دعا مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الاجراءات لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية متسائلا هل المطلوب من سورية ان تسترعي انتباه المجلس من خلال ممارسة حقها الشرعي بالدفاع عن النفس ورد العدوان الإسرائيلي على مطار دمشق الدولي المدني بمثله على “مطار تل أبيب”.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الحالة في الشرق الأوسط: إن تقرير المبعوث الأممي إلى المنطقة نيكولاي ملادينوف تعمد تجاهل جرائم الاحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية اليومية بحق أبناء الجولان السوري المحتل كما تعمد تجاهل تسمية الأشياء بمسمياتها “فخرج ليحدثنا عن الجانب ألفا والجانب برافو” بدلا من توجيه إدانة واضحة للعدوان الإسرائيلي شبه اليومي على الأراضي السورية وآخرها أمس حيث قصف بصواريخ موجهة الأراضي السورية بما فيها مطار دمشق الدولي المدني من فوق الأراضي اللبنانية والأراضي الفلسطينية المحتلة وبحيرة طبريا في الجولان السوري المحتل في انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاقية فصل القوات لعام 1974 ما يمثل إخلالا بمهام ولايته على نحو يتنافى ومبادئ وقواعد العمل واجبة التطبيق في الأمم المتحدة ويسقط شرعية هذه الولاية.
وتساءل الجعفري: أما حان الوقت لمجلس الأمن لأن يتخذ الإجراءات اللازمة لوقف
الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضي الجمهورية العربية السورية أم إنه مطلوب من سورية أن تسترعي انتباه صناع الحروب في هذا المجلس من خلال ممارسة حقها الشرعي بالدفاع عن النفس ورد العدوان الإسرائيلي على مطار دمشق الدولي المدني بمثله على “مطار تل أبيب”.
وأوضح الجعفري أن هذه الاعتداءات ما كانت لتتم لولا إخفاق مجلس الأمن بتنفيذ قراراته على مدى عقود طويلة ولولا الدعم اللامحدود الذي وفرته دول دائمة العضوية في المجلس لهذا الكيان المارق ما شجعه على زيادة جرائمه وانتهاكاته وممارساته للإرهاب بعيداً عن أي مساءلة حتى وإن كانت شكلية وتجلى ذلك ب
الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سورية ودعمها على مدى سنوات التنظيمات الإرهابية فيها وهي أعمال لم تتم إدانتها أو المطالبة بوقفها من قبل مجلس الأمن في ضوء الموقف الأمريكي البريطاني الفرنسي الشريك والداعم لكيان الاحتلال الإسرائيلي في أعماله العدوانية.
وشدد الجعفري على أن سياسات الدول الثلاث ومواقفها في الأمم المتحدة تتنافى جملة وتفصيلا والمسؤولية المناطة بها في حفظ السلم والأمن الدوليين وفقا للقانون الدولي وأحكام الميثاق وأن استمرارها بلعب دور شاهد الزور وإعاقة اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته لن يحول دون ممارسة سورية لحقوقها في الدفاع عن نفسها والعمل على استعادة الجولان السوري المحتل.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة أن استعادة الجولان السوري المحتل حق ثابت لسورية لا يخضع للتفاوض أو التنازل ولا يسقط بالتقادم موضحا أن الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من الجولان حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 هو الأمر واجب التطبيق والمطلب الذي لا تراجع عنه استنادا إلى مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بما فيها قرارات مجلس الأمن ذات الأرقام 242 و338 و497 وأن محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتغيير الوضع في الجولان وما يرافق ذلك من تصريحات عدوانية وممارسات إجرامية محكومة بالفشل ولن تؤدي بأي شكل من الأشكال إلى المساس بالحقوق القانونية والسيادية لسورية عليه.
