، وهذا ما يفضح التنسيق التركي الأمريكي فيما يجري في حلب، وهذا ما يكشف خطورة ما يخططون له على مستقبل سورية.
حلب أول تجمع بشري في التاريخ تجمع فيه الناس لتبادل المنافع والخيرات، وعلى أساس الخير العام، وعلى الخير الإنساني وحده أسست حلب، وقامت كحاضنة إنسانية مفعمة بالخير، وأصبحت كل الطرق تمر منها، وكل الثقافات والحضارات تتلاقى عندها، لذلك لا يمكن أبداً أن تعيش في ظل إرهاب ولو ارتدى (بدلة وكرافه)، ولا يمكن أن تقبل حلب بالإرهاب مهما كانت ماركة البدلة التي يلبسها، غربية أم تركية، ولا يمكن لحلب أن تستكين للإرهاب ولو دعمته شياطين الأرض كلها، لأنها حلب الخير، ودرة سورية الخيرة.
المصدر: صحيفة تشرين