التأمل وتناقضات تأثيره في مكان العمل

الخميس 16 أغسطس 2018 - 13:30 بتوقيت غرينتش
التأمل وتناقضات تأثيره في مكان العمل

أصبحت ممارسة التأمل في الغرب منذ فترة طويلة علاجاً شافياً لأمراض كثيرة، بعد أن أيدت دراسات عديدة مزايا التأمل.

ولفتت هذه الممارسة أنظار الكثير من المؤسسات الكبرى، مثل غوغل، ونايك، فاستعانت ببرامج التأمل لمعالجة مشكلات عديدة لدى الموظفين، مثل الضغط النفسي، ومعدل دوران العمالة (أي معدل ترك الموظفين للشركة)، والتغيب عن العمل.

واستُخدم التأمل أيضا كوسيلة لتحفيز الموظفين في بيئات العمل. ويعود الفضل في ذلك إلى بحث ربط بين الصحة النفسية وزيادة الإنتاجية، لكن دراسة حديثة أشارت إلى أن اليقظة الذهنية قد لا تكون الطريقة المثلى لتحفيز الموظفين في بيئات العمل.

وأجرت "كاثلين فوهز" خمس دراسات شارك فيها مئات المتطوعين. إذ استمع 109 مشاركين في الدراسة الأولى إلى تعليمات مدرب تأمل عن كيفية ممارسة أساليب اليقظة الذهنية. وقورن أداء المشاركين مع مجموعة أخرى طُلب من أفرادها أن يسرحوا بفكرهم كما يريدون.

وبعد انتهاء جلسة دامت 15 دقيقة، طُلب من جميع المشاركين تأدية بعض المهام البسيطة، مثل إعادة ترتيب الحروف لتكوين كلمات جديدة، ومراجعة وتحرير خطاب توضيحي. ثم طُلب منهم تقييم مدى اهتمامهم وحرصهم على تأدية المهمة.

وتقول "فوهز": "التأمل يعتمد على قبول الأمر الواقع، وهذا يتعارض مع تحفيز الشخص للتأثير على الوضع الراهن، إن لم يكن مرضيا، ولهذا فإن التأمل لا يمكن أن يؤدي إلى تحفيز الشخص لبلوغ هدفه".

بالإضافة إلى هذا، كان الأشخاص الذين مارسوا عملية التأمل من خلال أساليب اليقظة الذهنية أقل تطلعا إلى المستقبل، وذكر الباحثون أن ذلك قد يعيق العمليات السلوكية التي تساعد على تحقيق الأهداف.

وتضيف: "لكن فكرة أن يكون العلاج لجميع المنغصات هو الجلوس والتأمل دون أن تفعل شيئا، هو مجرد تكهن لا يستند إلى دليل علمي".

وفي الوقت نفسه، أجريت دراسة أخرى في ألمانيا وهولندا عن تأثير اليقظة الذهنية على الموظفين في بيئات العمل، ولاحظ الباحثون أن تمرينات اليقظة الذهنية حسنت صحة المشاركين النفسية وساهمت في تقليل مستويات التوتر والإجهاد، ولكن الدراسة لم تتطرق إلى تأثيرها على التحفيز.

إذن، قد تبدو الصورة ملتبسة، وما يزيد الأمر سوءاً أنه لا يوجد تعريف واضح لليقظة الذهنية، وبينما يركز بعض مدربي اليقظة الذهنية على أهمية التغاضي عن المعاناة والهموم اليومية لتحقيق مستوى أعلى من الوعي والانتباه للحظة الراهنة، يروج آخرون لأهمية إمعان النظر في التحديات اليومية والبحث عن طرق للتغلب عليها، وهاتان الطريقتان لممارسة اليقظة الذهنية متناقضتان تماما.

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019