بناها المهندس محمد تغرينو سنة 1630 ميلادي، وهو من الجاليات الأندلسية التي استوطنت المنطقة. وتدور عقارب هذه الساعة عكس الساعات العادية أي أنها تدور من اليمين إلى اليسار رغم أنها تعتمد نفس ترتيب الأرقام للساعات المألوفة.
يفسر المؤرخون الدوران العكسي لعقارب ساعة جامع تستور بأن المهندس الذي بناها أراد أن يعطيها طابعا عربيا اسلاميا، باعتبار أن الطواف حول الكعبة الشريفة يتم من اليمين الى اليسار كما أن الكتابة العربية تتم من اليمين الى اليسار.
فيما يروي آخرون أن الأندلسي محمد تغرينو اختار أن تتجه عقارب الساعة الى الأندلس في نفس مسار دوران الدم في جسم الإنسان تعبيرا منه على حبه وحنينه الى بلده الذي هجره قسرا.
وتاريخيا، عرفت هجرة الموريسكيين أو الأندلسيين المسلمين إلى المغرب العربي، تحديدا المغرب والجزائر وتونس، خلال مراحل في القــرن 13 والقرن 15 والقرن 17 الميلادي، وبلغ عدد الوافدين منهم على تونس فقط في القرن 17 أكثر من 80 ألف مهاجر، وأغلب الموريسكيين هم من مسلمي شمال إفريقيا، الذين صاحب بعضهم طارق بن زياد عند فتحه لإسبانيا.
في بداية القرن 17 أمر فيليب الثالث ملك إسبانيــا بعد إعادة سيطرة الإسبان على السّلطة، نظرا لضعف السّلطة الإسلامية في تلك الفترة بتهجير كلّ الموريسكيين الذين لم يعتنقوا المسيحية فسكنوا شمال إفريقيا وأقاموا بمدينة تستور شمال غرب تونس لكنهم ظلوا يحتفظون بمفاتيح منازلهم في الأندلس على أمل العودة.
وظلت ساعة جامع تستور معطلة لثلاثة قرون رغم أن تكلفة إصلاحها لا تتجاوز 4 آلاف دولار، حيث اضطر الأهالي لجمع التبرعات وجلب آليات تشغيل الساعة وتجهيزاتها الداخلية من فرنسا، فيما قام المهندس التونسي عبد الحليم الكوندي بإصلاحها والذي رجّح استمرار عمل الساعة لخمسة قرون قادمة.
ويوجد في الجامع الكبير بتستور أيضا ما يعرف بالمزولة الشمسية مقسّمة حسب ضوء الشمس ومرسومة حسب خطوط الأرض طولا لتحديد أوقات الصلاة باعتماد خيط رفيع، بناها الأندلسيون أيضا في القرن 18 ميلادي، بحسب موقع ميم الإخباري.
وتقسم المزولة حسب عدة خطوط يمثل الخط الأول توقيت ساعة قبل شروق الشمس فيما يدل الخط الثاني على مضي ساعة بعد شروق الشمس أما الثالث فهو مرور 3 ساعات عن الشروق، يليه خط رابع وهو ما يعرف بخط التأهيب لصلاة الظهر أي الوضوء والاستعداد للصلاة ثم خط الزوال أي بداية دخول وقت صلاة الظهر. وهو نفس الشيء بالنسبة لباقي الصلوات.
هي مدينة زراعية صغيرة تقع على تلال وادي مجردة شمال العاصمة تونس، ولعل الزائر لتستور يلاحظ بصمات لاتزال موجودة في الوقت الحالي لمدينة إسبانية على أرض تونس، لما تتميز به من إرث معماري وحضارة يختزلان عادات الأندلسيين وتقاليدهم المتوارثة التي لم يغيرها الزمن، رغم مرور قرون.
فالتقنية الإسبانية المتقدمة في مجال الفلاحة وخاصة "الناعورة" جعلت من هذه المدينة الإسبانية التونسية منطقة زراعية ولعل أهم دليل هو وجود الأشجار المثمرة بشتى أنواعها. كما تشتهر تستور بالموسيقى "المالوف" وهو اللون الغنائي للأندلسيين.
وتقع تستور بين سلسلة من الجبال بالإضافة إلى وقوعها في منطقة خصبة تعج بالحدائق الغناء والمناطق الخضراء. وتزيدها جمالا الأنهار الصغيرة ذات المياه العذبة والصالحة للشراب، وفي هذا الإطار يقول أحد المختصين في تاريخ تستور “إن الجبال المحيطة تستر المدينة، فصار اسمها تستور.”