وتشير نتائج الدراسة التي نشرت في 4 يوليو/تموز الجاري إلى أن النماذج المناخية الحالية تقلل من شأن مخاطر التغييرات المناخية، مما يشكل تهديدا متزايدا للأمن الغذائي العالمي. حيث يؤدي الاحترار العالمي إلى زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة واحتمال حدوثها في وقت واحد حول العالم، مما قد تكون له تأثيرات مجتمعية أكبر تتجاوز مجموع كل حالة متطرفة تحدث في عزلة، وهو ما يزيد من اضطرابات سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الغذاء، ونشوب الصراعات.
أحداث نادرة ومؤثرة
وقال كاي كورنهوبر المؤلف الرئيسي للدراسة والأستاذ المساعد في علوم المحيطات والغلاف الجوي بجامعة كولومبيا (Columbia University) الأميركية، إن النتائج تسلط الضوء على العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض المحاصيل في العديد من مناطق القمح الرئيسية بالعالم في وقت واحد، بالإضافة إلى دراسة مدى قدرة أحدث نماذج المناخ والمحاصيل على إعادة إنتاج العلاقات بين المتغيرات المرصودة سواء المتغيرات المناخية، أو المتعلقة بالنبات نفسه.
وأضاف كورنهوبر، في تصريح للجزيرة نت، أن النماذج المناخية تميل إلى التقليل من مخاطر الأحداث المناخية المتطرفة المتزامنة، مما قد يؤدي إلى وجود "نقاط عمياء" في فهمنا للآثار المستقبلية. وتعتمد مواجهة هذا التحدي على الوصول إلى توقعات موثوقة للظروف المناخية في المستقبل، من أجل وضع تدابير تكيف ووقاية مناسبة.
وكما يؤكد المؤلف الرئيسي فإن "الظواهر المناخية المتطرفة هي أحداث نادرة لكنها مؤثرة. وتعتمد الدقة التي يمكننا من خلالها تحديد مخاطر المناخ المستقبلية للزراعة على مهارة النماذج المناخية في إعادة إنتاج تواترها وحجمها بدقة، فضلا عن دقة نماذج المحاصيل في محاكاة استجابات المحاصيل".
وتكون موجات الحرارة كارثية بشكل خاص على إنتاج المحاصيل المحلية إذا حدثت في وقت متزامن مع ظروف الجفاف الشديدة. ويمكن أن تتسبب موجات الحر المتتالية في منطقة ما في فشل المحاصيل التي ربما تكون قد نجت من حدث منفرد.
تهديد الأمن الغذائي العالمي
وتعتبر التطرفات المناخية المتزامنة مشكلة كبيرة تهدد الأمن الغذائي العالمي، لأنها يمكن أن تؤدي إلى فشل الحصاد في العديد من مناطق إنتاج المحاصيل في نفس الوقت. ونتيجة لذلك، يمكن أن تعاني البلدان التي تعتمد بشكل كبير على واردات المحاصيل من انعدام الأمن الغذائي المتزايد، إذ يمكن أن تؤدي الندرة العالمية إلى ارتفاع الأسعار، بل قد تؤدي إلى فرض حظر على الصادرات الوطنية، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "فيز دوت أورغ" (Phys.org).
وقد نظرت الدراسة في بيانات نموذج الرصد والمناخ بين عامي 1960 و2014، ثم في التوقعات للأعوام من 2045 إلى 2099.
ووفقا للدراسة، تقع العديد من مناطق "سلة الخبز" العالمية مثل وسط الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الشرقية وآسيا، في المناطق المناخية المعتدلة في خطوط العرض الوسطى. وفي هذه المناطق، يتم التحكم في أنماط الطقس بواسطة التيار النفاث، وهو تيار من الهواء سريع التدفق يحيط بالكرة الأرضية. وقد ارتبط العديد من حرائق الغابات ارتباطا مباشرا بالتيار النفاث.
ويقول الباحث كورنهوبر "نظرا لأهمية التيار النفاث لأحداث الطقس والمناخ والتأثيرات الضخمة لتلك الظواهر المتطرفة على النظم المجتمعية، مثل الإنتاج الزراعي، فإن تحديد استجابته لتغير المناخ يمثل مشكلة مهمة يجب حلها"، ويضيف أن فهم المخاطر المعقدة المتعلقة بتغير المناخ يتطلب تمثيلا دقيقا لموضع الظواهر الجوية المتطرفة وحجمها وتواترها وتوقيتها.
وأشار كورنهوبر إلى أن النتائج تكشف أن تقييمات المخاطر المناخية الحالية قد تتجاهل القطاعات والمناطق المعرضة لمخاطر عالية من التفاعلات المعقدة للعديد من الظواهر المتطرفة، وغالبا ما ترتبط بالآليات الديناميكية في الغلاف الجوي وتغير المناخ. وهذا يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمزيد من البحوث التجريبية وتحسين النماذج المتعلقة بكل من المناخ والزراعة.
المصدر : الجزيرة + فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية