وزير الثقافة الأستاذ محمد الأحمد أشار في كلمته إلى التدمير الذي لحق بالآثار السورية بالقول: طالت الكارثة بعض المتاحف فنهبت مقتنيات متحف إدلب الذي يضم أرشيف مملكة إيبلا العظيم، وكذلك مقتنيات متحف الرقة، ومتحف المعرة، وأفاميا، وبعض مقتنيات متاحف حمص، وبصرى الشام. لكن الأشد إيلاماً هو الدمار والتخريب الممنهج الذي طال المواقع الأثرية وأدى إلى اندثار كلي أو جزئي للكثير من الأبنية التاريخية والأثرية وهذا ما وقع في حلب القديمة وتدمر ودير الزور والرقة والمدن المنسية وغيرها. وكذلك أعمال التنقيب الهمجية التي تعرضت لها التلال الأثرية في كل مكان وطأتها أقدام الإرهاب النجس، والتي تظهر تدميرا ممنهجا ومدروسا لهذه المواقع وطبقاتها الأثرية.
مؤكداً على أهمية ما قام به المغترب السوري رضوان خواتيمي بالقول: هناك نفوس أبية آلمها ما وقع على تراث بلادها من ظلم وحيف فانبرت تدافع عنه وتتدخل لإنقاذه ونجدته من التداول في أسواق النخاسة الثقافية وتعيده إلى بيئته وتربته التي ولد فيها، وهذا بالضبط ما فعله المواطن السوري المغترب الدكتور رضوان خواتمي الذي نجح في استرداد قطعتين أثريتين من الحجر البازلتي عليهما زخارف دينية مسيحية تعودان إلى العصر البيزنطي، وأهمية هذا الفعل لا تقتصر على القيم المادية للقطعتين فقط ولكن على ما يحمله من قيم أخلاقية ووطنية وتربوية وإنسانية أيضا، وهي رسالة أراد أن يعبر بها الدكتور رضوان بطريقته عن عمق انتمائه لوطنه ومحبته لشعبه.
وتوجه السيد الوزير إلى المغترب رضوان خواتيمي بالقول: لقد عبرت أيها الصديق في هذا الفعل النبيل، وهو ليس غريباً عليك، عن سمو مشاعرك وعمق جذورك لأهلك ووطنك، ومحبتك للأرض التي خرجت منها فكنت نعم الوفي والمخلص لها، فاسمح لي وباسم كل السوريين أن أشكرك على نبلك وجليل عملك وجهودك المباركة والمخلصة التي أثمرت عودة هاتين القطعتين إلى ربوع المتحف الوطني بدمشق.
وختم الأحمد كلمته بالحديث عن إنجازات الجيش العربي السوري في سبيل استعادة القطع الأثرية السورية قائلاً: لقد استطاع جيشنا إعادة نحو عشرين ألف قطعة أثرية حتى الآن من المناطق التي تم تحريرها من العصابات الإرهابية، وهذا الجيش بمحبة شعبه وقيادة السيد الرئيس بشار الأسد سيبقى راعيا للتراث السوري وحاميا له وسيعيد الحرية لكل ذرة تراب مازالت سليبة من أرض سوريانا بإذن الله.
أما المغترب السوري رضوان خواتيمي فقال: أسعدني جداً تمكني من إعادة قطعتين أثريتين لهما قيمتهما التاريخية إلى بلادي ومسقط رأسي سورية، وهما كانتا موجودتان في إيطاليا ويعود تاريخهما إلى القرن الرابع والخامس وغادرتا سوريا منذ زمن بعيد ورؤيتي لهما للمرة الأولى جعلني أشعر بضرورة إعادتهما إلى حيث يجب أن تكونا، لتعود آثارنا من الغرب إلى الشرق، ومنذ عشر سنوات لم أزر سورية، وكنت أعيش ألمها وابحث تواقاً عن هدية تبعث فيها الفرح حتى وجدت ما نحتفل به اليوم، هذه الأبواب حملت وراءها 16 قرن قبل أن تحط رحالها عام 1960 في إيطاليا، لتعود اليوم بعد غربة نصف قرن، وأشكر جميع من ساهم في تسهيل عملية الاستعادة.
