حيث ألغت هذه المسابقة روتين القبول الوظيفي المعتاد في سورية والمعتمد في أساسه على المقابلة الشفهية وحولته بالمجمل إلى امتحان كتابي نموذجي من أجل القبول في وظائف وصفها مراقبون أنها غير نموذجية دخلاً وعملاً.
الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور "علاء الأصفري" أكد لـ "شام تايمز" أن المسابقة المركزية التي أعلنت عنها وزارة التنمية الإدارية ليست ذات أهمية كبيرة وهي بعيدة عن الوصول إلى النتائج المرجوة منها، موضحاً أنه في حال وجود فائض في العمالة لدى كثيرٍ من المؤسسات الحكومية ثم نطلب مزيداً من الموظفين والعمال على اختلاف الفئات فهذا يدفعنا نحو عملية تنقّل بين كافة القطاعات الحكومية لتحديد الحاجة لكي يكون هناك انسجام في العدد والنوعية، فمن غير المفيد أن يكون هنالك توظيف عشوائي.
وبيّن "الأصفري" أن هذه المسابقة هي محاولة للهروب من المشاكل الحقيقية الموجودة لدى سورية كالبطالة، والتي تتراوح بين 30 إلى 45% من عدد الشباب في سورية وفقاً لتعبيره، داعياً إلى ضرورة وجود مشاريع إنتاجية كبيرة سواء في القطاع العام أو الخاص حتى يكون هناك امتصاص للبطالة بشكل كبير.
واستذكر "الأصفري" تصريحات وزيرة التنمية الإدارية التي قالت: "إن كل المتسابقين ذهبوا باتجاه خيارات أن يكونوا موظفين بالجمارك أو المالية" والتي وصفها أنها أماكن يشتبه بها روائح فساد، معتبراً ذلك طامة كبرى وخاصة عند توجه الكثير من الأشخاص باتجاهات لديها بعض الاشتباه بالمقابل هناك ابتعاد عن وظائف في الكهرباء والاتصالات وغيرها من الأماكن.
وأشار "الأصفري" إلى عدم وجود إحصائية دقيقة لمعرفة حجم البطالة في سورية، وخصوصاً في ظلِّ توقف الإنتاج وعدم وجود مشاريع كبيرة ووجود معوقات "بيروقراطية" كبيرة للاستثمار، مقترحاً أن يكون الحل الوحيد هو وجود استثمارات كبيرة ومتوسطة وصغيرة في القطاعين الحكومي والخاص لامتصاص البطالة في اليد العاملة بمختلف أنواعها سواء النوعية أو الكمية.
واعتبر "الأصفري" أن المشكلة المقلقة في هذه المسابقة أن كثير من المتقدمين للمسابقة تقدموا لوظائف تحتمل شهادات ثانوية أو إعدادية وكان المتقدمين لها يحملون شهادات جامعية وهذا يعتبر من "البطالة المقنعة" الأمر لا يمكن أن ينظر به إلى مستقبل جيد، مؤكداً أن سورية تفتقر إلى إدارة عليا للموارد البشرية، متابعاً: "يجب أن يكون هناك فرق بين إدارة الموارد البشرية وحتمية وجودها في سورية وبين وزارة التنمية الإدارية، لذلك دائماً الموارد البشرية هي التي تنتقي الأشخاص المناسبين للمكان المناسب ثم تضع التنمية الإدارية مخطط لتنمية مهاراتهم وقدراتهم عبر مخطط مستدام ومستمر" وما يحدث اليوم هو الخلط بين هذين المفهومين الموارد البشرية والتنمية الإدارية، معتبراً إياه خطأ كبير لا بد من الرجوع عنه.
واعتقد "الأصفري" أن وزارة التنمية الإدارية لم تتمكن من تحديد فرص العمل والربط بين السوق التعليمي في سورية وبين مخرجات العمل، مشيراً إلى أن الكثير من الشبان غادروا سورية نتيجة الحرب ونتيجة تهربهم من الالتحاق بالخدمة العسكرية وبالتالي الأمر الذي أحدث نزيف كبير للشباب السوري إلى الخارج.
ولفت "الأصفري" إلى أن هذه المسابقة جعلت سوق العمل اليوم في ظلّ غياب فئة الشباب الذكور يضج بالموظفين الإناث وهذا ليس سيئ عملياً، والمشكلة تكمن هنا بفقدان الكثير من الشباب الذي هاجر والذي التحق أيضاً بالجيش، وهذا ما أفقد العمل كثيراً من الطاقات داخل سورية، مقترحاً أن يكون الحل الوحيد هو الاتجاه نحو الاستثمارات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، مؤكداً على أهمية وجود خارطة طريق للاستثمار في سورية وبالتالي يجب أن يكون هناك مخطط استثماري كبير.
المصدر: شام تايمز