ويعتبر حافظ رائداً في صياغة شكل مختلف للقصيدة الغزلية الفارسية، واعتبره الفرس قديماً من أولياء الله الصالحين الذين حملوا في جوهرهم الشعر والعرفان والقرآن معاً.
تكريماً وتخليداً لذكراه تحتفل ايران به اضافة للأيام التي تشهد قراءة لديوانه، مثل ليلة النيروز وليلة يلدا وأعياد أخرى في التقويم الشمسي.
وكانت قصائده وغزلياته أشبه بالمناجاة والاستخارات، فراح الإيرانيون حتى اليوم يتفاءلون بديوانه الشعريّ المرفق بتفسير مفصّل لكل بيت.
يعدّ حافظ اليوم واجهة إيران الثقافية وعنوانها التعريفيّ، فلا يمكنك زيارتها من دون أن تقرأ بيتاً له هنا أو هناك على جدران المدينة، وفي الرسائل، وبين الكتب، وعلى هدايا العشاق وطاولات المدارس.
ولد حافظ ومعه ولد الحب والغناء والأمل، وكان ذلك على الأرجح في العقد الثاني من القرن الثامن الهجري، وهو خواجة شمس الدين محمد حافظ... ابن إيران البار.
يعتبره العوام "كاشف الأسرار"، ويرون في غزلياته خليطاً من الفلسفة والعرفان والخمرة والعشق والهوى والتقاليد والعادات. وقد استطاع أن يصنع من هذه العجينة أجمل اللوحات، فتراها تعزف وتغني وهي صامتة.
ويعدّ أكبر الشعراء في البلاد، يحمل اسماً مستعاراً هو حافظ، وذلك لصلته العميقة والعجيبة بالقرآن المجيد، فهو لم يحفظ القرآن فحسب، وإنما كان عالماً به أيضاً، كما كان عالماً بالبلاغة، فعرف بالنحو والإعراب في القرآن، وتفاصيل اللغة العربية، ومفردات القرآن الكريم وعجائبه.
تعتبر هيكلية الأشعار الغزلية لحافظ، والتي تتمیّز أبیاتها بالاستقلال والتنوّع والتحویلات أکثر من أيّ أشعار غزلیة أخری، بما فیها أشعار الغزل الفارسیة التقلیدیة، متأثّرة بهیکلیة السور والآیات القرآنیة الکریمة.
أكثر من ستين عاماً ، قضاها في العزلة والسفر والحضر والمسجد والمدرسة، وكان حافظ ينكب على القرآن الكريم.
نال شعر حافظ إعجاب العديد من كبار رواد الأدب والفكر في العالم، فأكرموه حتى أصبح شاعر كل العصور والأزمنة، واعتبر جان بين حافظ الشيرازي مثل دانتي وشكسبير.
وفي بريطانيا، عُرف حافظ قبل عمر الخيام بقرن من الزمن. وفي أوائل القرن الثامن عشر، ترجم سير وليام جونز شعره.
واليوم، على الرغم من مرور 600 عام على صدور ديوان حافظ، ورغم كلّ التغيرات والتحولات التي طرأت على الأدب الفارسي، فإن شعر حافظ يتجدَّد وينتشر ويقرأ ويحفظ أكثر من أي وقت مضى، كما يتصدر دائماً قائمة المطبوعات في إيران.
المصدر: الميادين