تمكنت الحرب والتفاصيل التي ترتبت عليها من نزوح وتهجير وفقد مادي ومعنوي وظروف معيشة صعبة قاسية فرضها حصار اقتصادي جائر.
من رسم الأسباب المباشرة لممارسة المرأة حقها في
العمل وجعله أمرا واقعا ،لابد منه ،وليس خيارا كما كان قبل الحرب ،وقد عرفت
المرأة السورية هذا الحق ومارسته في مهن عديدة ومواقع كثيرة ومناصب رفيعة وتنازلت عنه في بعض الأوقات ،وعلقته على رفوف الحياة ،لانشغالها بتربية الأولاد ،أغلى ما تملك ولا تضحي بعملها فقط من أجلهم بل بسعادتها وراحتها.
وتفضل مملكتها لتبقى سيدة على عرشها كما يرغب زوجها ،معيل الأسرة الذي يكد لسد حاجات بيته ،ويكافح للعيش برغد وهناء ،وهو نفسه الذي لم يجد غضاضة في مساعدة زوجته ماديا خارج البيت بعملها والتجديف يدا بيد بمركب الأسرة للوصول إلى شط الأمان وتحصينها من وجع ويأس وإحباط الحرب لدعم الصمود والتحدي الذي كان أهم أسباب النصر .
في الحرب ..تضاعفت مسؤولياتهن
حضرت المرأة السورية في الحياة الاقتصادية إلى جانب الرجل الذي لم يعد راتبه الوظيفي وعمله الإضافي يكفي لتلبية حاجات المجتمع المتجددة ،وتضاعفت مسؤولياتها في غيابه خلال سنوات الحرب على بلدي ،بسبب الهجرة أو الفقد ،وتولت زمام أسرتها ومن ظروف حياتها الصعبة نسجت نجاحات أقرب إلى الأساطير ،وأثمرت قساوة التجربة تحديا بدءا من مهن تعتمد على العمل داخل المنزل من منتجات يدوية زراعية وصناعية وتراثية إلى مهن كانت حكرا على الرجال .
وأمام نهوضها الاقتصادي ،وإصرارها على الإنتاج وكسب الرزق بعمل يدها وعرق جبينها ،والمثابرة للتغلب على الإحباط والشعور باليأس وحتى يكون للحياة معنى ،أخذت الحكومة بيد هذه المرأة بمبادرات كثيرة كتقديم القروض والدعم النفسي وتامين نقاط بيع مختلفة ،أضف إلى ذلك دورات تمكينية تدريبية لتعلم مهارات سوق العمل ومفاهيم إدارة الأعمال للقيام بمشاريعهن الخاصة .
ومؤخرا رحبت وزارة النقل بشأن رخص لقيادة سيارات النقل العامة بعد تجربة ناجحة خاضتها إحدى النساء التي ينظر إليهن كضحايا حرب ،وإذ بهن صانعات للأمل والقوة من عوزهن وحاجتهن .
أمان ومساواة في المنزل والعمل
ستة عشر يوما من حملة النشاط لإنهاء العنف القائم على نوع الجنس لهذا العام كانت تحت عنوان إنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي في عالم العمل ،وعن إسقاط هذا العنوان الأممي عمليا ضمن نشاطات جمعية تنظيم الأسرة.
قالت أماني قبيطري مشرفة المساحات الآمنة:توزعت نشاطات الجمعية على ما يقارب 95مركزا تابعا للجمعية مشتملة العيادات والفرق الجوالة ومراكز المساحات الآمنة وهي المراكز المتخصصة ضمن برنامج العنف القائم على النوع الاجتماعي وهو برنامج يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان ،ويوجد ما يقارب 16مركزا للمساحات الآمنة منتشرة في المحافظات مدعومة بفرق جوالة للإيفاء بمتطلبات المجتمع المحلي ولرفع الوعي بقضايا العنف ضد المرأة وتحت عناوين عديدة كانت جلسات التوعية التي ركزت على الشعار العالمي لهذا العام «العنف ضد المرأة في بيئة العمل » لتنمية الوعي لتشكيل خط وقائي أولي لحماية المرأة خاصة في وقتنا الحالي حيث تزداد فرص عملها التي يغيب فيها الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والإجازات السنوية ومزايا أخرى ،وتضطر للعمل في بيئات عمل غير صحية لإعالة أسرتها .
الوعي الذي يهدف إلى تصحيح بعض المفاهيم الاجتماعية المتوارثة المغلوطة حول دور المرأة الاقتصادي والذي مازال عالقا في أذهان قلة قليلة ويكون ذلك باستمرار وأوضحت قبيطري كيف ساهمت المراكز الشبابية عن طريق المسارح التفاعلية وعروضها بموضوعاتها المختلفة (العنف اللفظي والاستغلال الجنسي في بيئة العمل )في هذه الحملة .
ومن الجدير التذكير به أن العنف القائم على النوع الاجتماعي يستند على إساءة استعمال القوة من قبل إحدى الجنسين نحو الجنس الآخر بالاعتماد على الفروق في الأدوار الاجتماعية وليس الفروق البيولوجية .
وموضوع حملة هذا العام يعتمد على الزخم والانجازات خلال حملة العام السابق2017حول موضوع «معا يمكننا إنهاء العنف القائم من حيث الجنس في التعليم »وحاولت الحملة ،الجمع بين التكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعية والفنون والصحافة والثقافة والعادات والأعمال والنشاط ولفت الانتباه إلى الطرق العديدة التي يجري بها العنف ضد المرأة ، وضمان التعبئة الجماعية والمجتمعات لتعزيز المسؤولية الجماعية في مكافحة العنف القائم على نوع الجنس .