توظيف الخيال العلمي في أعمال الأدباء المعاصرين ضرورة أم وسيلة؟

الثلاثاء 25 يونيو 2024 - 09:44 بتوقيت غرينتش
توظيف الخيال العلمي في أعمال الأدباء المعاصرين ضرورة أم وسيلة؟

لكل حكاية أثر يجعل من مضامينها رواية على لسان القراء، كما تختلف البدايات والاتجاهات ي كل منها، فيما تبدو الفكرة نقطة البدء لتصوير واقع يحمل الكاتب إلى خيال بعيد عن الواقعية في أغلب الأحيان، ما ترك لدى القراء تساؤلات كثيرة حول مصدر إلهام الكاتب!!

من أين يستقي الكتّاب أفكارهم؟ لاسيما الغريبة منها... فهي لا تمت إلى تفاصيل حياتهم المعتادة المألوفة بالكثير من الأحيان، كما لا تنتمي إلى محيط ثقافتهم التي ورثوها، هل هي باستخدام المشافهة عبر الأجيال؟ ، أم تعلموها في المدارس، وحفظوها عن ظهر قلب!!.

مضامين علمية

تحولت كلمة "العلم" إلى عصا سحرية لحل أعقد المشكلات، كما دخل ميدان الكتابة أيضاً، فبات الشاهد الأكبر للكاتب على أهمية مضمونه .

عند قراءتك لقصة الكاتب أمين الساطي، وعنوانها "الشريحة الإلكترونية" التي اتسمت ببساطة السرد القصصي، وتناوله تفاصيل شاب عشريني يعاني نوعاً من فقدان الذاكرة العابر، وتناوله بعض الشواهد من بعض الحالات التي تنتابه، بين الحين والآخر، فهو يكاد ينسى أشياء وملامح كثيرة من عالمه، لم يعد يتعرف عليها، حتى إنه يكاد ينكر وجهه في مرآة الصباح، كما يواجه ضعفاً شديداً في القدرة على تعرف الأماكن والشوارع التي كانت مألوفة له، كالطريق إلى بيته، وسوى ذلك من الوقائع المؤسفة، فكان لا بد له - بعد هذه المعاناة المتفاقمة – من أن يزور عيادة أحد الأطباء، فيقوم هذا الطبيب بتشخيص الحالة وتوصيفها بأنها "نوبة فقدان ذاكرة عابر".

مع تفاقم يأسه يعاود الشاب زيارة ذلك الطبيب، فينصحه بعلاج ناجع يتمثل بزرع شريحة إلكترونية في جانب من رأسه تساعده على تنشيط الذاكرة، بما تبثه من ذبذبات كهربائية، ويتعاطف ذلك الطبيب معه - حين يعرف عدم قدرته على تكاليف هذه العملية - فيصحبه إلى مختبر تابع للجامعة، حيث يتم إجراء العملية بنجاح عبر "روبوت" جراحي متخصص.

وهنا نتلمس موقف الكاتب المتوجس من النتائج السلبية لمثل هذه الشريحة، إذ يضع على لسان بطل القصة الخارج من المختبر هذه الجملة "غادرت المستشفى وأنا أكثر ثقة بنفسي وأكثر عدوانية وتفاؤلاً بالمستقبل!!

العلم والإنسان

تتكاثر المكاسب والخسائر في يومياته بصور مختلفة متنوعة، لا يخلو بعضها من الطرافة، إلى أن تأتيه رسالة من ذلك المختبر الجامعي، تطلب منه الإسراع في مراجعته لانتهاء مدة التجربة، وهنا نسمع صوته الداخلي: "..أحسست بالخيانة، لم أكن أعرف حتى هذه اللحظة، أن هذه الشريحة متصلة بالأقمار الصناعية، وهي تزود المركز بالمعلومات عني، وعن محيطي، وأن هذه الشريحة أصبحت مركزاً محلياً للتجسس..". ويضيف إنها "شريحة فائقة الذكاء تسمح للتكنولوجيا بالسيطرة على حاملها، وتحوله إلى شبه آلة يجري توجيهها وفقاً للتعليمات"!.. وفي ذلك المركز سيبلغونه بأن هناك شريحة أخرى أكثر تطوراً، سيتم زرعها بديلة عن هذه، عندما يتم إنجازها لاحقاً، كما سيبلغه الطبيب "بأن هذه الشريحة المتطورة بإمكانها أن تسيطر كلياً على وظائف الأعضاء بالجسم، كما يمكنها التحكم بمزاجي وانفعالاتي، وتجعلني سعيداً"

وتنتهي الحكاية بأن يدفع له الطبيب مبلغاً من المال ينفق منه، ريثما يأتي موعد الشريحة الثانية.. في حين يخرج هو فرحاً سعيداً بانتظار ذلك الموعد، وهو يردد مع نفسه: "لقد أصبحت أول مرة في حياتي آلة مفيدة للمجتمع".

المصدر: الوطن

جميع الحقوق محفوظة لقناة العالم سورية 2019