نحن نتنقّل بين صناديق مُغلقة، من المنزل إلى السيارة ومنها إلى مكان العمل. أضحت حياتنا سجينة بين جدران تحجب عن أجسادنا نور الشمس عدا عن أن طبيعة حياتنا تتّسم بالكسل وقلّة الحركة، والنشاط الرياضي شبه معدوم إلا عند القليل من ذوي الإرادة من الناس. وتأتي نتيجة هذه الُمعطيات على شكل شكوى في الصيدلية: أنا أشعر بالإرهاق، ألم في العظام.. ربما ألم في العضلات!
أول ما سيخطر على بال الصيدلي وفي فصل الشتاء تحديداً أن يطلب من المريض التوجّه إلى الطبيب ليطلب منه إجراء بعض الفحوصات الطبية ومن بينها فحص نسبة فيتامين "د".
يُعرَف
فيتامين د علمياً بالكالسيفيرول وهو أحد الفيتامينات التي تذوب في الدهون (فيتامين أ ِA، د D، ه E، ك K) فيتامين "د" هو الوحيد الذي يُمكن أن يُصنَع عبر جلد الإنسان من خلال التعرّض لأشعة الشمس (الأشعة ما فوق البنفسجية نوع بـ UVB). هناك مصادر أخرى ل
فيتامين د حيث يمكن الإستعانة بالمُكمّلات الغذائية كالحبوب المُدعمة الموجودة في الصيدليات أو من بعض الأطعمة مثل الأسماك الدهنية، زيت كبد الحوت، صفار البيض، الفطر والحليب المدعم المقوّى.
تكمن أهمية
فيتامين د في مساعدة الجسم على امتصاص الكالسيوم من الأمعاء بشكل سليم، كما أنه يحافظ على مستوى طبيعي لعنصر الكالسيوم والفوسفات في الدم. يقوّي العضلات والعظام، يمنع من السقوط وهشاشة العظام والكسور العظمية. يؤثر
فيتامين د أيضاً على القلب وجهاز المناعة ويلعب دوراً مهماً في تجنُّب السرطان.
عند عدم توافر مستوى كافِ من فيتامين د (وهي مشكلة شائعة) ستظهر أعراضه على الشكل التالي:
- ألم في العظام
- ألم في العضلات
- ضعف العضلات ( ارتفاع نسبة احتمال السقوط والكسور العظمية)
أما النقص الحاد فقد يتسبّب بمرض كساح الأطفال أو مرض تليين العظام لدى البالغين. كما أن المخاطر الصحيّة قد لا تقتصر على العظام والعضلات بل قد ترتبط بأمراضٍ أخرى مثل: (السكري، الإكتئاب، الإلتهابات الميكروبية، أمراض القلب..).
إن شكّ الطبيب بوجود نقص في
فيتامين د فإنه سيطلب منك فحصاً مخبرياً لقياس مستوى الفيتامين في الجسم، ولن يتطلّب الأمر إجراء فحوصات روتينية متكرّرة إلا للأشخاص الأكثر عُرضة لهذا النقص.
الأفراد الأكثر عُرضة لنقص فيتامين د هم:
- المُسنّون: لأن القدرة على تصنيع فيتامين د تتقلّص مع العُمر.
- الأطفال الرُضّع: إذ أن تركيبات حليب الأطفال الصناعي تحتوي على مستوى منخفض من فيتامين د.
- النساء: خاصة أثناء فترة الحمل والرضاعة.
- أصحاب البشرة الداكنة: قدرة الجلد الداكن على تصنيع فيتامين د ضعيفة.
- الأفراد الذين يعانون من السمنة أو الوزن الزائد
- الأفراد الذين يُقيمون في مناطق ملوّثة
- الأفراد الذين خضعوا لعملية جراحية لمعالجة البدانة أو يعانون من سوء التغذية.
إن ثبت نقص
فيتامين د فإن العلاج سهل ، سيصف الطبيب الجرعة والصنف بحسب حالتك وقد تكون الجرعة على شكل حبوب أو محاليل للشرب أو حُقَن.
لا تُفرّط في تناول ال
فيتامين د من نفسك من دون إذن الطبيب لأن زيادة نسبته في الجسم قد تؤدّي إلى التسمّم وبالتالي تكوّن حصى في الكلى بسبب ارتفاع نسبة الكالسيوم في البول أو قد يؤدّي إلى الغثيان والإمساك وفقدان الشهيّة والتشوّش.
الوقاية أفضل من العلاج، ولتجنّب التعرّض لنقص
فيتامين د ننصحك بالتعرّض لأشعة الشمس ثلاث مرات أسبوعياً تحديداً بعد الظهر ولعشرين دقيقة على الأقل للوجه والذراعين والساقين. إذا كنت تعاني من مشاكل جلدية فالأفصل لك أن تلجأ بدلاً من التعرّض لأشعة الشمس إلى تدعيم نظامك الغذائي بالأطعمة الغنية ب
فيتامين د والتي ذكرناها أعلاه وبالتأكيد لابدّ من الرجوع للطبيب للتأكّد من إن كنت بحاجة لأخذ مُكمّلات دوائية أو لا.
الأعراض الصحيّة التي تشعر بها ما هي إلا إنذار جسدي يُعلِمك بوجود مشكلة صحيّة ما. كل ما عليك فعله هو أن تأخذ هذه الأعراض على محمل الجد وألا تُهملها فكم من حال مرضية كان علاجها سهلاً في بدايتها تحوّلت إلى حال مُستعصية بسبب إهمالك أنت.