وأشار الجعفري إلى أن سلطات الاحتلال صعدت خلال الفترة الماضية ممارساتها وإجراءاتها العدوانية في الجولان السوري المحتل في محاولة لفرض إرادتها عليه حيث تم عقد اجتماع لحكومة الاحتلال على أرضه إضافة إلى محاولتها فرض ما تسمى “انتخابات المجالس المحلية” ومواصلة نهب ثرواته الطبيعية والتي كان آخرها الإعلان عن مخطط لتوليد الطاقة بالمراوح الهوائية على مساحة تقارب ستة آلاف دونم في عدد من المواقع المحيطة ببلدات مجدل شمس وعين قنية وبقعاثا ومسعدة فضلا عن مواصلة الاستيطان والجرائم والممارسات القمعية اليومية بحق السوريين الرازحين تحت الاحتلال بما في ذلك اعتقالهم وزجهم في معتقلات الاحتلال كما هو حال المناضل صدقي المقت وأمل أبو صالح وفرض الإقامة الجبرية على غيرهم علاوة على التصريحات العدوانية المتكررة لمسؤولي الاحتلال التي تؤكد عدم اكتراث كيان الاحتلال بالقانون الدولي وبقرارات مجلس الأمن.
وبين الجعفري أن البعض استثمر في الحرب الإرهابية على سورية وراهن على الظروف التي تمر بها بعض دول المنطقة للتغطية على الحقوق العربية ولخنق المطالبة بضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية القاضية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية لا بل حاول هذا البعض تحقيق مكاسب للاحتلال والترويج لصفقات مشبوهة لتصفية القضية الفلسطينية والحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف لشعوب ودول المنطقة وتأجيج الخلافات المصطنعة بينها بهدف إشغالها عن السبب الرئيس لما تشهده المنطقة من غياب للاستقرار والازدهار ألا وهو استمرار الاحتلال والاستيطان والاغتيال الإسرائيلي للقضية الفلسطينية.
ودعا الجعفري الدول الداعمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي إلى مراجعة سياساتها ومواقفها والاحتكام إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والعمل على إعادة الحقوق الشرعية لأصحابها وفق قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات الدولية المتفق عليها وإلا فإن مصير هذه المنظمة الدولية محكوم بتكرار فشل عصبة الأمم وللأسباب ذاتها.
وقال الجعفري: لنتذكر جميعا أن الكثير من الكوارث التي أصابت دولنا كانت بسبب انتهاك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة من خلال إنشاء تحالفات غير شرعية مثل تلك التي استهدفت العراق وليبيا واليمن وسورية وغيرها وبسبب الدعوة لعقد اجتماعات تتجاوز مجلس الأمن مثل ما يسمى الآن بـ “اجتماع وارسو” و”تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي” المعروف لدى خبراء الاستخبارات باسم “حلف ناتو الشرق الأوسط” والسؤال هنا من أين تستمد هذه التحالفات وهذه الاجتماعات شرعيتها وهل يحكم القانون الدولي وأحكام الميثاق العلاقات الدولية أم تحكمها أهواء وأجندات بعض الدول التدميرية؟ ألسنا محقين بأن نحذر من أن هذه المنظمة ستلقى مصيرا مماثلا لمصير عصبة الأمم ما لم نتصد جميعا لسياسات هذه الدول؟ إن في غياب منظمة الأمم المتحدة عن رعاية اجتماع وارسو ما يدل على أن هذا النهج لن يسهم في حل مهمة أعلنها منظمو المؤتمر حول صياغة “استراتيجية مشتركة” خاصة بالوضع في المنطقة.
وجدد الجعفري التأكيد على موقف سورية الثابت والمبدئي الداعم لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس مع ضمان حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وفقا للقرار الأممي رقم 194 لعام 1948 وأن أي إجراءات ترمي إلى المساس بهذه الحقوق باطلة ومرفوضة مشددا على أن سورية التي تصدت للحرب الإرهابية غير المسبوقة ستتصدى أيضا لكل محاولات إعادة رسم خرائط المنطقة وفقا لأهواء البعض وستسقط هذه المخططات البائسة كما أسقطت غيرها على مدى عقود.