ابتسامتهم وثقتهم بقدراتهم وأحلامهم تنسيك للحظات إعاقتهم وما يعانونه من صعوبات في الكلام والحركة نتيجة إصابتهم بشلل دماغي فيجد الزائر نفسه منشغلا بالحديث معهم عن مستقبلهم وتفاصيل حياتهم كطلاب في معهد التربية الخاصة بدمشق.
معاون مدير المعهد أمل السليمان توضح لسانا أن المعهد التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل يقدم خدمات تعليمية لرواده حسب منهاج وزارة التربية حيث تقيم حالة كل طالب وقدراته لتحديد الصف الدراسي المناسب له من الأول حتى الثالث الثانوي لتعليمه عبر كادر مختص.
ولفتت السليمان إلى أنه في حال لم يرغب الطالب باستكمال تحصيله العلمي يمكن تحويله إلى ورشات مهنية في أعمال الرسم والتطريز والتريكو والحاسوب بإشراف مدربات مختصات وحسب رغبة كل طالب ومهارته.
أما جلسات العلاج الفيزيائي حسب السليمان فتقدم لجميع الطلاب البالغ عددهم 80 طالبا وطالبة للعام الدراسي الحالي.
ومع الخدمات التعليمية والمهنية ينظم المعهد بالشراكة مع جمعية النور والزهور انشطة ترفيهية للطلاب وفقا لمعاون المدير التي أشارت إلى أن ظروف الحرب اثرت على المعهد لجهة صعوبة تأمين المواصلات المجانية كما كانت سابقا من وإلى بيوتهم كما قل عدد الكادر الطبي المختص ولا سيما في مجالات العصبية وعلاج النطق.
وفي قاعة التعليم المهني قالت المعلمة سهام العبدالله: “إن التعامل بحب وصبر مع الأشخاص ذوي
الإعاقة أساس نجاح العملية التعليمية والوصول إلى تقدم في مهاراتهم وقدراتهم على التواصل مع المجتمع”.
وبكلمات بسيطة وقليلة يصف الطالب عبد القادر الحرش 28 عاما ما يقوم به: “أحاول تصميم علم سورية وصنع الأساور من الخرز وإلى جانبه تواصل الأختان أنوار ورغد الملي تلوين لفافات ورق منشغلتين عما يحيط بهما.
ومن مقاعد الدراسة إلى التدريس انتقلت ميساء المعراوي بتصميمها وإرادتها حيث كانت من طلاب المعهد وبعد حصولها على شهادة التعليم الأساسي عادت لتصبح من كادره لتدرب الطلاب على أعمال التريكو ومهارات الحاسوب الأولية.
بشرى الآغا طالبة عبرت رغم صعوبة النطق لديها عن سعادتها بتعلم أمور جديدة على الحاسوب.
وفي قاعة التعليم النظري الفردي المخصصة لفئات عمرية مختلفة رأت المعلمة أماني سليمان أن المدرس يبذل جهدا إضافيا في تعليم هؤلاء الطلاب لكنه بالمقابل يكتسب منهم الكثير وخاصة التحدي والمحبة والعفوية.
ولا يتوقف حلم بعض الطلاب على حدود المعهد بل يتجاوزها حيث عبر طالب الصف الثاني الثانوي الأدبي علي العلي عن أمله بدخول قسم اللغة العربية في كلية الآداب ليصبح مدرسا للغة التي يحبها مشيرا إلى أن سكنه البعيد في السومرية لم يمنعه من الحضور يوميا إلى المعهد في الجسر الأبيض ليتابع تعليمه ويحقق حلمه.
المدرس علاء الدين خضر الذي يدرس اللغة العربية منذ ثماني سنوات لطلاب المرحلة الثانوية في المعهد رأى أن الأشخاص ذوي
الإعاقة قد يتفوقون أحيانا على أقرانهم بمهاراتهم وقدراتهم لجهة السرعة بالحفظ والتأقلم مشيرا إلى دور الأهل بتحفيزهم وتشجيعهم.
ومن صفوف التدريس إلى قاعة المعالجة الفيزيائية أوضحت المعالجة لميس شيخ الأرض التي بدأت العمل في المعهد منذ عام 1985 أن الطلاب يتلقون جلستي معالجة فزيائية أسبوعيا تسهمان في التخفيف من صعوبات الحركة والتشنجات كما يقدم المعهد خدمات علاج لذوي إعاقة من خارج المعهد مجانا مشيرة إلى الحاجة لمزيد من اجهزة المعالجة.
سانا رصدت آراء عدد من أهالي طلاب المعهد حيث بينت حنان كباس والدة الطالبة رهام القاضي أن ابنتها ذات العشر سنوات تتعلم الأحرف والأرقام وتتلقى العلاج الفيزيائي لكنها تجد صعوبة في تأمين مواصلات الذهاب من وإلى المعهد.
بدورها أشارت والدة الطالب كنان عمران البالغ من العمر 13 عاما إلى ارتياحها للرعاية والتعليم اللذين يتلاقاهما ابنها الأمر الذي ساعده ليكون من الطلاب المتفوقين.
و
معهد التربية الخاصة للمصابين بالشلل الدماغي للكبار تأسس في
دمشق عام 1984 لتخديم هذه الشريحة من عمر ست سنوات وحتى 35 سنة تعليميا ومهنيا وعلاجيا.