اسم ” الرصافة” هو آخر اسم معرف لها، وكانت تشتهر بلقب “رصافة هشام”، نسبة لهشام بن عبد الملك، الذي جعلها مقرا لحكمه عندما هرب من دمشق بعد مرض الطاعون الذي انتشر فيها.
الموقع:
تقع الرصافه في باديه الشام، على بعد 30 كيلو مترا من مدينه الرقه، في موقع يعد عقدة طرق تصل بين الرقة ومدينة حمص من جهة زبين الرقة ودير الزور من جهة أخرى.
تاريخها:
إنشات الرصافة على يد الآشوريين كحصن عسكري في البادية لحماية حدودهم، وذكرت في الوثائق الآشورية واليونانية.
وكانت تشهد صراعات للسيطرة عليها بين الفرس والرومان واليونانيين.
كانت تقَع في المقاطعة الرومانية “إيفوراتنسيس”، فيما كان يُطلق عليها الرومان اسم “أناستاسيوبوليس”.
والرصافة شكلت بالنسبة للرومان موقعاً صحراوياً مُحصّناً للدفاع ضد الفرس الساسانيين. ومحطة على الطريق المسمى “ستراتا ديوكلتيانا” الذي يغطي الحدود الصحراويّة الشرقيّة.
والذي بناه الإمبراطور دقلديانوس في إطار حملته الواسعة لتحصين الإمبراطورية الرومانية، وذلك بعد سقوط تدمر، التي كانت تتبع لها في العام 273 ميلادي، وهي إحدى الحصون التي كانت تنتشر في المنطقة يبعد الواحد منها عن الاخر عشرين ميلا.
في القرن الرابع الميلادي، أصبحت الرصافة مَقصداً للحج المسيحي، وقدم إليها الحجاج للاحتفاء بالقديس “سيرجيوس” الذي قتل فيها إبان عصر الاضطهاد المسيحي؛ لذلك بينت الكنيسة المشهورة داخلها.
سميت المدينة باسم سيرجيوبوليس، وتطورت حتى أصبحت مركز الحج الأكثر أهمية في وسط الأبرشيات البيزنطية، والمحسيين العرب والغساسنة.
في القرن الثامن الميلادي، أصبحت الرصافة مقرا للخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، الذي بنى فيها العديد من القصور وتحولت لمقر صيفي له، وسميت رصافة هشام، وانتشرت بها الحدائق حتى تحولت إلى جنة خضراء في وسط سورية.
استمرت الرصافة في الازدهار حتى القرن العاشر الميلادي حيث دمرها التتار خلال غزوهم الهمجي لبلاد الشام.
أهميتها:
لعب موقع الرصافة دورا مهما، إذ كانت تقع على طرق القوافل التجارية القادمة إلى تدمر والخارجة منها، وكانت تقدم الخدمات والحماية لهذه القوافل، إضافة لدروها الاستراتيجي في حماية الحدود الشرقية للرومان، كحصن عسكري مهم، ثم تحولت لمركز ديني يستخدمه اليونانيون، وعندما استوطن العرب الغساسنة بها كانت حصنا منيعا ضدد هجمات الفرس التي قادها كسرى.
معالمها:
تحوي الرصافة على مباني هامة تعود لعصور مختلفة من الكنائس والمساجد والأبنية الإدارية والخدمية، وأهمها خزانات المياه الضخمة، والتي إنشات لجمع مياه الأمطار، لخلو المنطقة التي تقع فيها من ينابيع أو أنهار.
ومن معالم الرصافة التي لازالت ماثلة إلى يومنا، سورها المنيع والجميل الذي يعتبر من أكثر مباني هذه المدينة حفظاً وإثارة للإعجاب.
ويؤلف سور المدينة الخارجي مستطيلاً طول ضلعه الشمالي 536 مترا، والجنوبي 550 مترا، وطول الضلع الشرقي 350 مترا، والغربي 411 مترا، فهذا السور الذي يحيط بأطلال المدينة على شكل شبه منحرف يبلغ طوله الكلي 1850 متراً.
ويبلغ سمك هذا السور نحو ثلاثة أمتار، وهو يتألف من طابقين بارتفاع يتجاوز العشرة أمتار، وله أربعة أبواب رئيسية مع أبواب ثانوية.
قد أظهرت التنقيبات الأثرية التي قامت بها البعثة الألمانية عام 1956، أن الرصافة أصيبت بزلزال عنيف في مطلع القرن التاسع، ما سبب انهيار العديد من ابنيتها وتصدع الأخرى، ورغم ذلك ماتزال نحتفظ بالعديد من المعالم المعمارية.