سماحة المفتي أحمد بدر الدين حسون بدوره قال: السيد وزير الثقافة ابن جذورنا العربية الأصيلة الذي حفظ تراث وطنه وجده وحملها رسالة للأبناء والأحفاد فائتمنه القائد على ثقافتنا، السيد وزير السياحة الذي حمل رسالة من القائد ليوصلها إلينا وإلى العالم جاء فيها تعالوا واقرأوا التاريخ الذي يحاربه العالم، أخي الدكتور رضوان خواتمي اليوم تختم بالحب والولاء لسورية، الأخ لويس في مؤسسة سمو الأمير الآغا خان الذي نقل أن سورية هي الجذور التاريخية لكل الجذور الإسلامية والمسيحية في العالم فلولا دمشق وسورية ما وصلت المسيحية إلى روما، فلقاء اليوم من أجل تثبيت جذور تاريخنا فصفقة القرن القادمة هدفها مسح الجذور العربية من فلسطين، فلماذا يحاول الإرهابيون تدمير تدمر وكنائس سورية وأموي حلب، انتبهوا إلى أن هذه الأحجار ليست أحجاراً إنما هي رسائل من الأجداد إلى الأحفاد لينقلوها لمن بعدهم وليؤكدوا أنهم أصحاب حضارة وتراث وتاريخ.
الدكتور محمود حمود مدير مديرية الآثار والمتاحف بدوره قال: تعرض التراث السوري إلى تخريب ممنهج، مما أفضى إلى فقدان وتهدم العديد من الآثار بمقابل ذلك نجد من يهتم بالحفاظ على هذا التراث وإعادته إلى جذوره وهذا ما حصل مع الدكتور رضوان خواتيمي الذي رأى هاتين القطعتين الأثريتين في مزاد علني فاشتراهما وأعادهما إلى مكانهما وموطنهما الأصلي، وهذا العمل يدل على وفاء هذا الرجل السوري الذي لم تنسيه غربته بلاده وتراثها.
يذكر بأن القطعتين الأثريتين هما مصراعا باب من الحجر البازلتي تم تهريبهما إلى إيطاليا ويعودان إلى العصر البيزنطي، يحملان زخارف نباتية وهندسية نفذت بطريقة النحت البارز، المصراع الأول للأبواب أبعاده ۱۳۸سم طول، ۸۰سم عرض، ٦سم سماكة، مفصلاته من اليمين عليه زخارف على شكل عمود له قاعدة وتاج ويتضمن ثمانية مربعات تمثل حشوات الباب على أربع مستويات في كل مستوى مربعين المربع الأعلى من اليسار فيه مشهد لثلاثة أعمدة ملفوفة بتيجانها وقواعدها يقابله في المربع المجاور مشهد لمشكاة معلقة بقوس وأنصاف كرات في الزوايا، وفي المستوى الثاني من اليسار مربع مشهد الصليب المالطي يخرج من زواياه لفائف زخرفية يقابله في المربع المجاور نفس المشهد، وفي المستوى الثالث من اليسار يحتوي على إطارين مربعي الشكل لهما نفس المركز، يقابله ثلاث إطارات معينة الشكل لها نفس المركز وفي الزوايا أنصاف كرات، وفي المستوى الرابع يُشاهد من اليسار وردة مزدوجة وأنصاف كرات في الزوايا، يقابله مشهد اقحوانة منحوتة في داخل قرص وأنصاف كرات، وبين المستوى الأول والثاني في اليسار هناك ثقب بقطر ٤سم لقبضة الإغلاق، وفي المستوى الثاني يسار ثقب آخر ٥×٦اسم لمسكة الباب.
أما المصراع الثاني فأبعاده ۱۱۳ سم طول، ۷۸ سم عرض،۷سم سماكة، يتضمن أشكالا هندسية مربعة ومستطيلة الشكل ضمن عدة مستويات، في المستوى الأعلى من اليسار مشهد وحدة زخرفية هندسية، ويقابلها من اليمين نفس المشهد، في المستوى الثاني من اليسار مربع يحتوي على نجمة ثمانية بينها دوائر صغيرة الحجم يقابله المشهد نفسه، في المستوى الثالث المستطيل في الجهة اليسرى يتضمن معينا ضمن مربع، مع وردة بأربع بتلات.
وفي المستطيل المقابل ثلاث دوائر، بداخل الدائرة الوسطى زهرة مؤلفة من أربع وريقات، وفي المستوى الرابع من اليسار مستطيل يتضمن بناء قائماً على أعمدة وسقف معقود، يقابلها هيكل رباعي الزوايا داخل قوس على عامود، وفي المستوى الخامس المستطيل من اليسار مشهد وحدة زخرفية هندسية يقابلها نفس المشهد، وفي وسط المربع في المستوى الثاني اليساري يوجد ثقب مع قطعة معدنية لمقبض الباب وبين المربع في المستوى الثاني اليساري وأسفله يوجد ثقب مستطيل الشكل للقفل.